الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب: صورة المثقف الكمبرادور

حسن اسماعيل

2018 / 1 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


بعد ان أطلق الراحل أدوارد سعيد رصاصة الرحمة على الإستشراق خادم الامبريالية على امتداد قرنين جاء دور المخبر المحلي او (المثقف الكمبرادور) الذي يعمل بعنوان (خبير) في الشؤون الشرقية او شؤون بلده الأم، ليمارس التعبئة الأيديولوجية بما يخدم ستراتيجيات الامبريالية الامبراطورية الجديدة (المعولمة) العدوانية، لغزو الكرة الأرضية كما يحصل اليوم تماماً مع شعوب العالم المسلم التي تعد ربع سكان المعمورة (مليار ونصف نسمة) حين اضحى الإسلام والمسلمون الهدف البديل عن الإتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي.
على خطى الراحل إدوارد سعيد الذي فكك الإستشراق يقوم الأمريكي من أصل إيراني حميد دباشي بتفكيك الجهاز المفاهيمي الفكري للامبريالية الامبراطورية التي تعتمد اللعب على التمايزات الطبيعية بين الأمم والشعوب من خلال الأديان والثقافات المتوارثة، لتصنع أعداء تسعى لإخضاعهم لستراتيجياتها العدوانية.
يسلط دباشي الضوء على العقد النفسية للشرقيين الطموحين الذين اكتسبوا الجنسية الامريكية بعد تعديل قانون التجنس العام 1965 الذي أدى الى ازدياد هجرة الشرقيين إلى سبعة مقابل واحد من العنصر الاوروبي المهيمن سياسياً واقتصادياً، ادت إلى تطوع منافقين شرقيين لمهاجمة أصولهم القومية والدينية وافتعال عداء "طبيعي" لسكان الولايات المتحدة مع شعوب آسيا وأفريقيا لاسيما المسلمين. والمسلمين تحديداً للتعويض عن العداء القديم لليهود والأفارقة كمختلفين عن العنصر الأبيض. وهكذا يقوم المثقف الكمبرادور بتلبية حاجات الأمبريالية الامبراطورية من خلال تحويل النظرة العدائية التاريخية في أوربا البيضاء المسيحية لليهود والزنوج إلى المسلمين والعرب، والعداء للسامية إلى أسلام فوبيا.
يعود تاريخ كلمة (كمبرادور) البرتغالية أصلاً إلى العام 1840. وهي تشير إلى وكيل صيني عمل مع شركة اوروبية على الأراضي الصينية مشرفاً على موظفيها المحليين ووسيطاً لأعمالها التجارية. وقد وسعت الكلمة وغدت تشمل ـ حسب معجم أكسفورد ـ كل مستخدم محلي لصالح شركة أوربية كولونيالية. إذن فالمثقف الكمبرادور هو سمسار ثقافي تدفع له عمولة لتسهيل الهيمنة الثقافية والتهدئة السياسية.
إن مرجعية صناعة المثقف الكمبرادور او المخبر المحلي تعود إلى إعتماد دراسة الأدب الانكليزي كإستراتيجية فعالة للسيطرة الكولونيالية تماماً، كما قام الحاكم البريطاني في الهند من خلال تعليم جيل من الهنود ـ في الدم واللون ـ ليتحولوا إلى أنكليز في الذوق والآراء والألفاظ والفكر.
يقوم المثقف الكمبرادور اليوم بشيطنة الإسلام، وهو دين عالمي لايختلف عن سواه و"حيونة" المسلمين ـ وهم أمم وشعوب متنوعة ـ وبذلك يعيد تشفير العنصرية، خاصة في الولايات المتحدة من العداء لليهود الى العداء للمسلمين، ومن العداء للأفارقة إلى العداء للعرب والسمر عموماً. وهو بذلك يستبدل الواقع بالوهم إذ يحول الضحايا إلى قتلة.
يستشهد الكاتب بدراسة فرانز فانون عن العلاقة بين العنصرية والكولونيالية وذلك الإحساس بالدونية المؤلم الذي يستبد بالمثقف الكمبرادور. وكيف يقع فريسة للفرضيات العنصرية للقوى المهيمنة على وطنه التي تجعله يتماثل مع القوى المستعمرة ويسعى إلى خدمتها، أي ممارسة التماثل العبودي.
بعد احتلال افغانستان والعراق 2001 ـ 2003 برزت أصوات نموذجية ليست عابرة للمثقف الكمبرادور ولم تكن بعيدة عن مؤسسة البنتاغون والسيد وولفوتز ومستشاره برنارد لويس حلقة الوصل بين مرحلتي الإستشراق والمخبر المحلي كمستشار للبنتاغون. القائمة طويلة جداً وهذه أمثلة فقط كاللبناني وليد فارس مستشار الكونغرس لشؤون الشرق الأوسط والباكستانية هرسي علي والإيرانية آذار نفيسي صاحبة رواية (قراءة لوليتا في طهران) واللبناني فؤاد عجمي والعراقيان ليث كبة وكنعان مكية الذي تحدث لقناة تلفزيونية امريكية عشية الغزو الأمريكي لبلاده بأن العراقيين سيستقبلون الجيش الأمريكي بالحلوى والورود.
تحية للمفكر التحرري التنويري حميد دباشي وهو يفكك راهن الامبريالية الممتطية مفهومي الديمقراطية وحقوق الإنسان كحصان طروادة في فتوحاتها الامبراطورية لإستعباد شعوب المعمورة وافقارها.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• بشرة سمراء أقنعة بيضاء، تأليف: حميد دباشي، ترجمة: حسام الدين خضور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مثقفنا وجذوره
محمد البدري ( 2018 / 1 / 27 - 20:09 )
لا اعتقد ان هناك عداء للعرب حتي لو جاء ذكر العرب مباشرة في ايا من كتبات هؤلاء المذكورين بالمقال، فتخلف المنطقة ليس راجعا الي العنصر أو الجنس بقدر ما هو عائد الي ثقافة العرب والاسلام سواء كانت مسيحية أو اسلامية سنية او شيعة او صوفية. ادوارد سعيد لم يتطرق الي جذور المشكلة معرفيا الا علي لسان احد المستشرقين. فقد جاء في كتابه الاستشراق قوله: ليست سذاجة الشرقي في رؤيته لما هو غيبي انا في عدم قدرته علي فهم ما هو واقعي. كان سلوك الشرقي (عربيا واسلاميا) علي اساس هذه القاعدة. وبالتالي فان كل ما يمكن القاؤه علي الغرب من تهم فان جذوره في ثقافة الشرق المتخلفة. مرة اخري يستحيل علي الشرقي ان يكون مثقفا الا بالغوص في منجزات الثقافة الاوروبية بدءا من الفلسفة اليونانية وحتي انجازاتها الانية. فمركزية المعرفة الحديدة لا اساس لها الا في اوروبا. تحياتي

اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ