الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- طربق قصيرة إلى عراس - .....أو هي كذلك ......حازم العظمة من جديد

متعب أنزو

2006 / 2 / 28
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يتحدث إليك حازم العظمة، كما لوأنك جالس معه على رصيف غيمة حبلى بالكلام والقليل من الوقت أوربما هو المكان المتبقي للشعر بمعنى من المعاني, أصغِ إليه، فصوته يحررك، وحين يتكلم تشعر وكأن الكلمات ترتمي على جرف صخري كذلك تفاجأ بأن العالم يتسع أمامك، إنه يرتاب بكل إغواءات الانتماء، ويركن إلى الروح بعيدا عن العقل والديالكتيك والإبحار والانسحاب ، لكي يلغي تربيتنا البالية، وهو لا يتوقف عن إيقاظ هذا السرّ، ويرحل وسط التشنج والارتعاش، ويحتفي برهابه أيما احتفاء، ومن ثم بإمكانه تفكيك شاعرية مبهمة إلى حد , وقيادة قارئه إلى بيداء تكاد تقض مضاجعه , ليأتي الشعر مهذبا شكل الحياة ومفاصلها الحسية على وجه التحديد, بعد ذلك أو ربما أيضا قبل ذلك كان حازم العظمة قدعثر في ديوانه الاول " قصائد أندرو ميدا " على مفاتيح جملة شعرية ناتئة في تجربة الشعر السوري لجيل الثمانينيات إن صح التعبير, جملة تكاد تجنح إلى شكل تصويري في ارتياد إمكانات اللغة . وهو لذلك ذيل إهداءه لي في ديوانه الثاني " طريق قصيرة على عراس " بالقول : هذه لوحات أيضا .. ولكن بلغة اقل .. تجريدا ربما " ديوان صادر مجددا " وربما تجريدا أيضا " عن بيت الشعر السوري. أما " عراس " فهو على ما أذكر "أسم علم مذكر".. شيء من هذا كان قد قاله لي حازم العظمة يوما ما قبل صدور الديوان. ثمة هناك مايحيل إلى ذلك و اقصد إلى الطاقة التصويرية في القصائد كمثل " العالم كما لونته لاورا فيديريتشي_ معطف بلون القرميد _ إمراة بالاحمر _ طريق بموائد حجرية وتلال _ خطوط مائلة _ الفتى في المنصة المشغولة بالريح _ مقطع بمصاطب واطئة _ ثيل أسود بخلفية تلال حمراء .... وأيضا المطولة التي عنونها حازم ب"عن السلسة والسراة وريف الصخور "
لنتخيل من الزاوية التي يقف فيها حازم العظمة اننا نرى "محمد دريوس –صديقه " في شوارع باريس عام 1871 في الوقت المفترض للكمونة أو جذع شجرة فارع في النافذة أو طرق بحرية جانبية وشباك صيادين و أسماك قرش أوربما شيخ " ارنست همنغواي " لنتخيل أيضا سفن وأغان إغريقية , مقطع بمصاطب واطئة , بجدران طين ثخينة , بحواة وموسيقيين , موانئ ودلب وشيح ومواكب من سهوب قمح ذهبية ... وأيضا ممرات برمل ابيض وبوابات .
أشياء من هذا القبيل ينسج بها حازم عالم مواز ببوابات موصدة بينما يلتفت جزافا ليوزع ابتسامات لكل من " فارس البحرة _ أحمد تيناوي _ محمد دريوس _ أكرم قطريب _ إبراهيم الجبين _ "وغير هؤلاء ممن سكنوا خيوط الكلام في المقاطع الشعرية التي توزعت ضفاف القصائد.وهو أي حازم العظمة يدفعنا بذلك إلى عدم الاقتناع بضرورة استنتاجاته بالصورة التي جاءت عليها, وذلك ليس ادعاءً شعرياً على كل حال.... هو فقط يحاول تشذيب إحساسه المباشر, لجعله بارداً ومحايداً أكثر فأكثر وليتسنى له أن الادعاء أن الشعر مبنى ومعنى, وأن ما يقع خلف هذه الجملة وما يليها هو ما يشاء كتابته..... لكن القصيدة والحال هذه تقع لتبدو وكأنها تعليقاً على حدث بدواعي إغفاله وتقديمه كأمر نافل يفيض عما فيه ليخبر ما يتعداه.
يقول في"البوابات التي لا تفضي لشيء":
لا شيء يختلف حين تعبر....البيوت الحجر نفسها ...الشرفات نفسها ...حديدها المشغول...على هيئة أزهار الخس ...الثياب في الشرفات تتشابه ...أزرق, احمر, أبيض ...مسقط الماء وراء السور ...يشبه مسقط الماء أمام السور ...الناسجات...يصبغن أثوابا في ضفة النهر ...بالأزرق النيلي ...يجففن الملاءات على نحاس الصخور...أو على العشب ...لاشيء يختلف حين تعبر...سبع بوابات ... بينها الأسوار... ولا تفضي لشيء
وهو حال اللغة أيضا التي تدور في ذات الفلك الذي تطرقنا إليه آنفاً، لاسيما أنه ينطلق من قناعات ذاتية وشخصية يحاول تهذيب تكرارها وإحالتها إلى فرضيات، اعتاد الارتهان لها والتخفي فيها بإعادة إنتاجها على الدوام. ‏ وهكذا حتى يبدو للقارئ أن الأثر وكأنه أشبه بدائرة، كلما وضعت أصبعك على نقطة، لحقت بها النقطة التي تليها دون أن يدعك حازم التقاطه بإحكام. "خمرية من نسق بحرف الخاء " تعلن عن ذلك صراحة.أيضا قصائد الأبراج " الدلو , الجوزاء , القوس , الحمل , الثور " كذلك مقطوعات التتابع " سراة 1 سراة 2"
وبالعودة إلى مواجهة العمارة الشعرية التي ينشئها الشاعر ... نجد أنفسنا بمحاذاة حالة وجدانية لروح باطنها ظاهر وظاهرها باطن..... وبما يشبه حالة الإفصاح الإرادي المخطط عن رؤية فنية آنية, يرمي حازم بسرده الشعري انطلاقا من ارتباط واه بما يسمى العالم الواقعي. وهو محلّف بأدوات ومنهج متماسك, وروح صناعة تكاد تلخص بمجملها, فحوى مغامراته التأليفية ويؤكد من خلال نص موارب على استخدامه كإعلان عن انفصال الذات عن الصورة المشتركة والمألوفة للواقع المعاش.ويبدو ذلك واضحا من خلال إمساكه بمطولته " عن السلسلةوالسراةوريف الصخور "
المعنى الآخر والموازي الذي يشد حازم العظمة إلى طرائق موحدة و خاصة في شكل القصيدة واللغة وموسيقى الشعر وهو بذلك لايقوى على مغادرة موقعه من الكلام في ديوانه السابق وإن علا كعب نصه الشعري في " طريق قصيرة إلى عراس "
وربما بفعل هذه الأسباب مجتمعة سيبقى قارئه غريبا عن امتيازاته في اجتراح صور شعرية مكثفة تقطع كل الصلات " لناحية مفردات الكتابة الشعرية الآنفة " مع تجربة الشعر السوري ,
أقله ما خرجت به التجارب الشعرية من الثمانينيات إلى الآن
الكتاب : طرق قصيرة إلى عراس " شعر "
الكاتب: حازم العظمة
الناشر: بيت الشعر السوري / 2006 /








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح