الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب الايراني و حتمية القيامة من جديد

خالد قنوت

2018 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن بسطحية, أن نقارن بين ما يحدث في ايران اليوم, بسب اهميته الكبرى, و بين ما حدث و يحدث في سورية منذ سبع سنوات, فهذه ليست المرة الاولى التي ينتفض الشعب الايراني ضد نظامه المستبد المسلح بالعقائد الدينية الطائفية المذهبية البائدة و التي زرعت الحقد و الكراهية على امتداد اوطاننا المحكومة بالعصابات و المافيات, بينما كانت هي المحاولة الاولى للشعب السوري منذ استقلاله.
رغم ذلك يشترك الحدثين بحتمية تاريخية في قيامتهما ضد انظمة الاستبداد و بالحتمية نفسها تسحق تلك الانتفاضات الشعبية بقوة السلاح و الحديد و النار و بمصالح الدول في الابقاء على تلك الانظمة المستبدة حفاظاً على مصالحها فيها, كما حدث عند اسقاط حكم رئيس الوزراء الايراني المنتخب محمد مصدق سنة 1953, اذا لم يحدث التحول الكبير في مسيرة هذه الانتفاضة الشعبية إلى ثورة حقيقية, و كلنا أمل ان تكون انتفاضة الشعب الايراني الجار بما تملك قياداته السياسية من خبرات و تراكمات ثورية سابقة لها و لاحقة لنا من تجاربنا الدامية مع انظمتنا التوتاليتارية, بأن تكون شرارة العمل لبناء دولة مدنية عادلة و قوية في منطقة معقدة و هشة و كولونيالية في واقعية تحاكي حكم الاحتلال بكل اشكاله و جوهره.
الشعب الايراني شعب يتقاسم معنا الجغرافيا و العادات و التقاليد و يملك من الامكانيات العلمية و الثقافية (المهدورة و المكبوتة) ما نملكه نحن الشعوب العربية و تاريخه يشهد له بذلك و هذه حقيقة لا تحتاج لدلائل و لا يمكن ان ينكر اي انسان مدى المساهمات القيمة الفكرية و العلمية و الادارية التي قدمتها الحضارة الفارسية للحضارة العربية و الاسلامية.
كثير من النقاط المضيئة و الاشكالية أريد أن اشير إليها يمكن أن تكون اساساً لتحويل الانتفاضة الشعبية الايرانية اليوم إلى ثورة حقيقية مدنية حضارية في هذا البلد الكبير و الاستراتيجي في منطقة الاوسط و كيف يمكن أن يتحول هذا الحدث إلى تجرية غنية و منتجة لشعوبنا المثقلة بالدماء و الرعب و الارهاب على مساحة الاوطان العربية نحو ثورات مدنية و قادرة على انتاج نفسها فكريا و اقتصادياً و اجتماعياً على اسس وطنية بحتة و ليس على أي انتماءات اخرى أودت بنا إلى الخراب و الدمار الذي نشهده ليس على المستوى العمراني و الحضاري و انما على مستوى الفكر و الوجدان:
- يملك الشعب الايراني قيادات سياسية معارضة متعددة الاشكال و المضامين لكن اهمها هي قيادات علمانية منظمة في الخارج تدرك من خلال تجربتها الثورية المريرة مع القوى السياسية الدينية قبيل اسقاط الشاه عام 1979, و الاكثرها اقصاءً و استبداداً المتمثلة بالخمينية, أن أي تحالف مع أي قوى سياسية ذات بعد ديني يتجاوز حدود الوطن هو نوع من انواع الانتحار الجماعي فهذه القوى و بحكم الطبيعة الفكرية و العقائدية لها و بحكم التاريخ لا تؤمن بالآخر و لا تترك أي مساحة لأي عمل معارض لها كما يمكن حتى لقوى الاستبداد العسكري أن تتركه كما كان حكم الشاه نفسه.
- ينظر المعارض الايراني إلى الحدث الحاصل اليوم و عينه على تجربة الانتفاضة الشعبية الايرانية بما يسمى بالثورة الخضراء 2009-2010 و كيف سحقت هذه الانتفاضة بقطعان الحرس الثوري الايراني و المليشيات المسلحة و كيف يمكن أن تتغلب القوى المعارضة على ظاهرة تجييش الشعب عقائدياً ضد بعضه من أجل اشخاص و مافيات تمارس القتل و اللصوصية باسم الدولة و باسم الدين.
- الشعب الايراني المنتفض لا يمكن أن يغفل عن ما حدث و يحدث في سورية منذ بداية ثورتها الشعبية الوطنية و كيف وصلت في سنتها الاولى إلى هز كيان النظام باعترافه هو و باعتراف حلفائه و ايضاً كيف تدخلت القوى العالمية لانقاذ نظام الاسد من السقوط و ايضاً باعتراف حلفائه, يومياً.
- الايرانيون اليوم يدركون كيف يمكن لقوى سياسية دينية و طائفية و مذهبية غير وطنية أن تساهم مساهمة عظيمة في هزيمة ثورة وطنية مدنية عندما تقفز و تمتطي قيادة هذه الثورة بعمائمها و محاكمها الشرعية و بشعاراتها البالية و المدمرة و المستقطبة لامراض شخصية و مجتمعية عفنة تتحول حتما لفعل استبدادي دموي تطهيري مما يعيد بذلك انتاج الانظمة المستبدة بوضعها السابق أو بوضعية محدثة و لكنها بنفس المضمون.
- الايرانيون, مدعون لأن يعالجوا و بكل حزم أي تدخل اجنبي في ثورتهم الشعبية و من الاموال التي ستغدق عليها و على بعض قياداتها الضعيفة لاختطافها لاحقاً و اختطاف قرارها الوطني كما حدث في انتفاضة السوريين.
- الشعب الايراني المنتفض محكوم بأن يحافظ على الطابع السلمي و المدني لحراكه الثوري و ان يتعامل بقوة و اصرار على منع تحوله الى الشكل المسلح و خاصة غير المنضبط لكي يواجه نظاماً عسكري و مليشياوي قوي عقائدي.
إن قيامة الشعب الايراني اليوم و ما سيتبعها من قمع دموي من قبل نظام الملالي و من تدخل مشرعن و غير مشرعن دولي في الشأن الايراني يشي بأن يدعم بقاء نظام الملالي لما يقدمه من خدمات عظيمة للقوى الدولية الطامعة في استمرار دوره الطائفي المدمر في المنطقة و في اداء دور قمعي ضد شعوبها بما فيه الشعب الايراني, يتحتم على القوى السياسية الايرانية أن تتعامل مع دموية النظام المستبد و مع مؤامرات القوى العالمية الطاغية بكثير من الحذر و العقلانية و أن تمنع بكل ما اوتيت مع قوة و امكانيات تسلل القوى المرتهنة و المرتزقة و رجالات الدين إلى قيادات هذا الحراك المدني و التأكيد على البعد الوطني و الحضاري له و في بناء دولة ايرانية مدنية غير عنفية و صديقة لشعوب المنطقة و ليس لانظمتها.
السوريون, مدعون اليوم للوقوف مع انتفاضة الشعب الايراني ضد نظام السلطة الدينية و مؤسساتها في ايران ليس من باب التشفي و الحقد و تعميم التدمير و الخراب في ايران بسبب دعم النظام الايراني لنظام الاسد, بل من باب المصالح المشتركة التاريخية و المستقبلية لشعوب هذه المنطقة و لحقيقة أن الشعوب الحرة لا تستسلم لفشل تجاربها و لخيباته بل تناضل و تناضل من أجل انتصار قيمها الانسانية في قيام دول حرة قوية و متماسكة و هذا بالضرورة دعم حقيقي للسوريين الاحرار في مسيرة تحرير اراضيهم و حريتهم و بناء دولتهم المدنية الحرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا