الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحب ألذ جنونٍ ، و ألطف سلطانٍ

يوسف حمك

2017 / 12 / 25
الادب والفن



الحب شهابٌ يتسلل إلى خلجات القلب خلسةً ، يمنح دفئاً لا عهد لجوف الصدر به البتة .
يناول النفس جرعةً من التخدير لأمدٍ طويلٍ بلا صحوةٍ .
يداهم الروح ليغوص في غورها ، فينتشي ألذ نشوةً ، و أعنف وجعاً .
يغزو الفكر بوابلٍ من التشتت الذهنيِّ ، و انعدام التركيز .
يظل حياً في ثنايا الأفئدة مهما رموه بقذائف الاعتراض ، أو أمطروه بسهام عدم الرضا ، بل يخضل منها عشقاً و كلفاً .

و هو حجابٌ يمنع من الرؤية السليمة للعيوب و النقائص . كما يسد الأذن لئلا يسمع ما لا يحظى باستحسانه . لذا فقد قالوا : ( حبك للشيء يعمي و يصم ) .
و في ذات السياق يؤكد الفيلسوف اليوناني إفلاطون : ( الحب أعمى ) .

لا يطرق الحب الأبواب زائراً عارضاً ، و لا يستأذن بالدخول ضيفاً ، بل يخلع الأبواب مداهماً كمستعِمرٍ مستبدٍ – مرحبٍ به – ليذيق المستعمَر المستعبد ما طاب و لذ من صنوف السعادة و البهجة ، و ألوان انشراح الصدر على طبقٍ من أرق المشاعر ، و أنقى الأحاسيس و أعظمها لطفاً ، و أكثرها صفاءً و نبلاً . مقابل عذابٍ يفتت الصخر الصلد .

لكن الحب يموت شوقاً إذا خاصمه الفراق ، و يقتله عطش الحنين إذا عاداه الهجر ، و ينتحب حسرةً إذا تعذر عليه اللقاء بمن يعشق .
و من أجل هذا فهو للوقت كالسياسيِّ المخادع حين اللقاء ، يختصره بالتسلط على الذاكرة فيضللها باستبدال الساعات بالثواني . إذا استغرق اللقاء يوماً كاملاً يخيل أنه لحظةً ، أو لا تتجاوز لحظتين ، و ذلك من فرط المسرة و الابتهاج .
و في الافتراق كالحكام ينتهج نهجاً انتقائياً في القوانين و الدساتير المطاطية ، فيعكس نظريته باستبدال الثواني بالساعات ، و يختزل الأيام بالشهور و الأعوام .

و في تقييمه مكارٌ يجعل العار فضيلةً ، و القبح وسامةً . فالمحبوب ملائكي الطبع و لو كان مجرماً شريراً ، و هو الأجمل بالكون كله ، لا شبيه له في الحسن و البهاء بكل الأصقاع .
فقد سألوا عاشقة هتلر ( أيفا براون ) : كيف تحبين شخصاً دموياً كهتلر الذي تسبب في زهق أرواح الملايين من الأبرياء . و أنت بهذه الرقة ، و هذا الجمال ؟! . فردت : ( لا يعنيني ماذا يكون ، و ما يفعل ؟ ، المهم إنني أحبه ..) .
كما أن الحب مخادعٌ يسرف في إضفاء الجمال على أشياء تخص المحبوب ، و لو أنها توازي مثيلاتها بنفس الدرجة من السحر و الإشعاع .
فهذا أحد المحبين و العشاق يقول : ( إني أرى الشمس على حيطانها أحسن منها على حيطان جيرانها ) .

و الحب ساحر يحول الضعيف فارساً مغواراً ، لا يشق له غبار، حين التوجه للقاء الحبيب .
يقتحم المخاطر بقلبٍ أشد من النار ، و أقوى من الحديد .
و مضللٌ يجعل البخيل الشحيح مسرفاً باذخاً ، يرخص أثمن الأشياء هديةً ، لتنال إعجاب المحب .
فَهَمُّهُ الأوحد إقحام روحه في القلب و إسعاده .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د


.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل




.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف


.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس




.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام