الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل النفط نعمة ام نقمة وهل هو السبب في غزو وتدميرالعراق ؟

اياد حلمي الجصاني

2018 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



هل النفط نعمة ام نقمة وهل هو السبب في غزو وتدميرالعراق ؟

اياد الجصاني

امريكا والنفط ونظرية المؤامرة في غزو العراق

اثبتت احداث التاريخ ان منذ اكثر من نصف قرن كان سعي الولايات المتحدة الامريكية وبشكل متواصل وبكل وسائل الاقناع والمؤامرات في سياستها الخارجية منذ سقوط حكومة مصدق في ايران عام 1953ومرورا بسقوط حكومة عبد الكريم قاسمواغتياله في العراق عام 1963 وتسليح قوى الثوار في افغانستان عام 1980 ودعم صدام حسين في شنه الحرب على ايران عام 1980 وتحرير الكويت من الغزو العراقي في عام 1991 واخيرا سقوط نظام صدام حسين نفسه عند غزو العراق عسكريا عام 2003 , هو سعي يُدلل من خلال هذه المسيرة الطويلة للاحداث في تاريخ المنطقة منذ منتصف القرن الماضي على مدى اهتمام امريكا الكبير في نفط العراق و منطقة الخليج العربي . ولا ننسى ما حصل في العراق بعد الغزو الامريكي من تدمير متواصل لخطوط انابيب النفط المصدرة للانتاج ، حيث ، وعلى سبيل المثال وصل عدد عمليات التدمير فيها الى اكثر من 200 عملية خلال عام 2004 فقط مثلما افاد وزير النفط العراقي الاسبق ثامر الغضبان في لقاء مع احدى القنوات الفضائية العربية . كما ان حرق الآبار النفطية ومواجهة الصعوبات في حماية امن المنشآت النفطية في البلاد , كان وما يزال يشكل عائقا في وجه احلام الادارة الامريكية للحصول على انتاج النفط الكافي لسد متطلبات الحرب وديون العراق وما يحتاجه لاعادة الاعمار. كما اثبتت الاحداث ايضا ان الصراع في هذا المخطط وكل ما قامت به امريكا لضرب الاتحاد السوفييتي سابقا في انتاج نفطه لم يتحقق ، بل حتى ان الدولة الوحيدة التي اعتمدت عليها امريكا في الحصول على النفط منذ القرن الماضي ، وهي المملكة العربية السعودية ، اصبحت آبارها تتعرض للجفاف والاستنزاف . ومنذ ذلك الوقت ظلت امريكا تتخبط في سياستها في المنطقة واصبح التدخل في شؤون دولها سافرا وعلنيا مثلما تنتشر قواتها وقواعدها ما بين العراق وسوريا نظرا لكونها اصبحت اليوم اكثر اعتمادا على استيراد النفط مما كانت عليه سابقا .
شهدت الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية حصول الدول العربية على استقلالها . ومن بعد الاعلان عام 1968 عن عملية رحيل القوات البريطانية عن منطقة الخليج العربي ، باشرت الولايات المتحدة الامريكية العمل على اقامة علاقاتها مع كيانات المنطقة التي حصلت على امتيازات افضل في عقود الشركات الامريكية المنقبة عن النفط في اراضيها القائمة على المشاركة منذ الخمسينات وحتى تأسيس منظمة الاوبك عام 1961 وقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981الذي "انهار بسبب الصراع القائم حاليا ما بين السعودية وقطر" والى يومنا الحاضر. كما اصبح من مهمات الولايات المتحدة ان تقيم قواعدها العسكرية في هذه المنطقة لتأمين امدادات النفط ومنع اية محاولة يقوم بها العرب من اجل استخدام النفط كسلاح في ايديهم مستقبلا مثلما حصل في حرب اكتوبر تشرين اول عام 1973 . ورغم سيطرة شركات النفط الامريكية على الصناعة النفطية في المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج العربية، الا ان عينها ظلت ساهرة للوصول الى عودة الاستثمار والعمل في العراق الذي طُردت منه قبل اكثر من ثلاثين عاما عندما أممت الحكومة العراقية صناعة النفط رغم علمها بالصعوبات المكلفة في العمل هناك . فالامريكان كان هدفهم عقد الصفقات من اجل اعادة العمل في حقول النفط ولم يكن لديهم الوقت للحديث كثيرا عن الحرية والديموقراطية ولكنهم كانوا يقولون ان ما نقوم به هنا هو من اجل صالح العراقيين" ( مجلة التايم الامريكية في 19 مايو 2003 ) و (صحيفة اللوموند الفرنسية التي نشرت التقرير بالفرنسية في 20 ابريل 2003 ) و ( اياد الجصاني من كتابي بعنوان : النفط والتطور الاقتصادي والسياسي في دول الخليج العربي , الصادر عن دار المعارف بالكويت عام 1980) .
في حوار مع الكاتب الفرنسي المتخصص بالشئوون العراقية بيير جوان لويزار قال فيه :"ان العراق اصبح قبل كل شي محمية امريكية . لقد حذرت وهددت امريكا بالحرب من تدخل اى دولة في شئوون العراق . وان النفط هو العنصر الاساس الذي يفسر الحرب الامريكية على العراق . لقد قدمت امريكا إنموذجا دمويا في العراق وجاءت كالمنقذ لاخراج المنطقة بكاملها من الظلمات الى النور . اذن لم تكن الاسباب التي شنت من اجلها امريكا وبريطانيا هذه الحرب على العراق هي وجود اسلحة الدمار الشامل لدى صدام حسين ، كما لم تكن من اجل الديموقراطية وحقوق الانسان التي نادى بهما الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش ، بل كان السبب كله هو من اجل النفط في العراق الذي لم تستطع امريكا تأمين امداده لصناعتها الا من خلال الغزو العسكري لهذه الدولة . ان الخطأ الكبير الذي وقعت فيه امريكا هو انها لم تات من اجل قيام الديموقراطية والتنمية الاقتصادية او وضع يدها على اسلحة الدمار الشامل او محاربة الارهاب بل انها جاءت من اجل اقامة قواعد عسكرية لأمد طويل وذلك لضمان استمرار تدفق النفط من المنطقة . ويضيف لويزار قائلا :" ليس هناك اليوم اية ملامح لاستباب الامن في العراق ولا حتى تحقيق الديموقراطية . فطالما استمر الامريكان بالبقاء في العراق استمر الموت وبقاء الفوضى " (بيير جوان لويزار في قناة فضائية الجزيرة بتاريخ 6 مارس آذار عام 2005 ) .
القوات الامريكية تصول وتجول في العراق وتدمر ما تشاء حتى يومنا هذا منذ الغزو الامريكي عام 2003 . ففي يوم السبت 27 كانون ثاني 2018 قصف طيران التحالف الدولي ناحية البغدادي غرب محافظة الأنبار وذكرت مصادر أمنية إن 8 أشخاص قتلوا من بينهم ضابط استخبارات ناحية البغدادي في قصف امريكي من دون التنسيق مع القوة المكلفة بالواجب حيث استهدفتهم الطائرات الساندة للقوة. من جانبها أعلنت قيادة العمليات المشتركة عن فتح تحقيق بالحادثة. واستنكر المرجع الديني، الشيخ جواد الخالصي الاعتداء الامريكي على ناحية البغدادي، فيما وصفه بالجريمة الوحشية والغطرسة الارهابية الحمقاء. وهل نسي العراقيون مذبحة ساحة النسور ببغداد في 16 سبتمبر عام 2007 وغيرها من المذابح حينما أطلق العاملون في شركة بلاك ووتر الأمنية وهي شركة امريكية عسكرية خاصة النار على مدنيين عراقيين عزل التي راح ضحيتها مقتل 17 وإصابة 20 شخصا ؟ ( صحيفة الاخبار 28 يناير 2018) .

اما الكاتب هشام الدجاني فقد كتب في صحيفة الحياة يقول :" ان الاحلام الامبراطورية لدى الادارة الامريكية تزداد تجذرا ورسوخا . وان الادارة الامريكية تبني القواعد العسكرية وتعيد ترميم بعضها من اجل اقامة طويلة في العراق بسبب وجود احتياطي نفطي ضخم في هذا البلد يعُتبر الثاني من نوعه في العالم . وهذا ما جعل كثيرا من الشخصيات الرسمية الامريكية تعتقد ان القوات الامريكية في العراق ستظل باقية هناك لعدة سنوات . وكما يقول الكاتب الامريكي دانيال يورغن : ان الوجود العسكري الامريكي في العراق اصبح ضروريا للسيطرة على الشرق الاوسط . وان العراق باحتياطياته النفطية التي لا تقدر بثمن هو اعظم جائزة في التاريخ كله " ( هشام الدجاني : العراق .. أي مستقبل له مع الوجود العسكري الامريكي المديد في صحيفة الحياة 10 اكتوبر 2005 ) .
ومن الملفت للنظر ان وزير البيئة وعضو البرلمان البريطاني مايكل ميشر، الذي استقال مباشرة احتجاجا على غزو العراق الذي وقفت فيه بريطانيا الى جانب امريكا عام 2003 ،قدم تقريرا نشرته صحيفة الغارديان البريطانية بعد استقالته قال فيه :" يبدو ان ما سُمي بالحرب على الارهاب على ضوء احداث 11 سبتمبر ايلول عام 2001 ، ما كان الا اكذوبة أُستغلت كغطاء من اجل تحقيق الاهداف الاستراتيجية الامريكية في المنطقة والدليل على ذلك ان الحرب على الارهاب استُغلت كوسيلة للخداع من اجل تطبيق المخطط الخاص بمشروع القرن الامريكي الجديد . وان الاهداف الرئيسية التي وُضع من اجلها هذا المخطط هي السيطرة على منطقة الخليج واحتلال العراق حتى تضع امريكا يدها على الثروة النفطية في هذه المنطقة. هذا ما قالة الوزير البريطاني مباشرة بعد غزو العراق عام 2003". فاين نحن اليوم من كل ذلك وما مر بالعراق خلال الاعوام الماضية منذ الغزو وقيام دولة الخلافة الاسلامية داعش التي احتلت الموصل ومناطق عديدة من العراق والوصول قريبا من بغداد بعد حرب دامت لعدة سنوات قبل تحريرها والتي ما زالت حتى اليوم تطارد في محافظات اخرى كديالى وغيرها ؟ (مايكل ميشر وزير البيئة البريطاني السابق في صحيفة الغارديان البريطانية 30 ابريل 2003 )
ذكر الصحفي النمساوي هوغو بورتش في حينه :" ولان الادارة الامريكية كانت لا تريد ان ترى المملكة العربية السعودية تقع ضحية لثورة داخلية في الوقت الذي يظل فيه صدام حسين على رأس الحكم في العراق ، شنّت امريكا الحرب على صدام حسين . وبناء عليه احتاج المخطط الى فكرة المؤامرة كغطاء لتنفيذ ذلك المشروع وكان تنفيذ مخطط المؤامرة المذكور غاية في الاهمية لتحقيق الهيمنة الامريكية على منطقة الشرق الاوسط مما جعل الادارة الامريكية ان تضع مخطط احتلال العراق موضع التنفيذ للسيطرة على حقول النفط فيه مع بقاء المملكة السعودية الحليف القريب والدائم لامريكا ." وبالفعل رأينا عندما دخلت القوات الامريكية العراق كان من الاهمية القصوى ان تسيطر على موانئ النفط في البصرة وتحاصر مبنى وزارة النفط ببغداد . (الصحفي النمساوي هوغو بورتش في المقابلة التي اجرتها معه مجلة الاخبار النمساوية الاسبوعية في عددها 16 لعام 2003 ).
فهذا هو العراق اذن حيث الاحتياطي النفطي الضخم الثاني من نوعه في العالم كما يقول الدجاني . العراق كان ينتج 5و3 مليون برميل يوميا عام 1979، لكن انتاجه وصل الى اقل من 2 مليون برميل يوميا بعد الغزو بدلا من امكانية انتاجه 6 ملايين برميل يوميا . الا انه مع كل الجهود منذ الغزو الامريكي عام 2003 وصلت صادرات النفط كما اعلن في كانون الثاني هذا الشهر من عام 2018 الى 3.5 برميل يوميا اي الى نفس المستوى الذي كان قبل الغزو . والعراق يملك احتياطيا معلنا يصل الى 112 بليون برميل وآخر ما زال غير مستغل في آباره يبلغ 220 بليون برميل مما سيجعل من العراق ان يشكل منعطفا حاسما في ميزان اسواق النفط العالمية الى سنوات قادمة . وبالفعل اصبح العراق سوقا نفطية عالمية دخلته الشركات الامريكية وغيرها . قال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد في بيان تلقته (بغداد اليوم) :" ان عدد الشركات التي تعاقدت معها شركة النفط العراقية، سومو، بلغ (38) شركة من جنسيات مختلفة " . ولكن كم منها امريكية ؟ " وان معدل صادرات النفط بلغ 3.5 مليون برميل يوميا ". لكن الخبير الاستشاري احمد موسى جياد حذر قائلا : " ان على مجلس الوزراء ومجلس النواب الزام وزارة النفط بتنفيذ سياسة الحكومة ألأتحادية النافذة حاليا وذلك بمنع شركات القائمة السوداء من المشاركة في جولة التراخيص الجديدة . وان توقيت هذه الجولة غير موفق، وعديد من الشركات التي اعلنتها الوزارة مدرجة في القائمة السوداء، وتنعدم الشفافية بشان العقود المقترحة، اما اسلوب المفاضلة في اختيارعروض الشركات فانه غير معلن اظافة الى انعدام دراسة الجدوى للحقول والرقع المعروضة " .
ومن الجدير بالذكر ان اشير هنا الى ما كتبته صحيفة اللوموند الفرنسية بالقول :"ان الحكومتين الامريكية والبريطانية وبمشاركة مجموعة من الساسة العراقيين بعد الغزو كانوا قد بدأوا الاستعداد في الضغط من اجل الوصول الى نظام يمهد للتوقيع على عقود طويلة الامد مع شركات النفط الاجنبية . وان مثل هذه العقود ستكون مستثناة من نفوذ القضاء في المحاكم العراقية وفي مأمن من اية سلطة ديموقراطية اضافة الى القانون الذي صدر زمن بريمر الحاكم الادراي في العراق بالسماح لشركات النفط بتحويل ارباحها الى خارج العراق .ولقد اشارت مارى كرويتسر في كتابها الى " أن من اجل السيطرة على منابع النفط شنّ جورج بوش الحرب على العراق حتى يُلغي العمل بقانون تأميم صناعة النفط فيه ويحقق تحويل ملكية صناعة النفط في الدولة الى الخصخصة امام الشركات الامريكية " . ومن هنا تقع وزارة النفط العراقية في اشكاليات عديدة تدخل بلا شك ضمن قضايا ملفات الفساد التي ينادي رئيس الوزراء السيد العبادي بمحاربتها بخصوص جولات التراخيص والشركات المدرجة ضمن القائمة السوداء التي ما تزال الوزارة تتعامل معها (إشكاليات عديدة في جولة التراخيص النفطية الجديدة : احمد موسى جياد استشارية التنمية وألأبحاث/العراق صحيفة الاخبار 24 يناير 2018) و (معدل صادرات العراق النفطية أكثر من 3.5 مليون برميل ) نفس المصدر . و(مارك روش مراسل صحيفة اللوموند الفرنسية في18 ديسمبر 2005 ) و ( من كتاب مارى كرويتسر بعنوان : "العراق من جمهورية الخوف الى ديموقراطية الشعب "الصادر من دار شاعرة في فرايبورغ وبدعم من جامعة فيينا ووزارة الثقافة والعلوم في النمسا عام 2004 ). (اياد الجصاني : من كتابي بعنوان : احتلال العراق ومشروع الاصلاح الديموقراطي الامريكي : حقائق واوهام الصادر في بغداد عام 2008 ) .

هل الحل هو في تقليل الاعتماد على النفط ؟
بعد كل ما مر بنا وكما هو معروف ان منذ ان أستخدم النفط قبل سنوات عديدة كاهم مصدر للطاقة في العالم ، جاءت هذه الثروة بالكثير من الكوارث الانسانية في تخلف الدول المنتجة للنفط ومعاناة شعوبها من الفقر والانقلابات العسكرية وتعرضها للمؤامرات والغزو الاجنبي كما حصل وما زال مستمرا في العراق مثلما بينا سابقا وفي سوريا وليبيا وغيرها من دول منطقة الشرق الاوسط . اضف الى كل ذلك ما يسببه النفط من تلوث وكوارث في البيئة مثل الاحتباس الحراري وارتفاع معدلات الالتهاب الرئوي وتدمير الثروة السمكية في بعض المناطق. ففي عام 2012 ساهمت مصادر الطاقة الكربونية مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي في نسبة 87% من إجمالي الطاقة المستهلكة في العالم مما جعل شركات النفط والغاز الطبيعي تتربع على عرش إمبراطوريات الطاقة حول العالم وجعلت منها “حيتان” كبيرة تتحكم في الاقتصاد والسياسة الدولية. واذا ما عرفنا ان النفط مصيره النضوب ، وجب على المسئوولين في العراق البحث عن حلول للابتعاد عن الاعتماد على النفط تدريجيا ومن هنا يصبح التحول إلى مصادر بديلة للطاقة امرا ملحًا لأن النفط والغاز الطبيعي هما مصادران يتم استنفاذهما بسرعة كبيرة رغم وجود احتياطات كبيرة في العراق كما مر بنا ، لكنها لن تدوم الى الابد. ولقد حان الوقت ان تفكر الجهات الحكومية المسئوولة عن انتاج النفط والغاز في العراق بالبحث عن بدائل أكثر نقاءً وأقل تلويثًا للبيئة ضمن اعمال وزارة جديدة تعمل الى جانب وزارة النفط. ومن هذه البدائل تاتي الطاقة الحركية للرياح بواسطة استخدام التوربينات لإنتاج الطاقة الكهربائية، وهي طاقة نظيفة متجددة لا ينتج عنها انبعاثات كمثل غازات الاحتباس الحراري أثناء التشغيل، وأثرها على البيئة عادة ما يكون أقل إشكالية من مصادر الطاقة الأخرى.وطاقة الرياح البرية هذه مصدر غير مكلف وتنافسي وأرخص من محطات الفحم أو الغاز وبامكانها أن توفر الكهرباء لمواقع معزولة خارج نطاق الشبكة الكهربائية. ولقد سجل إنتاج طاقة الرياح حوالي 4% من إجمالي استهلاك الكهرباء في جميع أنحاء العالم، وهذه النسبة في زيادة مستمرة.
اما عن الطاقة الشمسية فهي الضوء والحرارة المنبعثان من الشمس التي تضم تقنيات تسخير الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة عبر الظواهر الكهروضوئية باستخدام ألواح الخلايا الضوئية بالإضافة إلى التصميمات المعمارية التي تعتمد على استغلال الطاقة الشمسية، وهي تقنيات تستطيع المساهمة بشكل بارز في حل أكثر مشاكل العراق إلحاحا اليوم في نظم التسخين والتبريد خلال التصميمات المعمارية التي تعتمد على استغلال الطاقة الشمسية في توفير الماء الصالح للشرب خلال التقطير والتطهير وتسخين المياه والطهو بالطاقة الشمسية، ودرجات الحرارة المرتفعة في أغراض صناعية. ويعد هذا القطاع اي قطاع إنتاج الطاقة الشمسية احد اهم البدائل التي تسعى الدول المنتجة للنفط على تطويره في إطار سعيها لتقليل اعتمادها على النفط من خلال اقامة محطات للطاقة الشمسية او اقامة التوربينات للرياح لتشغيل اكثر المنشأت الصناعية من اجل انهاء الاعتماد الكلي على النفط والغاز . فهل حان الوقت ان تدرس الحكومة الجديدة بعد الانتخابات القادمة الى جانب الكفاءات العراقية استخدام مثل هذه البدائل في عراق وهبه الله شمسا مشرقة باستمرار في كل فصول السنة ؟ لقد بات في حكم الملح جدا النظر في ملف الطاقة بجميع أنواعها ومصادرها واستخداماتها في العراق وإلى بذل المزيد من الجهود نحو اعداد البحوث والابتكارات وتفعيل التكنولوجيا في مجال الطاقة بكل انواعها المارة الذكر، وإطلاق المزيد من المبادرات الايجابية في هذا المجال التي من شأنها الوصول الى الطاقة البديلة مع مرور السنين وتقليل الاعتماد على النفط مع ضرورة التبني لخطط واستراتيجيات مدروسة وتنسيق الجهود كافة بين الجهات العاملة في مجال الطاقة لتحقيق أهداف وتطلعات العراق في الوصول الى التقليل من الاعتماد على النفط والاستفادة من الطاقات البديلة .
وانطلاقا من هذه المبادرات المارة الذكر سينفتح باب تشجيع الاستثمار مع الشركات الاجنبية المتخصصة في هذه التكنولوجيا لتوفير فرص العمل الجذابة والتنمية في العراق فهل توصل رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي الى توقيع اتفاقيات ثنائية مع الشركات العالمية المختصة في هذه التكنلوجيا اثناء وجوده في منتدى دافوس الذي عقد الاسبوع الماضي ؟ . ومتى ما حقق العراق ما نصبو اليه مستقبلا وبعد ان يبدأ نضوب النفط والغاز تدريجيا سيكون من السهل الاتفاق على رحيل القوات المحتلة الموجودة في القواعد العسكرية الامريكية المنتشرة في الاراضي العراقية بسبب انتهاء مهامها ومصالحها النفطية كما سينتهي الكثير من عقود وامتيازات شركات النفط الاجنبية لتبدأ بمغادرة العراق خاصة بعد ان يستتب الامن والاستقرار بجهود حكومات العراق الوطنية الامينة القادمة ولربما تدق الساعة عن الوصول الى توفير الطاقة للعراقيين بشكل مستمر وليتخلصوا من ماساة انقطاع التيار الكهربائي وانقطاع مياه الشرب بشكل عشوائي عن بيوتهم لساعات متعددة كل يوم منذ عام 2003 ولينعموا بالراحة بعيدا عن الكآبة والمعاناة وصرف التكاليف الكبيرة من اجل الحصول على الطاقة من اصحاب المولدات الانتهازيين المستغلين والمتعاونيين مع اللصوص المتنفذين في دوائر النفط والكهرباء ، تلك المولدات المنتشرة في الشوارع والازقة مع سقوك اسلاكها في الطرقات الى جانب النفايات على نحو متخلف فيه الكثير من الخطورة على حياة الناس اضافة الى منظرها اللاحضاري المقرف . واذا ما عرفنا كيف يشتري العراقيون قناني الغاز القديمة من الشارع التي مر على استعمالها اكثر من نصف قرن من الزمن والنفط ايضا وباسعار مرتفعة في بلد النفط والغاز، فالامر كله سيزيد من تردي الوضع الانساني والنفسي عند العراقيين حيث عاد الكثير من العوائل الى استعمال الشمعة واللمبة النفطيفة في حياة شعب يعيش في القرن الواحد والعشرين . لكن الاهم من كل ذلك والمطلوب من العراقيين اليوم هو ان يراقبوا ويشاركوا باسم الديموقراطية المستوردة في الانتخابات التي ستجري في مايو القادم تلك الانتخابات التي مل الشعب من تكرارها ومصداقيتها والتي افتى المرجع الديني الشيعي فاضل المالكي بمقاطعتها . ولقد شاهدت من قناة تلفزيون العراقية خروج مظاهرات ايام الجمع الماضية في بغداد بساحة التحرير ومدن عراقية اخرى احتجاجا على سوء الخدمات وبخاصة مطالبتهم بالغاء برنامج خصخصة التيار الكهربائي المقدم من قبل وزارة الكهرباء (صحيفة الاخبار : مرجع شيعي يفتي بوجوب مقاطعة الانتخابات ويحرم دخول مراكزها لشطب الاستمارة 23 يناير 2018 ) .
وفي الختام فليسمح لي القارئ الكريم ان اسأل : هل ان العراق اليوم دولة ذات سيادة ام دولة محتلة حتى الان من قبل امريكا ؟ وهل ان السفارة الامريكية ببغداد بثلاثة آلاف موظف او اكثر العاملين فيها هي لمراقبة مشؤوع الاصلاح الديموقراطي الامريكي في العراق ام لخدمة المصالح النفطية الامريكية فيه وكمركز للتجسس والسيطرة على منطقة الشرق الاوسط انطلاقا من بغداد ؟ وهل ان الغزو الامريكي جاء لانقاذ العراق من الدكتاتورية ام لنشر الفوضى والارهاب فيه ؟ وهل ان ثروة النفط الكبيرة في العراق حققت للعراقيين الاستقرار والامن والتقدم والتنمية ورفع الظلم عنهم ، ام تفشي الفساد والرشوة والمخدرات والدعارة والجريمة والانحطاط فيه ؟ وهل ان ثروة النفط وزعت على نحو عادل ببين العراقيين للقضاء على الفقر واللاعدالة في مستوى المعيشة بين المواطنين ام ان عصابات المحاصصة الطائفية والقومية والكتل الحزبية وكبار رجال الدولة ونواب البرلمان والمسيطرين من الاكراد في اقليم كردستان هم المتنعمون المستفيدون فيه ؟ وهل ان الحكومة الجديدة بعد الانتخابات القادمة ستعمل على انقاذ العراق من الانهيار ام ستسير على نفس نهج الحكومات السابقة فيه ؟ واذا ما افترضنا جدلا ان مستوى انتاج النفط سيبدأ بعد عقد من الزمن بالهبوط فاين المفر في دولة تعتمد على واردات انتاج النفط باكثر من 90 بالمائة ؟ واخيرا وليس آخرا اسأل هل ان وجود النفط في العراق يصبح نعمة ام نقمة ؟ واخيرا وليس آخرا هل ان انهيار العراق هو بسبب وجود النفط فيه فقط ام بسبب اطماع امريكا وتدميرها المتواصل للعراق ؟ اسئلة متعددة اطرح بعضا منها على القارئ الكريم ارجو ان يجيب عليها بامانة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال