الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سابع جار ... دراما الأماكن المغلقة

رياض حسن محرم

2017 / 12 / 28
الادب والفن


كثير هو الجدل الذى دار حول ذلك المسلسل بين المديح والنقد، وكثيرون إختلفوا بين طلب المنع والإباحة، وبين ما ذكر عنه هوخروجه عن عادات وتقاليد المجتمع، كل ذلك دفعنى الى البحث عنه على اليوتيوب لمشاهدة مقاطع منه، وما إن بدأته حتى إستغرقنى ذلك العمل الذى أبهرنى الى حد كبير بلغة حواره وبنائه الدرامى وإستمريت فيه حتى نهايته حلقته الأخيرة، أعاد المسلسل للذاكرة فكرة دراما العمارة أو العقارأوالمجموعات المتجاورة فى فضاء مغلق وهذا النوع نجده فى كثيرمن الأعمال العالمية وخاصة أدب ودراما أمريكا اللاتينية التى تتصدر القمة منذ فترة، وأعادنى العمل الى "عمارة يعقوبيان" ذلك العمل العبقرى لعلاء الأسوانى الذى أمتعنا كرواية وبعد أن تم تجسيده فى شريط سينمائى وما زال يضيئ كعمل متكامل، يتناول سكان عمارة واحدة بحى يعتبر راقيا بالمعنى القديم، ويتغمس بين سكان الشقق المتجاورة وما تخفيه من أسرار.
بداية فهذا العمل يتماهى مع الأعمال الدرامية غير المصرية التى تعرض يوميا على شاشاتنا من دراما تركية وهندية ومكسيكية وغيرها من دول العالم المختلفة، قد يكون صادما لبعض فئات المجتمع الغارق فى ثقافة تقليدية محافظة، فى بعض جمل حواره ونوعية شخوصه ولقطات درامية متفرقة منه، من المشاهد الصادمة للأسر المحافظة أن تشاهد فتاة تشرب السجائر أو تحتسى البيرة، أو أن تزورأعزبا فى شقته، بالإضافة لبعض التعبيرات السائدة بين الشباب مثل (فشيخ وإحلق له)، وفتح موضوع "يعد من المسكوت عنه أو من المحرمات" وهو غرام الأطفال أو اليافعين بين 14-18 سنة فى الدروس أو السناتر التعليمية، ربما كانت تلك الصدمة مقصودة لإفاقة بعض الغافلين ليعلموا أن العالم يتغيّر من حولهم وهم لا يدرون، ولإثبات أن هذا يحدث بالفعل، بل يحدث كثيرًا جدًّا، وعلينا أن نرى أنفسنا على حقيقتها بدلا من دفن الرؤوس فى الرمال، ما أثار إستغرابى هوالتحديد العمرى للمشاهدة لمن هم أكبر من 12 سنة بالرغم من أن العمل يذاع متلفزا، وإن كان فد تم تغيير التصنيف فى الحلقات الأخيرة لمن هم فوق 16 سنة دون مبرر أو شرح للتغيير.
المسلسل يغوص فى أعماق الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة ليكشف أسرارها الداخلية بعيدا عن المظهر الخارجى المتماسك، يتعامل مع عمارة قديمة وصغيرة "بتعبير اليوم" بها 5 أسر ومكتب هندسى، وإيجازا فإن ساكنى تلك الشقق هم:
- لمياء " وتلعب دورها دلال عبد العزيز" أرملة وربة منزل تهتم ببيتها وتقدس العادات والتقاليد" معها 3 أبناء هم دعاء وهبة وعبد الرحمن.
*دعاء " فدوى عابد"، طبيبة تحاليل ملتزمة دينيا ومنمطّة فى العمل كناشطة فى إطار الجماعات الدينية "وهو ما أعتبره سقطة درامية تتكرر وهو تنميط الأشخاص الملتزمون دينيا"، تعانى من إختلافها عن الآخرين تمت خطوبتها لصيدلى ملتزم دينيا ولكنه غير مستقيم أخلاقيا، لم يكمل معها وحاول الإرتباط بأختها الصغيرة فرفضته الأسرة لموقفه، وتبحث الفتاة عن زوج آخر من نفس المجال الإسلامى.
*"هبة" (سارة عبد الرحمن) فتاة شابة متحررة ذات عقلية متوازنة وتشبه الكثير من فتيات جيلها، مضطربة، قلقة، مدخنة، جربت أكثر من قصة حب فاشلة، جربت أيضا أكثر من عمل ولم تستمر.
*"عبد الرحمن" (أحمد داش) الإبن الأصغر، طالب ثانوى، له علاقات عاطفية صغيرة متعددة، يعتبرونه رجل البيت ولكنه يتعامل كطفل.

- ليلى شقيقة لمياء وتلعب دورها الفنانة "شيرين" وهى موظفة تقليدية وشديدة الإلتصاق بشقيقتها لمياء، ومعها بنتين هما هالة وهند وزوجها الغائب دائما، ويوجد معهم زوج بنتها سعاد غالبا.
• "مجدى" (ويلعب شخصيته الفنان محمود البزاوى)، زوج ليلى، يحترف النصب ويعيش فى وهم رجال الأعمال الكبار وسجن أكثر من مرّة ومعرّض للسجن دائما، تقف زوجته الى جانبه طوال الوقت، حتى تكتشف فى النهاية أنه تزوج عليها فلا تغفر له وتطلب الطلاق.
• "سعاد" فتاة تقليدية مغلوبة على أمرها، متزوجة من فؤاد وأنجبت منه طفلهما "كوكى"، زوجها فؤاد (محمود الليثى) جشع ونهم للأكل، فاشل فى حياته، كسول يحب أن يعيش على حساب الغير.
• "هالة" ( رحمة حسن) عقلانية، شديدة الطموح، عملية جدا فى وضع وتنفيذ خطط لحياتها، تخطط للإنجاب ولكنها عير مقتنعة بفكرة الزواج، تقرر الزواج من على( محمد علاء) مشترطة عليه أن ينفصلا بعد الإنجاب.
- عمرو ويلعب الدور "هانى عادل" وهو أحد ملاك العمارة، موسيقي أصابه الاكتئاب بسبب ابتعاد الأضواء عنه، يعيش في حالة من الكآبة طوال الوقت ومعه زوجته الموسيقية المتميزة بالأوبرا "جيلان"( دعاء حجازى).
- اللواء عصمت ويلعب دوره الفنان أسامة عباس، لواء سابق في الجيش، توفيت زوجته وتركه ابنه وليد ليلة وفاة أمه وسافر للعمل في الخارج، تعيش معه "كريمة" (صفاء جلال)، فتاة ليل تريد التوبة.
- طارق (نيكولا معوض) موظف في البنك لديه طفلين، محب للحياة، متزوج من "نهى" (هيدى كرم) التى تهتم بالبيت والأولاد طوال الوقت على حساب علاقتها بزوجها.
- مكتب هندسى شقة لأسرة "مى" (هديل حسن)، مهندسة، تعيش فى المكتب بمفرها بعيدا عن الأسرة، يعمل معها مهندس شاب هو رشيد ويتردد عليها مهندس آخر لا يعمل هو شريف، مرتبطة عاطفيا وجسديا منذ طفولتها بإبن الجيران "أحمد" (أحمد الأزعر)، متزوج ويبحث عن المتعة، تحمل منه هالة وعندما يتخلى عنها فى تلك الأزمة، تقرر إجهاض الجنين وفض العلاقة.
العمل فى 28 حلقة، إنتهى إكلينيكيا من الحلقة 18 ولكنه على عادة المسلسلات المصرية "والأجنبية أيضا" تم المط والإسهاب والتطويل، من أكثر الشخصيات تمردا وشذوذا فى العمل فى تقديرى شخصيتا هالة التى تقرر الإنجاب ولو إضطرت لتجميد بويضاتها، ومى التى تصمم على علاقتها بأحمد حتى الحلقة الأخيرة فى المسلسل ولا تهتم كثيرا برأى المجتمع فيها.
المسلسل يهتم كثيرا بالتفاصيل التى تساعد فى البناء الدرامى للشخصيات والعمل بأكمله، ويحاول من خلال السيناريو المحكم " الذى كتبته هبة يسرى وأخريات" التعبير بدقة عن مشاكل الطبقة الوسطى فى المجتمع المصرى التى تعيش وضعا إقتصاديا مريحا ( ليس بحبوحة)، وتتلخص مشاكلها فى العلاقات الإنسانية من زواج وطلاق وحب وإنقصال وملل زوجى وخيانات زوجية.
أبهرنى فى المسلسل كثيرا شخصية وإيقاع "هبة" (سارة عبد الرحمن) الإبنة الوسطى فى طريقة تفكيرها، التى تشبهنا كثيرا، وتعاطفت كثيرا مع الفتاة ذات الماضى التعيس "كريمة"، التى تحاول الفكاك منه دون أمل، وتضطر أن ترفض الزواج بأحد أفراد الطبقة الوسطى الميسورة، حتى لا يتم النبش فى ماضيها، بينما أدت رحمة حسن شخصية هالة باقتدار، فى المقابل كان دور عمرو "هانى عادل" باهتا بدون فاعلية، وأنصحه أن يعود لفرقته الموسيقية أفضل من الإستمرار فى التمثيل.
ثلاث نساء تشاركن فى إخراج العمل، أيتن أمين – نادين خان – هبة يسرى، وكعادة المخرجات كان الإهتمام أكثر بالتفاصيل الدقيقة، وربما الجرأة أيضا فى رسم الأحداث، الأسرة المودرن التي فقدت الدفء بسبب الزوجة المهووسة بتفانيها، والأرملة التي تتمنى لبناتها الزواج، والفتاة التي تخطت الثلاثين دون زواج، والأخرى المتخبطة التي لا تعرف من أين تبدأ، الأم التي تحمل مسئولية البيت كون الزوج ليس أهلًا لذلك، والأرمل الذي يجحده ابنه، الفتاة ذات الماضي المشين والأخرى التي لا يمكنها الفكاك من علاقة مسيئة، إستطعن أن يضفرن كل ذلك يسلاسة وإنسيابية، فجاء المسلسل مغرق في الحميمية والذكاء.
ربما يفتح هذا المسلسل باب الواقعية الجديدة فى الدراما المصرية وينقلها الى مجال العالمية، ميزة هذا العمل أنه يقدم الشخصيات كما هى متجردة من الأصباغ والألوان التى تدارى الأخطاء، وذلك بشكل محايد دون أن يدينها أو يمتدح سلوكها، بعيدا عن الأحكام الأخلاقية الساذجة، المأخذ الوحيد على العمل هو أن الكاميرا كانت محددة فى الحركة الداخلية بين الشقق والمكاتب فقط ولم تخرج الاّ نادرا الى النادى أو ملهى ليلى، بينما تم إطالة الحوار بين الشخصيات على حساب حركة الكاميرا.
صورة هذا الواقع الذى ننكره وكأنه غير موجود لكننا نراه يوميا، عندما نذهب الى وسط البلد نرى على المقاهى كثير من بنات الطبقة الوسطى يدخن السجائر والشيشة ويتناون البيرة مع أصدقائهن من الشباب، وربما يذهبن معهم الى شققهم، ولا أعتقد أن الأهل يعلمون بتلك السلوكيات،إنها الحياةالمذدوجة التى نعيشها، كما نخفى التراب تحت السجادة، تحت ثيابنا شخصيتين متناقضتين كدكتور جيكل ومستر هايد، وهذا ما تعمد المسلسل كشفة، ولهذا كانت الصدمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-