الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيرة جدًّا

أنوار الأنوار

2017 / 12 / 26
الادب والفن


الموج خلفيّتنا الموسيقية. كنتَ تقاطع حديثك بتأمّل سرب عصافير غزلت فوقنا رقصات الحريّة. وكنتُ في سرّي أشتم فيروز التي سبقتني إلى الصورة فيما أرتشف نظراتك المتجلية. نسجتَ منها رقصة تمرّرها بين ارتماء الشمس في حضن البحر وبين السّرب المحلق فوقنا. توقفتَ قليلا:" أن تكون مبدعًا يعني أن تمارسَ الخلق" قلتَ، فسارعت نظراتي إليك مجددًا :" لن أملك أن أبدع معك بخلق صورةٍ ما دامت تلحّ عليّ فيروز :"تشرب من فنجانك وأشرب من عينيك"..
رميتَ إليّ بنظرةٍ مبدعةٍ خلقَت فيّ شخصيةً شبقَت الحياة بجرعة لهفة.
ارتفع الموج. فرّت العصافير.. وظلّت نظرتي معلقة ًعلى سرب نظراتك وعلى فيروز التي سرقت مني الصورة.
وعدتَ تشرب من فنجانك وعدتُ أرتوي من عينيك.
***
كنتَ تغزلها مجبولةً بسحرك.. وكنتُ أضمّها ثمّ أدسّها في قلبي مخفيةً بين النبض، قبل أن أسرع إلى خلوتي كيلا ينتبه أحدٌ إلى عبّي ينتفخ بها .وما أن أطمئنّ للعتمة تنسدل في المكان حتى أستلّها وأصير أفرطها نبرةً نبرةً، أفتش بينها عن سرّ ذاك السحر ..
مرةً، باغتَّني ذات عتمة ، وسمعتَني ألحّ بالسؤال على آخر نبرةٍ من ضحكتك يائسةً من بَوحها بعدما فرطتُ النبرات كلَّها عبثًا..فاضت منك ضحكةٌ فاتنة أخرى، وتوغّلَت قلبي من جديد. انتفخ العُبُّ فاضحًا، وضاع السرّ بين النبرات مختفيًا، وبقيتُ ألوذ بالدهشة مما انهمرَ من ضحكاتك كسَيلٍ أحتاج عمرًا آخر لفَرطه، دون أن أدرك أبدًا للسحر سرًّا...
***

لا أحبّ النهايات الباهتة . نغرس صبّارًا- قلتُ-. يحتمل العطش والوحدة بعد إذ نغادر. بلساني ألعق شوكاتِه وأفسحُ للزهرة أن تشرق في المكان.
لم تقل لي ادّخري لسانَكِ للأشواك المتكاثرة في دربك القادم إذ تعبرينه وحيدةً. هو النيم -قلتَ- شجر النيم يسمّونه. يعمرون به الجدبَ فيستحيل غاباتٍ يانعة. ويكتفي برشّة مطرٍ يتيمةٍ حين تبكي السماء رحيلنا. ستتصحّر هذي الأرض من أغاني الحبّ ورقصات الدفء التي ياما بعثنا. لكنها ستزهو إن وجدَت ما نزرع للذكرى.
وقلبك الذي كان وطنًا. سكبتَ منه حنانًا ساخنًا..ومني انسابت أغنيةٌ اعتدنا ترديدها. لم نتفق على نبتةٍ تجيد الصمودَ في وجه الجفاف. رسم كلٌّ منا اسمَه فتعانق الاسمان ونبتا ألوانًا.. تركناهما يخلّدان لوحة ما جمعنا من صدقٍ طويلاً.
همست: الحبّ أن تجيد الفرقة بما غمرتك الرفقة.
سلخ كلٌّ منا ذاته من الآخر ومضى في طريقٍ غريب.. بينما أسدلت السماء ستارَها على اللوحة المدهشة، وحلفَت أن تسقيها كلما اشتاقت لما كان في تلك البقعة.

***
العصافيرُ التي غزلتُ بعمري ريشاتِها، غنّت على شجرات خصمي، ولم أحزن. لم يبدُ الأمرُ كئيبًا. لم تنشج سقسقةُ أحدها. لم تنفرط الريشاتُ ولا خابَ التحليق.. أرسلتُ لكلٍّ منها قبلةً، وحملتُ مغازلَ روحي وكنزيَ الوحيد : أني إن لم أجد شجرةً أبني فيها عشًّا جديدًا غرستُها وبنيتُه ..
***
بعضنا أخذَته الصدمة فوقف ذاهلًا، والبعض تسابق للتفرّج على عوراتك، وكان منّا مَن راح يلومك ويوبّخك، إذ رأيناك في ذاك البرد القارس تخلع عنك كلَّ ثيابك، وتسير عاريًا ووحيدًا نحو الغابات الشائكة.. استوقفك أحدنا صارخًا مسكونًا بالشفقة:" إنّ الثياب مهما كانت تظلّ أسلم من هذا العري الكامل في عزّ البرد المميت"، بينما صرختَ تصرّ بأنّها خانتك، وكانت مبطّنةً بأسنان نهشَتك.. كانت تغلبك الدمعة مجبولةً بالشهقة مرةً، ويخاتلك الكبرياء فتشمخ أخرى، وأنت تقسم مكررًا أنّك قد آمنتَ يقينًا بأنها من حريرٍ قبل أن تعضّك، ثمّ زفرتَ أنفاسك كأنما تتخلص منك، قبل أن تعاود سيرَك صارخًا: ما أقدس العُريَ إن كانت الثياب خائنة!
***
كان الماء منشغلًا بالبكاء على صورك المعلقة على الجدار الهشّ إذ ذوت ضحكاتك . كانت الآنية تلملم حسرات الورود الذابلة من غياب الماء. وكنت أراقب دمع الآنية حين سمعت نشيج العبق : لا جدوى من أيّ جمالٍ لا تعانقه عيناه.

أنوار الأنوار
كاتبة من الجليل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأملات - كيف نشأت اللغة؟ وما الفرق بين السب والشتم؟


.. انطلاق مهرجان -سماع- الدولي للإنشاد والموسيقي الروحية




.. الفنانة أنغام تشعل مسرح مركز البحرين العالمي بأمسية غنائية ا


.. أون سيت - ‏احنا عايزين نتكلم عن شيريهان ..الملحن إيهاب عبد ا




.. سرقة على طريقة أفلام الآكشن.. شرطة أتلانتا تبحث عن لصين سرقا