الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإحجام من الزواج خوفٌ من المسؤولية ، أم خجلٌ .

يوسف حمك

2018 / 1 / 16
الادب والفن


الزواج مؤسسةٌ نسجت من خيوط الود ، و بنيت من دعائم السكينة و الطمأنينة ، و نشئت من أواصر المحبة ، و ارتكزت على أعمدة الرضا و القبول المتبادل .
و الزواج علاقةٌ ثنائيةٌ رائعةٌ تجمع بين زوجين يشتركان معاً في بناء أسرةٍ من العدم . يساهمان في تنشئة مجتمعٍ ما كان بالإمكان أن يوجد لو لا تلك العلاقة البديعة التي انبثقت منها الحياة ، و استمرت في التدفق دون توقفٍ بفعل التكاثر و انجاب النسل .

كما هو مطلبٌ فطريٌّ جسديٌّ روحيٌّ ، و حلمٌ ورديٌّ يتمناه كل ذكرٍ و أنثى .
يأنسان بعضهما و يحتميان ، و تستقر نفسيهما .
الشهوات تخرس منتهى الخرس بعد الجعجعة ، و تصمت الرغبات شبعاً . بهما معاً يسد الفراغ ، و يكتمل النقص . و ببعضهما يتممان ، و الوجود البشري من الانقراض يصون .

لا ينفر من الزواج أو يحجم من تلك العلاقة الحميمية أو تأجيله إلا من كان مكرهاً . و ذلك لمسوغاتٍ يحتضن المنطق بعضاً منها ، و يغض العقل الطرف عن بعضها الآخر .
فعلى إثرها يفقد الكثير من الجنسين حظهم في الزواج .
دخلٌ منخفضٌ لا يتحمل الأعباء الزوجية التي ترهق الكاهل و تثقله .
و المهور في التدرج على سلم الغلاء صاعداً إلى الأعلى . مع ارتفاع سقف الطلبات .
و البطالة سيفٌ محمولٌ على الأكتاف تهدد طالب الزواج ، فتنحر العلاقة الزوجية ، و سدٌ يعرقل ديمومتها . و إحباطٌ يضيق الخناق خوفاً من مستقبلٍ ضبابي الملامح .
و فرص عملٍ ضئيلةٍ لا يقنصها إلا صيادٌ ماهرٌ ، أو محسوبٌ على أحد أصحاب الشأن .
أما فرض آراء الأهل فلا يزيد إلا عرقلة الوضع سوءاً ، و يخذل الحلول التي ترضي الجميع .

نعم الزواج المبكر ذنبٌ عظيمٌ يتحمل وزره الأهل ، و عنفٌ موجهٌ ضد الزوجين . لكن العزوف عنه سخطٌ ينهمر عليه من المجتمع ، و التأخير الممل قلة تقديرٍ للذات ، و فقد الثقة بها . و ربما تهب عليه عاصفةٌ من العقد النفسية .

غير أن الضوء يجب أن يسلط على فئةٍ من الشباب الذين بلغوا العقد الثالث من العمر ، أو تجاوز الحد المسموح به للزواج ، فحازوا على شهاداتٍ جامعيةٍ ، و نالوا حظاً وفيراً من المراتب العليا في الوظائف و المناصب . و نجحوا في جمع ثروةٍ طائلةٍ تكفي لنكاح مثنى و ثلاث و رباع و خماس و سداس .
لكنهم يفشلون في العثور على شريكٍ مماثلٍ بالفكر ، أو التوافق في الصفات . مع انبثاق معضلةٍ تهدد الحسم في الاختيار للتصارع العنيد بين العاطفة و العقل .
كما فقد الثقة بعفة الفتيات لفساد خلقٍ ذاتيٍ ، أو سماع إشاعات أغلبها باطلةٌ لا يستند إلى أدلةٍ دامغةٍ تلطخ سمعة الفتاة أو إحدى قريباتها . و ناهيك عن التعثر في العثور على من لا علاقة سابقة لها إلا ما ندر . طبقاً للمثل القائل : ( ما من غصنٍ إلا و هزه الريح ) .
صفاتٌ عالية الجودة للجمال و الرقة و الافتتان – التي تأخذ اللب – يضع طالب الزواج نصب عينيه ، فضلاً عن مستوياتٍ أرقى في الحسب و النسب و الشهادات و الثقافة التي قلما تجتمع كلها في شخصيةٍ واحدةٍ . و إن وجدت ففرصة الفوز بها ضئيلةٍ مهما كان المتسابق بارعاً في فنون الصيد و الاستحواذ على الألباب .
و إن التقيت بأحدهم يقول بملء فيه : ( إن قلبي لا يخفق إلا للرقيقة الناعمة ، و لا تفتح شهيتي إلا لملامسة خصلات الشعر الذهبية ، أما غريزتي فلا تلتهب إلا للاستمتاع بالنظر للعيون الخضر ، و ربما تتهيج للزرق أيضاً ، و لا تروقني المصاهرة إلا مع عائلةٍ ذائعة الصيت لأرفع بها هامتي . )
لذا فالزواج مؤجلٌ ، و الموعد متمردٌ ، و في طيف الأمنيات هائمٌ قد لا يقبل أبدً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم ولاد رزق 3 يحصد 202 مليون جنيه خلال 3 أسابيع


.. اعرف أكتر عن وزير الثقافة أحمد هنو




.. وزراء الزراعة وقطاع الا?عمال والاستثمار والعمل والثقافة يو?د


.. لبنى.. ابنة الفنان المصري أحمد راتب تخطت صدمة وفاة والدها ب




.. نصير شمة يحتفل باليوبيل الفضي لتأسيس بيت العود العربي في الق