الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تنقلب الكفة لصالح حراك الشارع المغربي؟

فؤاد وجاني

2018 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


قطاعان يخشى انتفاضتهما المخزن: العالم القروي والموظفين الحكوميين بما يشمل الإداريين ورجال ونساء التعليم والصحة والجماعات المحلية والوزارات والمديريات.
كلاهما يشكلان أغلبية في المجتمع الدينامي المغربي. الأول يمثل النسبة السكانية الأغلب في المغرب رغم التهجير بسبب التفقير والتهميش وندرة الخدمات الأساسية والفساد. والثاني يشكل مصدر إعالة لمعظم العائلات في المدن، خاصة المركزية.
يسعى المخزن من فينة لأخرى إلى إرضاء هاتين الفئتين، ولو بالاستماع لهما ومحاورتهما وتجنب إثارة غضبهما. فيخشى خروج الموظفين عليه، كما يخشى سنوات الجفاف لدى القرويين.
فلا قِبل للمخزن بهاتين الفئتين إن خرجتا للتظاهر، لأنهما يتحكمان في القطاعين الأكثر تشغيلا في البلاد: الفلاحة والوظيفة العمومية.
يشكل القطاع الأول المدخول المُسكت للأفواه على قلته للغالبية العظمى، وأما الثاني فهو عمود تسيير مرافق المخزن وآليات التحكم في الشعب .
حين يصل سلم الاحتجاج إلى هاتين الفئتين، يتزلزل هيكل المخزن. لذلك تراه يضطر إلى الاقتراض الخارجي أحيانا لدفع أجور الموظفين، ويطالب بصلاة الاستسقاء، ويوفر بعض الخدمات المجانية للقرويين عبر وزارة الفلاحة، ولو أن بلادنا ليست في حاجة إلى اقتراض لوفرة الثروات الطبيعية والمعدنية لكنه الفساد وسوء التدبير وتمويل الاستبداد.
هل سيستطيع المخزن مجاراة مصاريف الاستبداد وتبذير المال العام في استراتيجيات الإلهاء والسياسات الخارجية الفاشلة وفِي نفس الآن القيام بمشاريع إصلاحية لفائدة المواطنين والظهور بصورة الحداثة والتقدمية؟ هل يستطيع الاستبداد أن يسوق لدولة القمع والظلم على أنها دولة القانون والحق؟
دولة المخزن بحُلّتيه القديمة والجديدة ستزول، لأنها سلكت منهج التحايل على الشعب بدل الصدق، واختارت درب إهانة المواطن بدل صيانة كرامته، كانت تلك الطريق لبقائها لكنها اختارت مشروع تحسين الواجهة بدل ترميم الصدع ولَمّ الشتات، وآثرت الأنفة والسيادة والكبرياء بدل الجلوس حول نفس الطاولة مع الشعب.
إن الرياح الآن لا تهب في صالح وجهة مركب المخزن، بل تقوده نحو المزيد من الأمواج العاتية وعواصف أشد آتية.
حركات الشارع لحد الآن لم تستغل هذا المعطى القوي لصالحها، عن جهل به تارة وتقاعس أخرى، فلم تقم بتأطير هذين المكونين الاجتماعيين الأكثر قوة، كما أن الظروف السوسيواقتصادية والثقافية لم تسمح بذلك. فالاحتجاج والخروج إلى الشارع ضد السلطة الحاكمة وإن كان أمرا شائعا في تاريخ المجتمع المغربي، يبقى من المكروهات، ولا يتم إلا عند الضرورة القصوى بفعل السلطة الأبوية التي يمارسها هيكل الحكم على الشعب وتؤطرها سلطته المُستدْيِنة، فرِضا الملك من رضا الله، والخروج على الحاكم يبقى خروجا عن ولاية الأمر وخروجا عن الطبيعة والجماعة والمقدر الإلهي، وعدم جواز إزالة الشر بما هو أشر منه.
فالشر في نظر جل المجتع المغربي المغلوب على أمره، المستوصى عليه، كل ما ناقض البيعة والطاعة، وكل الرموز السياسية غير المتداولة والمتعود عليها والمسطرة من قبل الهيئة الحاكمة؛ فالأعلام الحمراء أوالريفية مثلا منبوذة وانفصالية وتسعى للفتنة ولو رُفعت لأجل مطالب اجتماعية واقتصادية فقط، والشيوعية كفر وإلحاد وإن لم يتصفح المواطن صفحة واحدة لكارل ماركس أو إنجلز، وحسن البنا وعبد السلام ياسين ينتمون لتيار الخوانجية البعيد كل البعد عن تقاليدنا الدينية التي تستمد أبعادها من الإسلام الوسطي والإمام مالك والمسلك الصوفي للجنيد، وعلي شريعتي –هذا إن عرفه الشارع- بمجرد ذكر أصله مارق خارج عن الملة. هكذا تراهم وغيرهم العامة وحتى جزء غير يسير من النخبة الدارسة ، حيث كلاهما تربيا على إطلاق أحكام القيمة الضيقة المنبئة بحجم سيطرة الدولة الملكية المخزنية على العقول، ودورها في تجميدها وجعلها أقل استقطابا لأفكار جديدة. على أن الاستفادة من كل تلك الأفكار والمناهج رغم تقاطعها وتباينها ومزج المتفق عليه منها مفيد وصحي في صياغة جبهة موحدة ضد الاستبداد. وأحيانا كثيرة يرجع موقف تلك الفئات من الشعب للتهاون الاجتماعي والخوف من وضع البلاد أمام مستقبل مجهول وغياب البدائل واضطهادها من قبل السلطة الحاكمة. هناك أيضا حصة قليلة من الرفاهية يتمتع بها المواطن وخاصة الموظف العمومي –أو هكذا يظن – واكتفاؤه بتلك الأجرة الشهرية طمعا في تقاعد بعد سنوات من الخدمة ولو كان هزيلا، فالمخزن بالنسبة له/لها صمام أمان وأما المطالبة بالحقوق فقد تنسف بأحلامه الفردية الصغيرة.
صحيا يكمن مستقبل الحراك في تأطير وتوعية الموظفين والقرويين باعتبارهما القوة الحاسمة في المعركة الإصلاحية والتغييرية إلى جانب العمال والعاطلين والطلبة وذوي الأعمال الحرة والتجار الصغار والكبار والطبقة المتوسطة والبرجوازية، مع احترام المقدسات الحقيقية للمغاربة الكامنة في الدين المصبوغة بالحشمة. بدون تأطير وإدماج هذين الفاعلين المجتمعيين في حركة التأريخ تظل نسبة نجاح الحراك السلمي المبارك نسبية ولن يقوى بدونهما على التصدي لآليات الطحن التابعة للهيكل الحاكم المسبتد.
إن عدم تأطير هذين المكونيين الاجتماعيين سيضع البلاد في طريق المجهول، فحركة التأريخ قائمة وسائرة يقينا نحو التغيير مدفوعة بالمؤثرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمكر السياسي الطابع لتعنت الطبقة المخزنية الحاكمة. ولكي لا تخرج حركة التأريخ عن نهجها السلمي وتسلك مسلك الفوضى، على الفضلاء الحقوقيين أن يؤطروا مراكز القوة القادرة على ترجيح الكفة لصالح الشعب، كي لا يطغى سيل الفتنة وتجد البلاد نفسها عرضة لحسابات مذهبية وأيديولوجية ضيقة ومرتعا خصبا لتطبيق النزعات والأحقاد والأهواء. حينذاك تكون كل الفعاليات قد شاركت سلبا في استبدال الشر بما هو أشر منه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟