الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ريش الطير قوتنا الأخيرة

محمد علاء الدين عبد المولى

2006 / 3 / 1
الادب والفن


في الليل تندلع القصائد من نهود خيالها
وتشبّ أنثاها مطيّـبةً
مشنشلةً بأجراس الغوايةْ
في كلّ ليلٍ خطوة وإشارة
رمز وآيهْ
شهبٌ تدقّ ظلامَ وحدتنا
وتحفرُ في ضريح الرملِ
آبار البداية والنهايةْ
الكون يدخل في نفـقْ
مستغنياً عن طقس تموز
ليحصده ويطحنه القلقْ
كونُ, وليس لديهِ من يملي عليه رسالةً
في آخر اللّيل الغريق بنفسه...
صمتٌ...وموتى يرصدون الطّالعَ الميئوسَ منه
هي العيونُ مقالعٌ ثلجيةٌ
لا روح في الأرواحِ
لا ألواح تُـبلِغ عن مراميها
رئاتٌ أُتخمت بسعالِ ماضيها
طفولاتٌ معلّبة
ولا يبكي على أحدٍ سوى الشعراءِ...
هم سهرُ النهارِ على سرير الليلِ
مولودون من نومِ الكواكبِ فوق بركانٍ
ومنصهرون كالحمّى
ومرضى بالعبورِ المستحيلْ
فئةٌ تذيعُ جموحَها في الأرضِ
رائيةً جمالاً مطلقاً
في كل نسبيّ جميلْ...
......
في اللّيلِ تنسحب الجبالُ إلى مخابئها
ويبقى الكون أعزلْ
إلا من الشّعراء
ينتشرون مثـلَ صفيرِ قاطرةِ الوجودِ
ليحرسوا شبق الحياة من الذبولْ
وينظّفوا للشمس صندلها
يرشّون النّدى فوق المآذنِ
علّ موعدَها الرّخيمَ يضيء أجملْ
كنا سحاباتٍ مهاجرةً لها كل الفصولْ
نختارُ أولَ عشبةٍ منسيةٍ
لتدلّنا أينَ الطّريقُ إلى الحقول
اللّيلُ شيخٌ مثقلٌ
وعصاه نجمُ سهيلَ
والعشّاقُ ينشغلون في عدّ النجومِ
على الأصابعِ
سوف تنمو في الأكفّ زنابقٌ بيضاءُ
والفتيات ينقشن الخواتمْ
ويـُدِرْنها حول ارتعاش الحلمة الشقراءِ
حتى تأخذ الشبقَ الملائمْ
وابن القصائدِ وحده يصغي لما قد لا يقالُ
ووحده ظلّ الجمالُ مقيّداً فينا...
فيا حرّيّة الأمواجِ
كم مكسورةٌ ألواحُنا الأولى؟
غرقنا مرّةً في قطرةِ العنبِ المقدّسِ
ثم طلَّـقنا عجوزُ البحر...
يا حرّيّة المجنونِ في أرضٍ من الشّبهاتِ
نحن نبيّكِ المطرودُ حتى من قيامته
خذينا
لضلالنا الشّـفافِ...
أجدرُ نحن بالذّوبانِ في عطرِ الخلودِ
ونحن أقربُ ما يكونُ لأن نكونا
هل نحن من نسلِ الذبائحِ في مقام الكاهن الأبديّ؟
أم معنى القرنفل في ضمائرنا
ونحن – سلالةَ الشعراءِ –
جوّالونَ تحت نوافذِ الأسرارِ
نعزفُ للأميراتِ اللواتي اجتاز سورَ خيالهنّ
الساحرُ الذهبيُّ...
نطلقُ في ضفائرهنّ أسرابَ الفَراشِ
على الخصورِ نديرُ كوكبَ خمرنا
وننوّعُ الأحلامَ في أدراجهنّ
نعلّم الأبوابَ أن الشعرَ ضيفٌ طيبٌ
فلتنفتحْ أعلى حنينا
شعراءُ من طينِ الجحيمِ
فان أضأنا جنةً
وأفاقَ بينَ أكفـّنا نهرٌ
وغطينا رؤوس النائمين بشاطىءِ الأقمارِ
والتبست علينا الماءُ
حتى ظنّ ظامئنا بأنّ النهرَ شعلةُ ربّةٍ
فلتعذرونـــا...
وإذا أعدنا التسمياتِ جميعَها
ستفاجأون بأنّ قبلةَ عاشقٍ
تكفي لإخصابِ النباتِ
وأنّ ريشَ الطيرِ قوّتنا الأخيرةُ
والمجازَ له يدانِ وخطوتانِ ورقصة أزليّةٌ
سيعودُ شَعرُ القمحِ أِشقرَ
والعروسُ تبوسُ في المرآة فتنتها
تخبّىءُ في السلالِ ظلامها
وصغارها الآتينَ...
حتى تـُلْبِسَ الذكرى عباءاتِ اليقينْ
شعراءُ مازلنا نَـزِينُ فراغنا بالعطر
والظلماتِ بالقنديلِ
ما زلنا نرى أنّ امتداحَ الأرضِ
حقّ الياسمينْ
ولقد نرى في وحشة الطاغوتِ أن يديهِ
عاجزتان عن حمْـلِ الندى
ولقد نرى أن اتساع الغول في أعماقه
سببٌ لموتِ النورِ في أحداقــه
شعراء... يتخذون منزلهم على عشبٍ حزينْ
من كان منكم دونما يأسٍ ليرجمنا
ولدنا صدفة, ونموتُ,
لكنّا سنحيا خالقينْ...
......
......
ما أوحشَ الشعراءَ
يفتحُ يأسهم باباً على الفردوسِ
ثم يغادرونَ الأرضَ أغربَ من نبيّ فاتنٍ
صلبوه وهو يصوغ لؤلؤة المعاني
شعراءُ... حطّابون في غاباتِ أوهامٍ
ومحترفو جنونْ
يتأبّطون دمارهم وعلى الخواءِ يراهنونْ
ويجمّلون الأرض حتى يستطيعَ الفجرُ
أن يأتي خفيفاً
يوهمون الأفقَ أنّ الله
أجملُ من غموض الساهرينَ
على حمايته وهم لا يعلمونْ
ما أحزنَ الشعراءَ ينشطرونَ مثل البحرِ
كي يعتادَ عشاقٌ على ترميمه
ويغادرون العمرَ فوقَ خيولِ خيبتهم
وكيف سيصهلونْ
وهم الذين بكل وادٍ يقتلونْ ؟
......
......
نرخي على أيّامنا عشباً خرافياً
ترانا في البراعمِ جالسينَ
نشيّدُ الدنيا ونهدمها
وننْصُبُ للخريفِ محاكماً مائيّةً
ندعو الخلائقَ والحمامَ وأمسَنا
لشهودِ قدّاسِ العدالةِ
كيفَ لم نبصرْ على أطرافِ غابتنا الذئابْ
يتقاسمونَ دمَ الغزالةْ
كنا نكرّرُ رقصةَ الينبوعِ في سفحِ الجبلْ
وعدوّنا في ليلنا ينمو كفطرٍ...
فجأةً كبرَ العدوّ,
ابتاعَ من أطفالنا كيسَ الضبابْ
شعراء مخدوعون من تلقاء دهشتنا
نطنّ الأرضَ إرثَ جمالنا
ونقيمُ مملكةً ونقعدها على تفاحة
سقطتْ زمانَ الصيدِ سهواً من يد امرأةٍ
تؤجّلنا وتسكنُ في الذهبْ
أنغادر الليلَ البهيمَ مجرّةً
وقعتْ نيازكُ من تبَعثُرِها
وقد صدمت بفوضى من تعبْ
نبني لنا كوخاًُ جديداً قربَ نهرٍ لا ضفافَ له
ونخترع الزوارقَ من أصابعنا
ونسترضي إلهَ الخمرِ يسمحُ للشفاهِ
بأنْ تبلّ خريفها وتعيدَ تحريرَ العنبْ
من سجنه الحجريِّ
تمتلىءُ الخوابي بالحنينْ
شعراء... أصلُ النارِ في مدنِ الصقيعِ
يسارعونَ إلى الرجوعِ إلى أغانيهم
وينعتقون ممّا كان حرّرهم
ويبتدعون قيداً ثانيا ليحطّموهُ
وهم بنوا برجَ الرؤى ليحاربوهُ
أتوا على وطن اللغاتِ ليهجروهُ
تصعلكوا وتصعلكوا
لمّا بغى هذا الخرابُ المهلك ُ
لا بدّ منهم
لا بدّ من فوضاهمُ حيناً,
ومن إقصائهم حيناً ليكتمل البيانُ
لا بدَّ من تجميعهم في وردة حمراءَ
يضفُرها بعروته الزمانُ
لا بدّ من تحصينهم بالحبّ
حتى إن طغى حجرٌ عليهم
فتّـتوه بالحنانِ
وإن عصتهم مهرةٌ خضراء طافوا سهلها
في قلبِ كلّ مولّهٍ منهم حصانُ
فلتغفروا أخطاءهم حتى يتمّ الله هيبته
وتستدعي الرياح سحابها من قلعة الذكرى
لتنبتَ صخرةٌ حجلاً
ويحملَ بالربيعِ الأقحوانُ
لا تحرموهم من حصادِ جمالهم
هم يحرسون دموعهم
لتسيلَ ألطفَ من حروبِ القبح,
يقتاتون من صبّارِ شهوتهم
لتبقى الأرضُ أنظفَ عندما تخطو عليها
سيداتٌ عندما يرهزْنَ تنتصبُ الحدائقُ
والهواءُ يضاءُ فيهِ الزعفرانُ
لا تهجروهم...
من بقيّةِ هلوساتِ السحرِ هم
هم خارجَ الميزانِ
قبل صدى الطّفولةِ يسكنونْ
يتأمَّلونَ الرّعبَ في لعِبِ الطبيعةِ
ثمّ يقترحون أن يتدثروا بجنونهم
ليحلَّ في الوعيِ الأمانُ
لا بدّ منهم كيف كانوا...كيف كانوا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان