الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من بلطجية الدولة إلى دولة البلطجة

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية



كان من ضمن الأمور اللافتة في عصر مبارك وجود جيش من البلطجية قوامه نصف مليون بلطجي من أصحاب السوابق، تعتمد عليهم الأجهزة الأمنية في بعض الأمور مثل تحصيل "الكارتة" من سيارات السرفيس على سبيل المثال، وهؤلاء كان لهم دورا بارزا في ثورة 25 يناير، وخاصة في يوم معركة الجمل الذي احتشد فيه هؤلاء بدعم ومباركة الأجهزة الأمنية لفض الاعتصام في ميدان التحرير.
.
وظهر هؤلاء في مواقف عديدة يهاجمون الثوار ويتسببون لهم في الأذى وأطلق عليهم أسماء من عينة "الطرف الثالث" و "المواطنون الشرفاء" وهي أسماء أطلقها إعلام النظام لرفع الحرج عن الجيش والشرطة فيما نال الثوار من أذى على يد هؤلاء.
وفي عهد السيسي تطورت أساليب البلطجة بصورة مذهلة، حيث لم تعد الدولة في حاجة إلى استخدام بلطجية إذ أنها تتصرف بنفس الأسلوب وأسوأ دون أن يهتز لها جفن.

في عصر السيسي لا يوجد أي خطوط حمراء من أي نوع فكل شيء جائز وكل شيء ممكن والقانون والدستور أصبحا بمثابة مزحة سخيفة لا تضحك، وبعد أن كان القتل والتنكيل والإخفاء القسري ينال البسطاء ومن ليس لهم داعم، أصبح من الممكن أن يطال أي شخص في أي وقت ولو كان هذا الشخص رئيس الأركان السابق أو رئيس المخابرات العامة.

ففي عصر السيسي لا كرامة لأحد وعلى الجميع السمع والطاعة والانصياع بصورة كاملة لما يريده هذا النظام وإلا سيبدأ في تطبيق كل أساليب البلطجة عليك بداية من حملات التشهير لانتهاك حياتك وخصوصياتك، للدفع "بالمواطنين الشرفاء" لإيذائك، ونهاية بتلفيق التهم والإخفاء القسري والتهديد وغيره.
أصبح رئيس الدولة لا يتحرّج من الحديث عن استخدام "القوة الغاشمة" جهارا نهارا، وعن "شيل أي شخص يجرؤ على الاقتراب من كرسي الحكم من على وش الدنيا".

إن مسألة انتخابات الرئاسة وما تضمنته من تسريبات لضابط المخابرات الحربية الذي يوجه إعلام النظام أظهرت بصورة جلية كيف تدار هذه الدولة "إن جاز لنا أن نطلق عليها اسم دولة".

لقد كنت من أكثر المتحمسين لترشيح الأستاذ خالد علي لنفسه رغم يقيني إنهم لن يتركوا له الفرصة للفوز، إلا أن هذا النظام لا يهمه حتى الحفاظ على واجهة ديمقراطية زائفة، ويفضل أن يظهر بصورة البلطجي المختطف للبلاد والعباد بقوة السلاح.
ولذلك كان قرار الانسحاب بعد ما نال سامي عنان هو الأمثل من وجهة نظري وهو الذي يجعلنا نستبشر بأنه رغم كل السواد الذي نعيشه، مازال هناك رجال شرفاء في هذا البلد بمكنهم أن بتخذوا القرار السليم في الوقت السليم ولا يخشوا في الحق لومة لائم.
إن الحال في مصر بحاجة لمعجزة من السماء في زمن تضن فيه السماء علينا بالمعجزات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح