الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموت شعراً- نساء غيبتهن الكلمات

لقاء موسى الساعدي

2018 / 1 / 26
الادب والفن


الموت شعراً- نساء غيبتهن الكلمات
د. لقاء موسى الساعدي
كاتبة من العراق
مع الاحتفال بالوان الربيع والولادة الجديدة للحياة تحتفل الشعوب ايضا بيوم الشعر، 21 اذار ويرافق ايضا الاحتفال بعيد الامهات، وكان الربيع والامومة والشعر احتفاء الحياة بانبعاثها الجديد كل عام. فالشعر نبض الانسانية الذي يكسو جسد الايام بالالوان كما يفعل الربيع في الارض، وكذلك الامومة وقد عرفت حضاراتنا الشرقية الشعر قبل الحضارات الاخرى، فاشعار انهدوانا السومرية سبقت اشعار هوميروس بقرون طويلة، والانوثة تفيض بالشعر كما تفيض الامومة، والا مالذي يدفع فتاة عراقية في السادسة عشرة من عمرها حبسها والدها في جدران غرفتها بعد طلاقها من الرجل الذي اكرهها على الزواج منه منتهكا طفولتها البريئة الى كتابة الشعر!! ملاك الفتاة المنتهكة انوثتها وطفولتها بأيادي اب متزمت دينيا لا يفهم قيمة للمرأة سوى انها فراش زوجية وبطن ينجب الاولاد، كتبت قصائدها التي عبرت عن رغبتها في الخلاص من قمع الاب والمجتمع الجامد الذي ولدت فيه، وكانت ترسلها سرا الى صديقتها بمساعدة اختها التي اعارتها هاتفا محمولا كانت تنفرد به في الحمام لتدون كلماتها البسيطة وتنفث فيها روحها المعذبة والسجينة، حتى قامت صديقتها باصدار ديوان صغير يحمل اسم ملاك ليكون شاهدا على قسوة المجتمعات التي تخوض في تطرفها وحروبها، حتى الان لم تحصل ملاك على نسخة من ديوانها لانها تخاف ان يقع الديوان بيد ابيها فيقتلها لانها اخترقت حجب السجن الذي اقامه عليها.
تقول ملاك في احدى قصائدها:
أتوق لاحضن النار
لأتذوق طعم العقوبة
لاتلذذ بفعل الخطيئة..انغمس فيها حد الثمالة
ثم اتسلل خفيفة لاسرق مفتاح الجنة
وارميه لبيوت الفقراء
وملاك ليست الوحيدة التي قمعت روحها وكلماتها ففاضت شعرا، فقد سمعت مرة عبر الراديو تقريرا عن سيدات افغانيات ينظمن الشعر سراً، كنت اقود السيارة فتوقفت وركنتها كي استمع باصغاء اكثر لما ورد في التقرير الذي ماعدت اذكر عن اي اذاعة كان، السيدات كن يجمعن اشعار اللاندي التقليدية الافغانية التي تتميز بانها تتكون من سطرين يتكون السطر الاول من تسع مقاطع صوتية اما السطر الثاني فيتكون من ثلاثة عشر مقطعا صوتيا، تتناول هذه الاشعار قضايا نفسية واجتماعية تعبر عن غضب المرأة الافغانية وبصورة ساخرة، ولان الاشعار كانت تقال في التجمعات النسائية فلم تنسب لامرأة بعينها وهذا وفر حماية للنساء من الاذى فيما لو تجرأت احداهن وادعت انها شاعرة. لكن سيدة منهن قررت ان تجمع هذه الاشعار وتصدرها في ديوان، وفعلا جمعت الاشعار في دفتر خبئته في غرفتها، لكن هذا الدفتر وقع في يد اخيها اثناء احدى غارات التفتيش التي تشن غالبا على غرف الاناث بحثا عن اي مجهول قد يفسر اساءة لشرف العائلة. وقد دفعت البنت حياتها قبل ان تتم مشروعها في جمع اشعار اللاندي للنسوة الافغانيات. كذلك فقدت ناديا انجومان حياتها على يد زوجها الاستاذ الجامعي الذي قتلها ضربا حتى الموت بعد ان نال ديوانها الوحيد الذي اصدرته باسمها الحقيقي ديوانها( الزهرة القرمزية) والذي نال شهرة في افغانستان وحتى ايران. هكذا يصير الشعر معادلا للموت في البلدان التي يحكمها التطرف الديني وتسيطر عليها الجماعات المسلحة والقتلة وتدفع النساء افدح الاثمان لبقائهن واستمرار عطائهن، وقد يقال ان الرجال يدفعون ثمن الكلمة ايضا ويقتلون احيانا، وهذا صحيح حين يدفع الرجال ثمن مواقفهم وكلماتهم لكن مايحدث مع النساء في المجتمعات التقليدية التي توسعت الان وصارت اكثر عنفا انها تحجب حق الوجود للمرأة وتصادر صوتها وخيالها وابداعها الذي يصير عورة كجسمها، وقديما تجاهل الرواة اشعار النساء العربيات ولم يدونوه خجلا اوتحتقارا لمكانة النساء في المجتمعات القبلية العائدة الان الى الظهور بعد انهيار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري