الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا فعلوا باينائنا ؟

صبيحة شبر

2006 / 3 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حين خيرونا بين ان نكون بعثيين او نتعرض للسجن والتعذيب أواخر السبعينات ، كان كلا الأمرين مرين ، ولا يوجد بينهما الأفضل لنختار ، لم نكن بقادرين على السجن والتعذيب لأننا نعرف تمام المعرفة أننا غير قادرين على أن نتكلم عن أشياء لا ندري عنها شيئا ، او ان نحدد الاتجاه الفكري والسياسي لأحد من الناس ، كما يريدون هم ان نتكلم ، وكنا نعلم مسبقا أنهم قد يتهمون الأبرياء بما أرادوا ويلصقوا ما شاء لهم خيالهم العريض ان يلصقوا ، ثم يطلبوا منا ان نمضي ونو قع مع القسم بكل المقدسات المعروفة والمجهولة ان المتهمين قد اقترفت أياديهم التهم التي حاكها ضدهم النظام ، ولم يكن بمقدورنا ان نتحمل ألوانا وصنوفا من التعذيب قد نكون لم نسمع بها او لم نطلع عليها ، وهذه الاساليب خافية على الجميع الا ذوي العلاقة ، لم يكن بمقدورنا ان نكون أبطالا ، نعرض أنفسنا للتنكيل بسبب أمور نجهل حقيقتها ، كما انه لم يكن بمقدورنا ان ننتمي للبعث حسب ما طلب منا ، كنت أظن ان الانتماء لحزب من الأحزاب يتطلب ان يكون الإنسان المنتمي على اعتقاد بما يدعو إليه الحزب من مباديء وما يريده من أمور ، كلا الأمرين كان صعبا أكثر من ان يحتمله الإنسان البسيط الذي لا يريد من الحياة الا ان يعيش مستورا يجد ما يسد رمقه من لقمة عيش
لم يكن حينذاك من يسأل الناس انتم من السنة ام الشيعة ؟ لم يكن ذلك السؤال من الأمور المقبولة حينئذ ، كما انه لم يأتي الى الفكر ،،، او يخطر على البال ،،، الذي كان مشغولا بأمور كنا نجدها أكثر أهمية ومدعاة الى الاهتمام ، كنا نصادق و يحب احدنا الآخر دون ان نسأل ذلك السؤال الغريب العجيب ، اانت سني ام شيعي ، يكفي اننا متفقان بالأفكار والهوايات ومتقاربان بوجهات النظر حتى نعقد الصداقات المختلفة التي كانت على الأكثر ناجحة بسبب التفاهم وتبادل وجهات النظر والمناقشة الهادئة التي تقرب بين المختلفين بعد تبادل الآراء
خرجنا من العراق الحبيب مضحين بالوطن الذي هو أجمل الأوطان رغم كل شيء ، وبالأهل الذين عادة ما يتصفون بالحب والدفء ،، وبالوظيفة التي تمنح الأمان وعدم الاحتياج الى الرغيف ، ضحينا بكل الأمور التي كانت رائعة من اجل الا نرغم على فعل أشياء لسنا مقتنعين بصحتها ، وتمضي السنون ونحن بشوق الى البقعة الحبيبة الزاخرة بالذكريات والأحبة الأعزاء ، نتعرف على القادمين من بغداد ، ونرى لديهم الأخوة والأحباب الذين يمنحوننا ذلك الدفء ،، الذي تميز به الناس في بلاد الرافدين ، وعندما سقطت بغداد تحت حراب الأمريكيين دون ان يدافع عنها النظام ، واكتفى بان استولى على مافيها من كنوز ، والكل يعلم انها كثيرة ومتعددة ، فوجئت بتغير كارثي بعقلية أبنائنا الصغار ، كان الواحد منهم يتمنى ان يمتلك أسلحة الدمار الشامل ، أساله لماذا يا بني ؟ ماذا تفعل بها ؟ أجابني بهدوء ، كي يبيد الشيعة والأكراد ، ظننت ان رأي الطفل استوحاه من الفضائيات ،، التي ما فتئت تحث على اندلاع الفتنة ،، بين العراقيين الموحدين والذين لم يكونوا يبالون بالفروق المذهبية الموجودة بينهم منذ القدم ، ولكن الذي أثار الاستغراب من انقلاب المقاييس عند الأطفال بالعراق الحديث وهم كابائهم في هذا الاتجاه ،، أنهم أصبحوا يتساءلون همسا عن الشخص : هل هو سني ام شيعي والسؤال الذي يطرح نفسه حين دراسة الحالة التعليمية بالعراق ان كبار السن مثقفون بينما الصغار هاربون من المدارس لا يعلمون من أمور الحياة شيئا الا التعدي على الآخرين وسلبهم حقهم في الرأي المخالف ولا يحاول التقليل من شانهم وفرض الآراء عليهم ، السياسة العدوانية التي انتهجها النظام السابق في محاربة الناس بسبب ميولهم المذهبية او الدينية او لغاتهم او بسبب القومية ، والقضاء على حيوان الكثير من الآباء بسبب الحروب التي أشعلها او بسبب الإعدامات الكثيرة جعلت الأبناء يتحملون الأعباء رغم صغرهم ، فيخرجون من المدارس ويعملون من اجل أسرهم التي لم تجد لها معيلا بعد القضاء على معيلها الأصلي
لقد شوه النظام الدكتاتوري الطفولة وبذر بدور التفرقة بين أبناء الشعب الواحد لأنه أراد هذه الفرقة ظنا منه انه سيديم بها حكمه الظالم المستبد ، هذا الاقتتال الظالم بين طوائف الشعب العراقي ،، والذي لم يكن من الممكن حدوثه لولا السياسة التي انتهجها النظام في فرق تسد ، آن للعقلاء من أبناء هذا الشعب المكافح ،، ان يضعوا حدا للفرقة بينهم وان يضعوا اسسا صائبة للوحدة الوطنية تقوم على تفويت الفرصة أمام الأعداء لإدامة الصراع والتناحر ، وان للعقلاء من أبناء هذا الشعب ان ينتشلوا الطفولة البريئة مما لحق بها من أضرار ويحاولوا التصحيح ، بالتعليم الجاد المثمر الذي يعلم الطفل والنا شيء انه ابن لهذه الأرض المعطاء وعليه ان يحترم المواطنين جميعا ويعترف بحقوقهم ، لنحاول ان ننقذ الطفولة البائسة في بلادنا مما لحق بها من أمراض

صبيحة شبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجمات البحر الأحمر تربك حركة التجارة العالمية #بزنس_مع_لبنى


.. فلسطينية تتعهد بالصمود رغم نزوحها مشيًا من قرية خزاعة إلى خا




.. -رحلة فرار مؤلمة-.. سودانيون يفرون من الفاشر إلى الضعين عاصم


.. أخبار الصباح | يوم الحسم.. صناديق الاقتراع البريطانية تُفتح




.. الشرطة الأميركية تلاحق لصاً سرق سيارة