الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدير

فؤاد علي منصور

2006 / 3 / 2
كتابات ساخرة


من دفتر مدرّس
فؤاد علي منصور
المـديـــر
من الغريب الغريب ألا يصادفك في مهنتك إلا المدراء الأغبياء، ومن العجيب أيضاً أن لهؤلاء قدرة غير عادية على الثبات والتحجر في المواقف والأفكار والمكان..
فمنذ بدأت رحلتي في مهنة التدريس لم أحظ إلا بشخصيات إدارية غبية تكاد لا تستحق الذكر.. ومع ذلك فقد وجدوا فيها شيئاً مميزاً للعمل الإداري الذي يمكن من خلاله تحويل عملية التعليم إلى كارثة.
لا أدري سبب تمسك الجهات العليا بمدير كهذا..
رجل في أواخر الخمسينيات.. أصلع جداً.. أبيض الوجه مع حمرة تعلوه لأدنى انفعال، قصير، ذو كرش، فيه بعض الصفات التي تشبه البشر... بليد.. غبي أحمق.. تسأله عن شيء فيجيبك عن آخر.. تسأله عن السبت فيجيبك عن الأربعاء.. تتحدث معه عن الطقس فيتحدث عن الضغوط الخارجية.. وهكذا.
تطلب منه علبة طبشور فيجيبك بل ويصدمك أحياناً (دبّر حالك!!) ولا أعلم ما معنى (دبّر حالك) في مثل هذه الحالة؟!
مرة طلبت تصوير نسخة الأسئلة لتوزيعها على الطلاب والمادة لغة عربية أي أن ورقة الأسئلة ممتلئة، فأجاب أن آلة التصوير في المدرسة معطلة، وكانت هذه الآلة على مدى اثنتي عشرة سنة بهذا الأداء المتواضع تصوّر مرة وتتعطل آلاف المرات، ولن تجد لهذه الآلة صورة ترضى عنها.. فإما أنك ترى السواد قد اكتسح الورقة أو أن الآلة (جعلكتها) وجعلتها مثل قماش غُسل تحت درجة حرارة 100ْ، أو أن تصوير بضعة أوراق سيستغرق منك ساعة أو أكثر.
المهم... قلت له: ماذا أفعل؟!
فقال بسرعة وبدون تفكير: اقرأ لهم الأسئلة وهم ينقلونها منك.. قلت بعد أن صدمت: يا أستاذ القراءة والنقل يستغرقان نصف ساعة والوقت المحدد للامتحان ساعتان...
قال بسرعة أيضاً: اكتب لهم الأسئلة على اللوح..
قلت: نعم... كيف..؟!
فحرك يديه وشفتيه مستغرباً من غبائي كيف لم أفهم ما قال.. تركته ومضيت لحالي وأنا أمضغ شتائمي وألعن الساعة التي عملت فيها مدرساً..
هذه الحادثة تذكرك بالأشخاص الذي لا ينتمون إلى أي شيء في حين أنهم يشكلون عقبة في طريقك..
في كل عام وقبل المذاكرات والامتحانات يطلب عقد اجتماع للمدرسين لتزويدهم بأهم خطوات الامتحان والإجراءات المتبعة فيه فيقرأ نصف صفحة من النظام الداخلي ثم ينبه المدرسين على أن لا يزعجوا الطلاب، (وإنْ شاهد أحدكم طالباً يغش فليترفق به... لأنه درويش ومسكين، لو لم يكن كذلك لما لجأ لهذا الأسلوب أنتم قساة.. لا تريدون نجاح الطلاب.. احسبوا ابناً أو أخاً لكم) ويستمر البكاء والعويل على مصلحة الطالب حتى نظن أنفسنا دراكولا قد أحاط بضحيته..
وينتهي الاجتماع كالعادة بالتنبيه على الوقت المخصص للامتحان وضرورة التقيد بما جاء في النظام الداخلي... وأخيراً قبل أن نغادر الاجتماع:
ـ إذا تأخر طالب عشر دقائق.. ربع ساعة.. ليس بمشكلة... ها...
النظام الداخلي وضع للطالب فقط.. ولحماية حقوقه...
أما حقوق المدرسين...فاتركوها على الله...
* * *
الغريب في هذا الرجل أنه وقح.... خجول!!!!
نعم لا تستغربوا... فهاتان الصفتان متضادتان بكل المقاييس، ومع ذلك فقد اجتمعتا عند هذا الرجل..
خجول يحمر وجهه لأدنى انفعال، ويتلعثم عندما تخاطبه إحدى المدرسات في أي موضوع كان ومع ذلك يخاطبها كأنه يخاطب رجلاً يعرفه ويستطيع أن يبوح له ما شاء..
ولا يجد غضاضة في تمييع أي موقف وبالألفاظ التي لا يمكن لأحد أن يتوقعها، إذ يغطي انسحابه بتصرفات لا معنى لها، وبكلمات لا تمت للموضوع بأية صلة... وبحيث تخرج من أي نقاش معه صفر اليدين.. بل قد تتراجع عن بعض مطالبك.. بسبب التعاطي السيء للموضوع، وبسبب خطابه المغير والمغيب للموضوع الأساس، فعندما تتحدث معه عن موضوع الدوام والتزام الطلاب به ووجوب عدم تأخرهم عن الدوام الرسمي.. يبدأ بطرح نظرياته المتداخلة حول التزام المدرس بدوامه وبأن الطالب هو سبب وجوده في المدرسة، ولولاه لما استحق المدرس راتبه... فكيف يمكن لك أن تطلب أي طلب أو تعديل في ركن من أركان المدرسة.
ينسحب من أي نقاش دون مسوغات، لأنه لا يجد الكلام المناسب له فثقافته ضحلة مثل شخصيته فقد اكتفى ببضع صفحات من النظام الداخلي للمدارس وببضع (مانشيتات) من الصحافة المحلية..
إنه مثال على الرجل المتقولب الذي لا يمكن لشيء ولا لزمن أن يغير فيه أو منه شيئاً... إنه بكل بساطة لا علاقة له بالإدارة.. لا من قريب.. ولا من بعيد.. بشهادة أقرب الناس إليه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم


.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا




.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور


.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان




.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل