الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرق الاوسط .. وتجليات الازمة السورية

محسن طاهر

2018 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الشرق الاوسط .. وتجليات الازمة السورية

محسن طاهر

ترقد منطقة الشرق الاوسط على برميل من البارود, وتعتبر الأكثر جدلاً في السياسة الدولية, لما تختزن بين جنباتها من ثروات استراتجية هائلة, تسيل لها اللعاب ويغري الكبار للظفر بكعكتها الثمينة أو جزء منها, فبدلاً أن تصبح هذه الثروات نوراً للمواطن قد أمست ناراً عليهم وألحقت بهم لعنة الصراعات المستدامة, وجلّ المؤشرات لا تشي بقرب النهايات المحمودة لهذه الازمات المركبة في المنظور القريب, مادام الحسم والتوافق حيال تقسيم الكعكة وكيفية التوزيع برسم الكبار .
الازمة السورية هي أحد أوجه تجليات الصراع على النفوذ في الشرق الاوسط وطول أمدها دون حلول جذرية, يعود بالدرجة الأولى لتضاد المصالح واختلاف الرؤى بين الاطراف المؤثرة, إضافة إلى العقلية التروليتارية للسلطة الحاكمة في دمشق, والتمسك بالخيار العسكري ومنذ البداية للتعامل مع الحراك السلمي, والاستنجاد بمثيلاتها من الانظمة والمليشيات العسكرية لؤد ثورة الحرية, حفاظاً على الذات ومنعاً للانهيار, مما وفّرت الاسباب والمبررات للآخرين التدخل في الشأن السوري, بذريعة حماية الشعب من بطش السلطة, أو حماية النظام من المؤامرات المزعومة, إذاً أس البلاء في توفير مناخ الازمة ومبررات التدخل الخارجي, يعود لذهنية الحوكمة التي نهلت من معين الاستبداد والتسلط, وتجاهلت ارادة الشعوب في الحرية والديمقراطية, مما سهّل للغازي القفز فوق تخوم الوطن الذي سخّرَه قائد الضرورة, لمقتضياته الشخصية والفئوية ردحاً من الزمن ناهيك عن الخلافات الحادة بين الدول الاقليمية التي انخرطت بشكل مباشر أو غير مباشر في الازمة ومدى مقاربة الحلول المطروحة لسياساتها ومقدار التطابق بين مصالحها الوطنية مع النظام القائم أو البديل القادم ومن هذه الدول:
أولاً-اسرائيل اصبع على الزناد وعين على البديل:
يمكن وصف موقف الحكومة الاسرائيلية حيال الازمة السورية الاكثر حيادية على الاطلاق في انتهاجها سياسة النأي بالنفس, رغم بعض الغارات الجوية على مستودعات الذخيرة على الجانب الاخر, كرسائل تحذيرية, لجعل تخومها بعيدة عن مرمى الصواريخ والأسلحة الايرانية أو غيرها, فإسرائيل غير آبهة بطول أمد الصراع ما لم تتعرض للسوء, لكنها تراقب الوضع عن كثب وتدرك تماماً أن المعارضة والتيارات الراديكالية فقدت الكثير من بريقها وانتابتها الضعف والتشرذم, وتناثرت على تخوم الجهات الاقليمية والدولية, فتاهت بين تعدد الولاءات وكثرة المرجعيات, مما جعلت الحكومة الاسرائلية غير مستعجلة من حسم أمرها ما لم تصل لقناعة تامة مفادها البديل هو الافضل .
ثانياً- العرب اجماع على نهاية السلف واختلاف بخصوص الخلف :
رغم التمايز في الرؤى والتوجهات السياسية ودرجة التدخل في الشأن السوري إلا أن الموقف حيال النظام السوري يحظى بشبه اجماع في عدم صلاحيته لقيادة سوريا المستقبل, بينما التوافق على هيئة البديل المفترض لا يزال غائباً, فدولة قطر هي الجهة الاكبر تمويلاً وتسليحاً لجماعة الإخوان المسلمين وتسعى جاهدة لتسويق المنظومة الاخوانية في الداخل والخارج, أما المملكة العربية السعودية ودول الخليج الاخرى تناصر التوجه القومي العروبي وبعض الشخصيات الاسلامية المعتدلة والمستقلة وتشاطرها التوجه دول التعاون الخليجي, وجمهورية مصر العربية.
ثالثاً- ولاية الفقيه أحلام صفوية بلبوس طائفي :
يشكل التمدد الافقي للنظام الايراني في سوريا , التهديد المباشر للأمن والاستقرار في المنطقة, مما يجعل الوصول إلى الحلول الناجعة للازمة السورية وبالطرق السلمية في غاية الصعوبة, نتيجة سعي طهران لإقامة امبراطورية مترامية الاطراف تمتد من اليمن مروراً ببغداد ووصولا لدمشق فبيروت, سمي بـ (الهلال الشيعي).
رابعاً- تركيا وفوبيا الكرد :
أن قفز النظام التركي خارج الأسوار والهروب أماماً, للرقص على ايقاع فوبيا الكرد, والانحياز التام للدولة العميقة في بغداد لتقويض ارادة الشعب الكردي في تقرير مصيره, بذريعة دواعي الأمن والاستقرار, تضرّ بالمصالح التركية ولا تستقيم وضرورات المرحلة الراهنة, لا بل تزيد من تفاقم أزماتها الداخلية, وتسبب في نسف المساعي الأممية لمقاربة الحل للازمة السورية (جنيف, استنا, سوتشي...)
يخطئ من يعتقد بان الازمة السورية ستشهد حلولاً ناجعة في مؤتمرات دولية غير ملزمة, ويخطئ أيضاً من يعتقد بان النظام وبعد هذه المدة الطويلة من العناد والقتل والتدمير, سوف ينصاع للحلول السياسية, ويغادر القصر الجمهوري مسلماً زمام العرش للمعارضة, وكذلك المعارضة ورغم ضعفها لن تُجَرّ لحضن النظام الحاكم, وتالياً الهدوء النسبي الذي شهدته سوريا العام المنصرم, قد لا يصمد أمام التطورات الميدانية والعسكرية المتسارعة, نتيجة الخلافات الحادة بين واشنطن وموسكو وحلفاؤهما حول المصالح ومناطق النفوذ في المنطقة بعيد الانتهاء من محاربة داعش وقرب هزيمته عسكرياً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصة نجاح حلوانية سورية بمدينة غازي عنتاب التركية | عينٌ على


.. إسرائيل ترسل مجددا دبابات إلى شمال قطاع غزة وتزيد الضغط العس




.. السودان: سقوط 27 قتيلا واستخدام - أسلحة ثقيلة- في معارك الفا


.. مصر: التنمر الإلكتروني.. هل تكفي القوانين لردعه؟ • فرانس 24




.. رئيس الوزراء اليوناني في أنقرة في زيارة -حسن جوار-