الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الألم ديدن الإبداع ودفق الحياة

كرم خليل

2017 / 12 / 24
الادب والفن


منذ صباح البارحة الباكر و أنا أشعر بألم صغير في جسدي، إلا أنني لم آبه به و تجاهلته كما أتجاهل أي شيء صغير ظنا مني بأنه لا يستحق الاهتمام و بأنني أقوى منه ،و لكنه تمكن مني ليلاً رداً على تجاهلي له فتجاهلني هو و باءت جميع محاولاتي بالنوم منذ ساعات كثيرة بالفشل على الرغم من الألم الذي أخذ مني أجمل ساعات في يومي ساعات الراحة الساكنة ، إلا أنني لم أستطع ردع نفسي عن التفكير في الكثير من الأشياء في هذه اللحظات فوجدت نفسي غارق في دوامة من الأفكار التي أخذتني معها إلى مكان آخر لدرجة أنني نسيت من ألهمني إليها ألا و هو الألم .
و اكتشفت أنه بإمكاننا استثمار كل شيء يعصف بنا فحين يزورنا الألم لا يطرق البابَ ليستأذنَ، ولا ينتظر أن يأخذ موعدًا ، يقتحمُ أجسادنا بلا رِفقٍ وإنما بمُرافقٍ وهو الأرَق فتمضي الساعات الطويلة ويثقل عليكَ الليلُ بحضورهما ، تصارعهما بكل ما أوتيتَ من عزمٍ ، ترفضُ الاستسلامَ لهما وسلاحك في تلك الحرب هو النوم لكن فجأةً وبعد طول مناوشةٍ بينكما تُفاجأ بتواطؤ النوم معهما وانتصار الأرق الذي يسافر بگ إلى مدائن بعيدة عن وجعك ويرتّب لك لقاءً مع أشخاصٍ على طاولة الخيال ، تحاورهم تغوص في أعماقهم وتفهم من استعصى عليك من قبل
ثم يبتعد بگ إلى أفكارٍ أخرى يتمخّض عنها خطوةً واقعيةً في طريقٍ عجزتَ عن السيرِ فيه وأنت بكامل صحتك وصحوتك تنتشي بما أنجزتَه ، ترتب اوراقك وتنتعل ذاك الألم الذي كان قبل ساعاتٍ ألدّ أعدائك والآن أصبح هو المسبّب الرئيسي لما وصلتَ إليه
تجلسُ خلفَ مكتبگ وتبدأ بترجمة أفكارك لتولدَ أولاً على الورق ، عندها لابدّ أن تطبعَ قُبلةً على جبين الأرق بنكهة القهوة لتتخمَّر الأفكار في رأسك و تترسّخ رحلة الإبداع في حبرك متناسيًا تمامًا ذاك الألم الذي كان المُلهم الأول ، ولولا طرقاته على باب عزلتك في تلك الساعة المتأخرة من الليل لما أنجزت كل ذلك ..! ويجدر بنا التذكير أنه لطالما كان الألمُ سببَ إلهام الشعراء فالمتنبي استثمر ألم الحمّى الذي ألمَّ به وكتب أجملَ وأشهر قصائده ( وزائرتي گأن بها حياءٌ .... فليس تزور إلا في الظلام ) ولنا في الأقدمين من المبدعين قدوة لذلك كان علينا أن نهزم الألم إن فرض نفسه علينا، ونتغلّبَ عليه ليكون مصدر الإلهام في ساعاتِ الضيق تنفتح بعدها أمامنا مناراتٍ تدلّنا على الطريق الصحيح نحن جيل الشباب لا يهزمنا عدو فيكف إن كان من وخز ألم بعزيمتنا نستنهضُ أجيالاً و ننهضُ بأمم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??


.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??




.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي


.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط




.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش