الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عجوز عبث بها الزمان

رشيدة كروم

2018 / 1 / 24
الادب والفن


تسكن في بيت مهجور
رمى بها القدر ، وأبعدها عن الظهور
حظها معسور
ظهرها بلا سند .........مكسور
شاخت ...وتأكلت ، كأضراس أصابها السوس
جلدتها أحرقتها حرارة الصيف ، وتشققت من زفير رياح الشتاء
قامتها ، اصبحت كحصير مهمول ، لم يتبق منها سوى أضلع معوجة
رداؤها ، أسمال ممزقة ، مرتقة ، ضاعت منها الالوان
تمشي شبه حافية ، فما تبقى من حذائها لا يحمي سوى بعضا من أقدامها
عينيها ، ضاقت من ضيق المكان والزمان
- رائحة الكرم ما زالت تدب في عروقها ، رغم عوزها
- استدعتني لاشاركها كأس شاي
- دخلت كوخها الذي لا زال يقاوم كمقاومتها
التفت باركانه وجدت لبنات مهشمة ، أخذت مقعدي بواحدة منها
جلست هي أمامي على فراش مترهل
- طلبت منها ان تحكي لي عن الماضي ، وعن اسرار هذا الحاضر
- قالت لي أملك كنزا من الماضي ، يكفيني بحاضري
- رفعت مخدة كانت بفراشها ، اخرجت من تحتها لفة صغيرة ، كانت محكمة العقد ، فكتها ، ونزعت اربع اثواب كانت تغطي بها كنزها الثمين
- كشفت ما كان مستورا
- تغيرت ملامحها ، الى سعادة ، فرح ، وهي تقبل ، وتضم ما بين يديها
- أدارت لي كنزها ، وبدوت انا في استغراب
- استدركت هي استغرابي
وقالت : هؤلاء ، هم فروعي ، وأصولي
- هم كنزي المتبقي لي
- ورفعت بعض التراب الذي تحت قدميها
- ووضعته بكفها
وقالت لي وهي تجمع اصابعها على التراب : هم باحضان هذ ااااا ، ينتظرونني
- وقفت واتجهت نحوها ، وهي هائمة في صورة اهلها
- دمعت عيني ، ارتجف قلبي ، وتلعتمت كلماتي
- لم تنتبه انني تحركت ، ظلت تلامس افراد صورتها واحدا واحدا
- انحنيت على ركبي ، وأخذت يدها ، قبلتها قبلة اجلال
- وقلت : لك علي عهد ، ان تكوني بين افراد اسرتي لتعيشي الاحتواء ، وتبتعدي عن غربتك بين هذه الحيطان ، وما تبقى من غدر الزمان
- ربتت على كتفي بحنان وقالت : بوركت ابنتي ، لم يتبقى من العمر الكثير
- فهنا مكاني ، وهنا تاريخ لا زال يتحرك بأعيني
هنا اصوات ، وأحداث ، لا يسمعها ولا يراها غيري
ومن هنا سيكون التحاقي بالسابقين ...ولك أجر ايصالي الى متوايا الاخير ، حيث كل من هم في صورتي .
ودعتها ببكاء ، وانا على عهدي ووعدي لها
انها تلك الحافظة ، الوفية ، للماضي ، والتي تعيش ما تبقى بالحاضر وهي قانعة بحالها ، قابعة تنتظر الرزق من خالقها .....الى ان يأتي الاجل
رشيدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا