الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام -السلطة- و الإعلام -المتسلّط عليه-

محسن عامر

2018 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الإعلام إجمالا يجد راحلة فوق سلطوية في تعريف نفسه انطلاقا من السرديات المدرسية التي تقول أن الإعلام هو "سلطة رابعة" تلعب دورا رقابيا و أخلاقيا و احترازيا على بقية السلطات التنفيذية و التشريعية والقضائية . و بالتالي تحلّ إشكالية الهوية داخل الصراع الإجتماعي بموقف محايد بعيد شكليا على التجاذبات .و حتى لا يكون الموقف من الإعلام عبارة على انزواء أيولوجي "فجّ" يجب أن القول أن الفصل بين الإعلام كوسيلة تواصلية و السلطة كأدة هيمنة صعبة الفصل و معقدة التحليل بين رأس المال المهيمن على الإقتصاد و بالتالي التوازنات الإجتماعية وصولا إلى السلطة السياسية و تشكيل النظام الحاكم و الإعلام بوظيفته الدعائية .

الإعلام منذ "الثورة " عاش لحظة بلحظة تقلبات المشهد السياسي و الإجتماعي المتشكل ضمن ما سمي الإنتقال الديمقراطي . باعبار أن الأخير هو التجسيد الأعلى و الأقصى لحرية التعبير .التجسسّ على مكالمة أحد الصحفيين مؤخرا المرافق للإحتجاجات الإجتماعية في ما يمكن اعتباره فضيحة أخلاقية و قانونية ليسيت سوى جزأ من هذه التقلبات التي تريد بالمشهد إجمالا العودة إلى نقطة البدأ أو في أحسن الأحوال ممارسة هرسلة على أبواق الدعاية المضادة التي لا تتماشى مع أهواء النظام الحاكم .الإعلام في تونس مازال يعيش في مفارقة صميمية، طبيعة الواجب المهني التي تفترض أقصى درجات الحياد و الموضوعية و سوق النخاسة الإعلامية و مستنقات الإرشاء و شراء الذمم إغراءا كان أو عن طريق مسك الصحفيين من أمعائهم في قطاع شديد الهشاشة. نهاية النموذج الإعلامي على شاكلة "تونس بن علي" و لطفي البحري و الإعلام المعسكر و وكالة الإتصال الخارجي لم يترافق مع تكون مشهد إعلامي سليم ..فما إن هدأ صوت المتظاهرين و بدأ "الإنتقال الديمقراطي" حتى انطلقت حملة شيطنة متأخونة للإعلام تحت شعار "إعلام العار" الركيك و المكثّف حتى في مستواه المفهومي بفكرة "الفضيحة"..وصولا في نهاية المطاف إلى مرحلة التعفن الكبرى التي عبر عنها صاحب "البرويطة" سابقا شفيق الجراية بصراحة جلف لا يجيد الحديث "قتلوا شد كلابك و نشد كلابي" لتفضح الشائعات لاحقا "مفكرة" الميلياردير التي تحوي الإعلاميين و غيرهم المنتفعين من طايا الملياردير السخي .

الثورة لم تقم في النهاية إلا بتحريك بعض قطع اللعبة الهيمنية في مستواها الطبقي مع أنها أنشأت حركية ثقافية يمكن أن تلمس أكثر في سياسات الهوية و الحركات الجنسية و اليسار الثقافي الذي يتحرك داخل موضعات الفرد و الحرية الشخصية و المجموعات ذات النزوع اللاسلطوي ..محاولات خلق إعلام "أفقي" (النشريات الشبابية و المواقع الإعلامية المستقلة) المستفيدة من الثورة المعلوماتية و الاتساع الهائل لممكنات نشر المعلومة و تبادل الآراء ، فشلت في صنع رأي عام حقيقي قادر في الأدنى مقارعة الإعلام المرئي . ففي النهاية ظل الإعلام المرئي باهض التكلفة هو المحدد في صناعة الذوق الشعبي العام و تكوين الرأي العام السياسي .
..السلطة دوما تعاني مرض هلع مزمن تجاه سلاح الإعلام الذي قادر على تعرية كل أشكال الزيف الرسمي و لوبيات الفساد و المس من حقوق الإنسان .. المعركة في مربع الإعلام ضد السبطة تتحرك لفرض إحدى ممكنين ؛ إما خطاب السلطة أو سلطة خطاب إعلامي حر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا