الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس و روسيا

نضال العبود

2006 / 3 / 5
القضية الفلسطينية


لا شك أن حماس حققت بزيارتها إلى موسكو و اجتماعها مع وزير الخارجية و ربما لاحقاً مع سيّد الكرملين تطوراً مهماً في علاقتها مع المجتمع الدولي ، و هو أول خرق في جدار الحصار الدولي الذي تحاول فرضه إسرائيل و حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية على حماس ، و هي أهم زيارة يمكن أن تقوم بها إلى الخارج. فقد قدم كل من الطرفين الروسي و الفلسطيني موقفه بغض النظر عن الاختلافات و التوافقات كما صرح بذلك رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل الذي ترأس الوفد.

يعتقد الروس أن حماس أصبحت الآن الممثل الشرعي السياسي للشعب الفلسطيني التي فرزتها انتخابات ديمقراطية لا خلاف حول نزاهتها. هذا بالإضافة للدعم المعنوي الكبير الذي تتلقاه من العالم الإسلامي. فروسيا لم تعتبر حماس في يوم من الأيام منظمة إرهابية كما تحاول أن تسوقها إسرائيل و الولايات المتحدة و تشترك في ذلك مع بعض الأطراف الدولية كالاتحاد الأوروبي و الصين. كما أنها (روسيا) تعتبر أن إسرائيل هي المسئولة عن تعثر الاتفاقيات التي أبرمتها مع الجانب الفلسطيني ابتداءً من مدريد إلى أوسلو و وادي عربة و ليس انتهاءً بخارطة الطريق التي وافق عليها الجانبان الفلسطيني و الإسرائيلي.

هذا من جهة أما من جهة ثانية، فإن روسيا التي بدأت ترسم خطاً سياسياً جديداً فيما يتعلق بالملفات الساخنة في الشرق الأوسط كالملف النووي الإيراني و الضغط الدولي على سوريا بخصوص التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، تريد أن تمتلك أوراق ضغط سياسية جديدة تبرزها أمام الولايات المتحدة و الغرب الأوروبي في الوقت الناسب، و هي ربما من خلال تحسين علاقتها مع حماس ترطب و تنقي الأجواء الملبدة في القوقاز، بالرغم من أن البعض يرى أن موقف روسيا هذا هو نوع من النفاق السياسي إذا ما قورن بموقفها من قضية الشيشان.
ما تطلبه روسيا من حماس في الوقت الراهن هو التحلي بالمرونة السياسية و الدخول في مفاوضات السلام التي بدأتها منظمة التحرير مع الجانب الإسرائيلي دون الضغط عليها للاعتراف به على الأقل في هذه المرحلة.
فربما تعتقد موسكو أن حماس يمكن أن تغير موقفها من الرفض إلى القبول و التخلي عن الكفاح المسلح كما حدث سابقاً مع منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر مدريد عام 1991.
و ما تريده روسيا من حماس أيضاً أن تتحسن علاقتها مع الرئاسة الفلسطينية بقيادة أبو مازن لتصل إلى تعايش كامل سيما أن روسيا تربطها بمنظمة التحرير و مع أبو مازن شخصياً علاقات تاريخية.

أما حماس فتعول على الموقف الروسي الكثير، فهي تريد أن تدخل معها في حوار سياسي يفك عزلتها الدولية و يؤدي إلى الاعتراف بها كممثل سياسي شرعي للشعب الفلسطيني. فحماس ترى و وراءها معظم الشعب الفلسطيني أن المشكلة في الطرف الإسرائيلي الذي يمعن في المماطلة و التسويف و وضع العقبات أمام الآمال في إقامة دولة فلسطينية حرة مستقلة. فقد قامت إسرائيل بمحاصرة السلطة الفلسطينية في السابق عندما لم تكن حماس بعد في السلطة و ضيّقت على رئيسها الراحل ياسر عرفات بالرغم من التنازلات التي قدمها، حتى أن حماس تعتقد أن إسرائيل هي من قتل الرئيس عرفات.
إذاً فإن حماس تعتبر أن إسرائيل تريد كسب الوقت و هي ضد الشعب الفلسطيني بكافة ألوانه و أطيافه، و هي ليست جادة في مساعيها نحو السلام فبالأمس كانت ضد منظمة التحرير واليوم هي ضد حماس و تعتقد أن مسلسل الرفض هذا سيستمر في المستقبل إذا لم يسع الطرف الفلسطيني إلى تغيير قواعد اللعبة مع الآخر الإسرائيلي. لذلك فهي تشترط على الجانب الإسرائيلي الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران و إنهاء الاحتلال كشرط للدخول معه في هدنة طويلة الأمد.
و حماس في النهاية تريد من روسيا دوراً أكثر أهمية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية و ضمان استمرار الدعم المالي الذي لا غنى عنه للشعب الفلسطيني من أجل تقوية موقفه التفاوضي في المستقبل.

أما على الجانب الإسرائيلي فالموقف من الزيارة على النقيض تماماً. فالزيارة تعتبر فشلاً ذريعاً لسياسة الحكومة الإسرائيلية في فرض حصار مالي و سياسي على السلطة الفلسطينية و لا سيما أن دعوات أخرى قدمت لحماس لزيارة جوهانسبرغ و ربما فنزويلا و قد يتبعها دول أخرى. و هذا ما يفسر التغير التدريجي في الخطاب الإسرائيلي تجاه حماس من الرفض التام عشية نجاحها في الانتخابات إلى إمكانيات أخرى بعد الزيارة. و ذلك بعد أن فشلت وزيرة الخارجية الإسرائيلية في ثني الاتحاد الأوروبي عن تقديم 140 مليون دولار كمعونة للشعب الفلسطيني ، و مع تراجع الولايات المتحدة عن سحب كامل مساعداتها إلى السلطة الفلسطينية فهي قبلت أن تمنحها ثلاثين مليون دولار و أن تسحب فقط عشرين مليون من مساعداتها البالغة خمسين مليون دولار.

و مهما يكن من أمر فإنه إذا ا استمرت حماس في نجاحاتها السياسية فإن على إسرائيل أن تلتقي معها في منتصف الطريق و لكن لا يعتقد المراقبون الطرف الإسرائيلي يمكن أن يقدم أية تنازلات فقد دأبت الإستراتيجية الاسرائيلية منذ التأسيس على تقديم أقل التنازلات مقابل أكبر المكاسب و البقاء الأقوى في أية مفاوضات مع الفلسطينيين للتمكن من فرض شروطها إلى أجل غير مسمى.
-------------------
د. نضال العبود 5/3/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ