الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعويم الدرهم المغربي ، نحو غرق أعمق واحتجاجات ضخمة

خالد الصلعي

2018 / 1 / 16
الادارة و الاقتصاد


تعويم الدرهم المغربي ، نحو غرق أعمق واحتجاجات ضخمة
**************************************************
يؤدي التعويم عملياً إلى إحدى حالتين: رفع قيمة النقد المحلي أو خفضه، وكلتا الحالتين تؤثران في الأسعار وفي التجارة الخارجية وفي النمو الاقتصادي عامةً، كما جاء في احد المقالات حول مفهوم تعويم العملة . وبذلك فان نتيجة التعويم بالنسبة لبلد كالمغرب محتومة ومحكومة بالسلبية .
ان الدول المصدرة ذات الاقتصادات المتينة ، في حلة تعويم عملتها تحقق نموا سريعا ، بفعل ضخامة صادراتها ، وبالتالي عائدات هذه الصادرات . ذلك أن جودة صادراتها وانتاجيتها العالية وشساعة أسواقها ، وتحكمها في عملية العرض والطلب ، تكفل لخزينتها المالية مداخيل ضخمة . اما بالنسبة لبد كالمغرب الذي يعتبر اقتصاده من اضعف اقتصادات العالم ، وصادراته مطبوعة بعجز مستدام ، فان سياسة تحرير عملته ستكون عليه وبالا . فهو لا يتحكم في أسعار المنتوجات العالمية التي يستوردها كالمحروقات مثلا . وهو ما يفرض على الدولة اداء بالعملات الصعبة وعلى رأسها الدولار الذي ارتفع مقابل الدرهم خلال السنة الأخيرة فقط ، بنحو درهمين .
وما دمنا مع لعبة السوق ، فان السوق يخضع للمتحكمين فيه ، ولا يخضع لمنطق اقتصادي مرن يراعي الحالة او الوضعية الاقتصادية لبلد ما ، كيفما كان ، وتبقى أزمة العقار الأمريكية أهم المراجع التي يشير اليها الاقتصاديون في خصوص منطق السوق وعملية تعويم العملة . ولابد هنا من الاشارة للحظة تاريخية فاصلة فيما خص عملية تحرير العملات . اذ يثبت المؤرخون الاقتصاديون ومحللوه أن عملية تحرير العملة انطلقت عام 1971 مع انهيار نظام بريتون وودز . حيث انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية منه ، وأسقطت في شرك لعبتها اقتصادات عالمية كبيرة ، كالاقتصاد الفرنسي والاقتصاد الألماني . بعدما كان الدولار مرتبطا بالذهب . فوقعت فوضى عالمية في تحديد سعر العملات الدولية .
لكن الدول ذات الاقتصادات الكبرى سرعان ما استطاعت تدارك الموقف وتعويض الخسائر بفعل طاقاتها الانتاجية وقوة اقتصاداتها وسيطرتها على اسواق عالمية ضخمة . في حين تعمقت أزمات الدول النامية ذات الحلول المحدودة .
وما لا يدركه الكثير من الدارسين للاقتصاد العالمي أن الاقتصاد الأمريكي كان أول من تلظى بنار تعويم العملة ، وانقلب السحر كما يقال على الساحر . وهذا ما جعل الصين تتشبث منذ عقود رغم الضغوطات الأمريكية الهائلة بتوجيه سعر اليوان الصيني الى يومنا هذا .
وفي دراسة حديثة كنت قرأتها قبل أيام لكاتبة نرويجية أخذت عن مجلة نيويورك تايمز مقالا بعنوان " ربحت الصين " La chine à gagne" ، فان تفوق الصين ارتبط أساسا بتمسكها بعملية الاقتصاد الموجه .
ولنعد لتبريرات حكومة العثماني التي تعتبر استمرارا طبيعيا لحكومة بنكيران . تفيد مبررات هذه الحكومة أن قرار تعويم الدرهم المغربي جاء من أجل ربح رهان تعزيز الاقتصاد المغربي . وبالنسبة لمن لا يعرف شيئا في علم الاقتصاد او فن الاقتصاد ، فهو من أبسط العلوم حسب أحد الخبراء ، اذ يتعلق الأمر فقط بقضية العرض والطلب . وداخل هذه المراوحة بين العرض والطلب تتفتق عبقرية الاقتصاديين في ايجاد تقنيات التحكم في السوق عبر تقليص المنتوج او ترويجه بشكل كبير . وهنا تدخل لعبة المصطلحات ، كالاقتصاد الموجه والاقتصاد المتحرر ، واقتصاد السوق ولعبة التضخم والندرة ، والفائض ، وما الى ذلك من مصطلحات علم الاقتصاد . وبعد أن تحول منطق العالم من تحكم السياسة في الاقتصاد ، الى تحكم الاقتصاد في السياسة . فان مياها كثيرة جرت تحت الجسر كما يقال .
فتبرير الاقلاع الاقتصادي هوتبرير صبياني ، اذ نحن ازداد انكماشنا الاقتصادي منذ عقود ، وتزايدت مديونية البلد ، وتقلصت هوامش ما يسمى ب"توفير الفرد او لأسرة " ، اذ أصبحت مجمل الأسر تعيش حالة المديونية عوض حالة التوفير . كما أن عجز الخزينة وصل الى مستويات خطيرة ، ووصلت عملية خدمة فوائد الدين العام الى مستويات تنذر بكارثة اقتصادية كبرى ، حيث بلغت نسبة تقارب 13 في المائة من الناتج الداخلي الخام .فعن أي اقلاع اقتصادي يتحدث وزير المالية المغربي ؟؟. وكيف ستفيده عملية تعويم الدرهم ؟ .
واذا عدنا الى تجربة مصر بعدما عملت على تعويم عملتها بتوصية من صندوق النقد الدولي سنة 2016 ، سنجد ان التضخم ارتفع بشكل كبير ، كما ان مستوى عيش المواطن المصري ازداد تضعضعا ، وقدرته الشرائية تحطمت بشكل كبير . أما الايجابيات فقد تحددت اساسا في حصول مصر على قروض اضافية مجزية من صندوق النقد الدولي ، بلغت 12 مليار دولار ، واعانات مالية من دول ومؤسسات متعددة ، وهي لا تفي حتى بتأدية هامش الديون المترتبة على الخزينة المصرية العامة . وهو مثال ما زال حيا ويمكن تتبعه عن كثب .
وبعملية جد بسيطة نقول ، اذا كان تعويم العملة يرتبط ارتباطا وثيقا بعملية العرض والطلب ، فما هو ميزان التجارة المغربية ، سواء ايرادا او توريدا ، تصديرا واستيرادا ؟ . اذا كان هذا الميزان في صالح المغرب فان تحرير العملة وتعويمها ، سواء بتوجيهه او بعدمه ، سيخدم لا محالة الاقتصاد المغربي ويزيد من رفاهية الشعب ، اما اذا كان الجواب بالنفي ، وهذا هو الواقع والحادث ، فان الكارثة لا محالة ستصيب الشعب المغربي والاقتصاد المغربي ، رغم ان الخزينة العامة ستنتعش انتعاشا مزيفا غير قار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالذهب والفضة.. شاهد مقام السيدة زينب بعد تطويره


.. الأفندية موتونا من الضحك ??????.. مهندسين البترول وعلاج طبيع




.. كيف هو الاقتصاد الفلسطيني بعد 8 عقود من النكبة؟


.. شبكات | إحباط تهريب أطنان من الذهب خارج ليبيا..




.. فرص كبيرة لتنمية التبادل التجاري العربي