الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمام واقع استثنائي يتطلب أجوبة استثنائية

عايدة توما سليمان

2018 / 2 / 4
القضية الفلسطينية



الأخوات والإخوة، الحضور الكريم، الرفيق محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية وجميع الزملاء أعضاء القائمة المشتركة وممثلي كافة مركبات لجنة المتابعة، سماحة المفتي محمد حسين، مفتي القدس وفلسطين، أهلنا الكرام، أبناء شعبنا في النقب والمثلث والجليل، تحيّة وطنيّة فلسطينيّة خالصة،
يسرّني أن أكون هنا بينكم في هذا المساء، في هذا المهرجان المَهيب بمناسبة اليوم العالمي لدعم حقوق جماهيرنا العربية الفلسطينية الباقية في وطنها، هذا الجزء الهام من الشعب الفلسطيني، والذي لن نجد أدقّ من كلمات شاعرنا الخالد توفيق زيّاد في وصف حالتنا حين قال:
كأننا عشرونَ مستحيل
في اللد، والرملة، والجليل
هنا على صُدوركم باقونَ كالجدارْ
وفي عيونِكم زوبعةً من نارْ
وفي حلوقِكم كقِطعة زجاجٍ.. كالصّبّار
وحين قال:
أنا ما هُنتُ في وطني
ولا صغّرتُ أكتافي
وقفتُ بوجهِ ظلاّمي
يتيمًا، عاريًا، حافي!
آتي إليكم من القدس، من الكنيست، من المكان الذي أصبح مصنعًا لسنّ القوانين العنصرية، والسياسات الفاشية التي تقودها حكومة نتنياهو وائتلافُه اليميني الحاكم: قانون منع الأذان، قانون منع لم شمل العائلات الفلسطينية، قانون الإرهاب، قوانين التضييقات على العائلات وعلى الأطفال وعلى الأمهات. وأخيرًا وليس آخرًا: ما يسمّى بـ "قانون القومية"؛ الذي يعني انتقال دولة إسرائيل من دولة يهودية في المركز وديمقراطية في الهامش، إلى دولة عنصرية في الجوهر وفاشية في الطابع! إلى نظام أبارتهايد رسمي ومُعلَن يضاهي نظام الفصل العنصري البائد في جنوب أفريقيا ويستلهم أفكاره من الحركات الفاشية.. لا بل حتى – حسب البروفيسور زئيف شطيرنهل – من الأيديولوجيا العنصرية النازية!
ونحن من هنا، من قلب الجليل، نعلنها واضحة في وجه حكّام إسرائيل: إنّ انتماءنا لوطننا، وعلاقتنا العضوية بهذه الأرض - بهذه الجبال، وهذه السهول، وهذا البحر - هي حقيقة تاريخية وجغرافية ووجدانية راسخة. ونقول للسيد نتنياهو وحكومته: إنّ كل قوانين الدنيا لن تغيّر من حقيقة أننا هنا، لسنا ضيوفًا ولسنا عابري سبيل، ولسنا رعايا أو أيتاما على موائد اللئام.. بل نحن جزء حي وواع ونشيط من الشعب العربي الفلسطيني، من القضية الفلسطينية، من النكبة الفلسطينية، من البقاء الفلسطيني، من الصمود الفلسطيني.. ونحن من هنا، من موقعنا ومن تجربتنا، نحن جزء لا يتجزأ من النضال الفلسطيني من أجل الحرية، ومن أجل مستقبل بناتنا وأبنائنا وأحفادنا وأحفاد أحفادنا، ومن أجل العيش بكرامة فردية وكرامة جماعية في وطننا الذي لا وطن لنا سواه!
قبل أسبوع جاء إلى الكنيست نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس. جاء مبعوثًا من رئيسه "الخواجا ترامب" ليزّف بشرى نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.. وليقول انّ موضوع القدس – حسب ما يسمى "صفقة القرن" – قد نزل عن طاولة المفاوضات. ونحن نعلنها من هنا كما نقولها في الكنيست، في كل مكان وبكل اللغات: إن مدينة القدس العربية المحتلة، بمقدّساتها الإسلامية والمسيحية، بأحيائها الجميلة وبشوارعها العتيقة، بأهلها الصابرين الصامدين، برجالها ونسائها وشبابها وصباياها الذين رأيناهم ورأيناهنّ يُسقطون البوابات الإلكترونية(...) نحن نقول لترامب وبنس ونتنياهو وللعالم أجمع..أنّ القدس العربية المحتلة لن تكون عاصمة الدولة اليهودية العَلِيّة.. ولن يرفرف فوق أسوار القدس وأجراس القدس ومآذن القدس، إلا هذا العلم رباعيّ الألوان: أخضر أحمر أبيض أسود.. علم فلسطين!القدس لن تكون إلا عاصمة فلسطين، ودولة فلسطين، شاء من شاء، وأبى من أبى!
إخواني وأخواتي، الحضور الكريم،
لا يخفى على أحد أننا أمام مرحلة صعبة ومعقدة، أمام هجمة لتهويد القدس، وتوغّل الاستيطان في الضفة، وتشديد الحصار التجويعي الإجرامي على قطاع غزة، وتصفية المخيمات من أجل تصفية قضية اللاجئين.. وأمام هجمة شرسة من هذه الحكومة الفاشية على حقوقنا وعلى كرامتنا وعلى شرعيتنا..
ونحن أمام مخطط لطمس حقيقة الصراع في المنطقة وتحويله من صراع سياسي إلى صراع ديني ومذهبي.. وبدلا من الصراع العربي - الإسرائيلي يريدونه صراعا سنيا-شيعيا في لبنان والعراق، أو صراع مسلم- قبطي في مصر، أوصراع عربي-كردي في سوريا، أو جنوبي- شمالي في السودان؛ يريدون أي صراع من أي نوع بين مجموعات وفئات متناحرة، ما عدا الصراع مع إسرائيل ومع الصهيونية.. كل هذا لكي تصبح "الدولة اليهودية" جزءًا شرعيًا من المشهد ومن النظام الإقليمي الجديد. وللأسف يشارك بعض ذوي القربى من الأنظمة العربيّة الرجعيّة، بعضهم من حيث يدرون وبعضهم الآخر من حيث لا يدرون، في هذه المخططات الخبيثة!
هذا الواقع الاستثنائي يتطلب أجوبة استثنائية.. يتطلب أولا وقبل كل شيء أوسع وحدة وطنية فلسطينية، رغم كل الخلافات والاختلاف، على أساس توحيد الموقف وتوحيد المشروع الوطني. ومن هنا نوجّه رسالة إلى إخوتنا في القيادات الفلسطينية من كل الفصائل والاتجاهات: مطلب الساعة هو التخلّص من الانقسام والتوحّد ليس في إطار حكومة أو سلطة فقط، وإنما في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وفي إطار المشروع الوطني الفلسطيني والثوابت الوطنية الفلسطينية.
مطلب الساعة ان يتحرك المجتمع الدولي الصامت إزاء العربدة الاسرائيليّة والجرائم المرتكبة بحق شعبنا وبحقنا نحن الجماهير العربية الفلسطينية وان يقول كلمته ليردع سياسات الاحتلال والاستيطان والعنصرية.
مطلب الساعة هو إعادة الهيبة والدور السياسي والقيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومطلب الساعة والوعد ان نبقى صامدين في ارض الأجداد وفي وطننا الذي لا وطن لنا سواه، شوكة في حلق العنصرية والعنصريين، نناضل معًا بوحدة صف وطنيّة تخرس كل صوت طائفي يطعن هذه الوحدة، نناضل ضد محاولات الاقتلاع والهدم والتهجير ونهزم محاولات عزلنا او البطش بنا.
ولم أجد ما أختتم به خيرًا من كلمات عاشق فلسطين، شاعرنا الجليلي محمود درويش:
واقفون هنا. قاعدون هنا. دائمون هنا. خالدون هنا.
ولنا هدف واحدٌ واحدٌ واحدٌ: أن نكون.
ومن بعده نحن مُخْتَلِفُونَ على كُلِّ شيء:
على صُورة العَلَم الوطنيّ
ومختلفون على كلمات النشيد الجديد
ومختلفون على واجبات النساء
مختلفون على النسبة المئوية، والعامّ والخاص،
مختلفون على كل شيء. لنا هدف واحد: أَن نكون.




*نص الكلمة التي ألقتها الكاتبة في مهرجان طمرة لمناسبة اليوم العالمي لدعم حقوق جماهيرنا العربية الفلسطينية في اسرائيل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان