الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملاذُ الأخير

عبد الخالق الجوفي

2006 / 3 / 1
الادب والفن


كان يجلسُ أمام البحرِ مهوماً... كأنَ همومَ الأرض صُبت عليه ... لم يكن من أحدٍ غيرهُ والنجومُ التي بدت وكأنها تدمعُ إشفاقا ًعليه , والبحرُ الذي يناجي ربهُ... كأنهُ يدعوهُ أن يُفرجَ همَّ صديقهُ الذي يزوره ٌُمنذ زمن زياراتٍ طويلة ٍ تصلُ إلى عـــِـــدةِ ساعاتٍ يُخيمُ عليها السكون والحُزن .
ذاتَ يوم ...وبينما هو جالسٌ على الشاطىءِ كعادتهِ , وقف فــــجـــــــــــــــأة ًوعينيهِ مُغرَورِقـَـتان ِبالدمع ... مُتجهتان ِللأفق ِالذي رسمَ عليهِ الشفـــــــــقُ لوحةً للغروبِ الهادىء الذي ينمُ عن جلال ٍ ...ووقار ٍ ....وحزنْ .
دمعتانِ تتشبثُ بالأهدابِ تـُناظران ِالبحرَ بألم ٍ وحزنْ ... سقطتا على خديهِ القمحيين لتكونا نهراً من قطرات ٍمتتابعة ٍمـُتدافعه .... انفجر بالبكاءْ ... كان بكاءً مريراً يُوحي بحزن ٍعميق ٍوكآبة ٍلا حدودَ لها , واندفع نحو البحر لائذا بالانتحار.
تسربَ إلى أذنيهِ صوت ٍ بعيد ٍ مدو ٍ آت ٍمن أعلى كأنَ مَصدرهُ الســــَماء !!.. توقف.. توقف يا عزيزي , أعرفُ انك تشعرُ بالذنبِ والندم ... كـَما أعرف ُأننا لــن نلتقي إلا في عالمنا هذا.. واعرفُ كذلك كما تعرفُ أنت أن عالمـنا لا يـَرقى إليـــــهِ الخاطئون ... إلا إذا تطهروا من أو زارهم ... وإذا ما جئتني الآن حــــاملاًًًً أوزاركَ فلن نلتقي في عالمنا هذا كما لم نلتقي في عالمكم ذاك ... تطهر أيُّها الحـبـيـب حتى يكتب لنا اللقاء في العالم الأبدي , وترقى لمستوى الأبرار الطاهرين فمكانـنـــا هذا ليس إلا للأبرياء ... وتهادى صدى كلماتــُها الأخيره (( تطــهر يا عزيزي... تطـــهر يا عزيزي... تطـــهر يا عزيزي )) مُجلجلاً في أذنيهِ مـُتناقصاً مـُتراخياً في السماء . انقلبتْ أحوالهُ , وتبدلتْ طِباعهُ!!. صار رقيقاً بعد إذ كان خشناً جلفا ... كريما ً بعد إذ كان لئيماً, واستبدلَ بندقيتهُ التي لازمته ُربيع شبابهِ بريشة ٍاِستلها من غـــمـــــد المرارةِ والندم ِ ليـُشهرها في وجهِ الظلم ِوالطغيان ِ المتمثل ِ بـِِدعاة ِالحرب التي كان ذاتَ يوم ٍ منهم, بل كان أشدهم دعوة ً لها ,و حَـــــــــاظــَّـاً عــلــــــيها ... وشــــاركَ في حــــــــروبٍ حصدت عائلتهُ فرداً فرداً , كما شاركَ في الحرب ِالتي لم تضــــــــع أوزارها بـعـدْ... ولم تقف رحاها الطاحنة ُلأرواح ِ الأبرياء حتى الآن .
لكن الخبرَ قد وصل ...وعــزاءهُ الوحيد في فقد والدية وأخـتية وأخوهُ الأصغر الذي فقدهُ دون رؤيتهِ ولو لمرة ٍواحدة ٍ قد رحلًَ هو الآخر ... عـاد ... لم يجدها كـــما كان يؤملُ ... ترتدي الطرحةَ البيضاءْ و فستان الزفاف بانتظار عودتهُ لإكمال ِمراسمهُ , إنما وجدها ضحية ًًًًمن ضحايا الحرب , ملطخة ًبدمائِها الذكية ُالـتـي أراقــَــــها استهتارهُ وأمثالهُ بأرواح ِالأبرياءْ ... لكنهُ قد عاد...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس