الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن سوق مريدي (3 ) / مروءة أهل العراق البلاستيكية

حيدر سالم

2017 / 12 / 31
سيرة ذاتية


عن سوق مريدي ( 3 )

مروءة أهل العراق البلاستيكية

بدأت اليوم حملة جديدة لإزالة التجاوزات في الشارع العام الذي أكله السوق . محلات من الصفيح ، و سرر تفترشها البضائع ، و عربات خشبية على هيئة صندوق ، و بعضهم يرمي بضائعه في الارض و يبيع . بدأ أزيز الرصاص يخترق ضجيج السوق منذ الصباح حينما أنزل أحدهم رتبة العقيد من كتفه ، فتصادم الجيش مع الناس و بدأت الاطلاقات النارية بنذير و توعد واضح .

سأحدثكم عن طفل لا يتجاوز العاشرة من عمره ، إسمه كرار ، ذو سمرة لا يقشعها أي مسحوق ، و ملوحة عرفنا بها نحن أبناء الجنوب / أولاد الكارثة ، كان ينتظر هو وإخوته الصغار كل يوم فرصة تتيح له أن يحتل فسحة يبيع فيها أنعلا رخيصة ، ورثوا من أبيهم أعينهم الناعسة ، الصغيرة الى درجة لا يبدون أنهم يتملكونها ، هو من قطاع 23 القريب من سوق مريدي ، و كان مصابا بمرض لا أعرفه في قلبه ، و لطالما فقد وعيه و نقله المارة الى الطبيب ، كان يجلس و يمشط الشارع بنظرة طامحة ، وحين يتطلع الى الشارع يفتح فمه ليبصر بتمعن ! ، يترقب هفوة من الزمن تنثره ببهجة أن يبيع ، حتى صعقه الموت و أرداه في هاوية أقل وطأة من حياته في سوق مريدي ، اليوم وقد فرغ نصف السوق رأيت أخيه الاصغر يتفرس في الشارع و ليس له ما يفعله ، فهم قد ركنوا الى عزلة عن الحياة و البيع في زاوية بعيدة عن هذا العالم و إن كان بيتهم لصق السوق ، لاح لي بعيدا عن روث هذا الاسطبل الضخم / العالم ، كان غاطسا في نيرفانا تخصه ، تجنحه ليغيب في طيران رائق لا تشوبه سموم الارض نعلته الكارثة أم نعلها ؟ ، أ من الفراغ إعتقدت البشرية أن الالهة تمكث في السماء ؟ .

اليوم تملكتني صدمة كبيرة ، كنت أعتقد أن أهل العراق أهل مروءة و نخوة ، فلا و الله ، أبصرت الناس يحملون همومهم مع بضائعهم ، لست مهتما بمن له الحق ، القانون أم الناس ، الدولة التي تريد فتح الشارع أم الناس الذين إمتعضوا و ضربوا الجيش لان أرزاقهم ستنقطع ، أريد الإقتراب من موضوع آخر ، أريد الإشارة إلى التشفي الذي طفح من وجوه الناس إزاء ما شاهدوه من مصيبة حلت بالاخرين ، أي مروءة و شرف أيها العراقيون ؟ شاهدت عجوزا يسحب أيامه في صندوق بلاستيكي يضعه في نهاية دراجته الهوائية ، و أعمى يتلمس الطريق بعصاه و هو يحمل ما رمي من حديد المحلات لغاية أجهلها ، و الاطفال يسبحون في أكوام من النفايات التي خلفتها جرافات الحكومة ، رأيت شابا و قد شجت رأسه قطعة صفيح حادة ، و لأتجنب أن يطالكم الملل سأسأل الان عن مشاهد التفت حول رقبتي كحبال من شظايا الزجاج ، لماذا كان الصبي يضحك وهو يشاهد الالم الذي إرتسم على وجه الشاب الذي شج رأسه ؟ لماذا خرج احدهم صارخا بالناس أن لا يجمعوا أغراضهم قريبا من بيته ؟ ( قيل لي لأنه لم يأخذ نصيبه من الشارع ! ) ، و كان اخوه يستلذ برؤية الناس و هم يتراكضون لنقل بضائعهم ، و قد نهرني لانني نظرت اليه بقرف حينما أدلى بفرحه و زهوه . لماذا يفرح الناس بألم الاخر ؟ ألم يقولوا بأن هؤلاء المساكين يشعلهم الظلم كل يوم ؟ لماذا عادوا ليعلقوا على الحادثة " أفضل " ؟ .

تذكرت اليوم قصيدة سعدي يوسف عن سالم المرزوق حيث و صفه ( ابو المروءة ) ، لعل سعدي أحب أن يصفه بما يستخدمه أهل العراق من ألقاب تروق لهم ، لكن هذه الصفات ستبقى حبيسة القصائد و المداولات الشعبية ، فلا مروءة في العراق و لا هم يحزنون . و يطيب لي أن أذكركم بقبس من إضاءة حجاجية " يا أهل العراق ، يا أهل النفاق و الشقاق و مساوئ الأخلاق ، إنكم طالما أوضعتم في الفتنة ، و اضطجعتم في مناخ الضلال ، و سننتم سنن الغي "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وهل دليلك...قال سفاح
بولس اسحق ( 2018 / 1 / 1 - 02:40 )
انا لا أؤيدك في هذا... فالمحن والمصائب التي مرت بشعب العراق لو مرت بغيره من الشعوب لكان عبارة وحوش وسط غابة مهجورة... ودعك مما قاله هذا الحجاج السافل الإرهابي المجرم... فحذاء احقر عراقي تسموا على راسه وراس بنو امية.

اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح