الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شباط من فوق التل

جمال الهنداوي

2018 / 2 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا ينكر وجود مساحة من الخلاف في الرأي حول شخصية الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ودوره في التأثير على مسارات بالغة الدقة في فترة حرجة من تاريخ العراق السياسي الحديث.. ولكن مساحة هذا التناقض في الآراء تتضاءل بالتأكيد عندما ينحرف الحديث عن نزاهته وعفة يده وتواضعه و تقديسه للمال العام وتفانيه في واجبه في خدمة مشاريع التنمية والبناء المجتمعي في العراق مما حدا بالناس لنسج الحكايا والاساطير حول تواضعه وتواصله مع الشعب الذي كرسه كأنزه سياسي عراقي تولى المسؤلية الاولى في بلد تنازعته على الدوام أهواء رجال السياسة وارتباطاتهم الخارجية ..
ولكن هذه الخلافات في وجهات النظر كلها توضع جانبا وتتحول إلى شبه اتفاق حين يدور الحديث عن وحشية وهمجية الانقلاب البعثي الفاشي الدموي الذي أطاح بحكمه وما اعقبه من حمامات دم وحملات تصفية طالت طيف واسع من القوى الديمقراطية واليسارية , بدعم غربي ومباركة عربية لوأد التجربة التنموية الرائدة التي اعقبت ثورة الرابع عشر من تموز الثورية والتي كان من المقدر لها أن تضع العراق في صدارة دول المنطقة.
وهذا الاقرار الشعبي برفض الانقلاب الشباطي الاسود يجعل من المثير للاستغراب (ان لم يكن المخجل) تفسير الأحجام الحكومي الأقرب إلى الخرس عن استذكار هذه الوقعة وشهداء الحركة الوطنية التي سقطوا خلال حفلات القمع المستمرة التي اعقبتها من قتل وتشريد واعتقال وهدم للمنازل وابعاد واضطهاد طال الكثير من خيرة ابناء هذا الوطن ..كما ان التحلل من الاحتفاء بتلك الذكرى في وسائل الاعلام الرسمية
يشير بوضوح إلى استمرار الدعاية الرسمية العراقية في مقارباتها الخاطئة تجاه العديد من القضايا المفصلية النازفة في الضمير والحس الشعبي للعراقيين ويمكن وضع اكثر من خط تحتها كانعطافة مأساوية في تاريخ العراق السياسي.. ويدل على قصور في الرؤية السياسية اصبح العلامة الفارقة للاداء السياسي والاعلامي للقوى المتصدية للحكم في العراق..
ان انقلاب الثامن من شباط ..مع وضوح تقاطعه وعداءه مع طموحات وتطلعات العراقيين وتعارضه مع صيرورة التشكل التاريخي للدولة المدنية.. يجمع اغلب الشعب العراقي على اعتبارها المعضل الرئيس الذي ادى الى حرف المسيرة الثورية للشعب العراقي تجاه التنمية والبناء باتجاه متبنيات وشعارات مشبوهة لا تتفق بالضرورة مع امال وتطلعات العراقيين..
وهذا ما يدمغ بالاتهام اي تجاهل لهذه الذكرى على انه تواطؤ مضاد لنضالات الشعب ومصادرة بينة لجهود العراقيين وماضيهم الطويل في مقارعة الديكتاتورية والاستبداد.. كما ان اعتبار انقلاب الثامن من شباط مشكلة داخلية بين اطراف سياسية معينة او بصورة ادق خلاف قومي يساري والتعامل مع هذا الحدث بهذه الصورة يدل على نكران وجحود لدماء وتضحيات شهداء الشعب العراقي ويدل على وقوف خائب على تل آلام الوطن وسوء نية مبيت ومحاولة لاعادة كتابة التاريخ النازف للعراقيين ضمن معطيات ومتطلبات واليات الصراع الطائفي وتجاهل جميع الاحداث التي لم يكن للاحزاب الإسلامية فيها رصيد
ان مثل هذه الممارسات الخاطئة لن تؤدي الا الى تشتيت الجهد الوطني وشرذمة القوة المناهضة للديكتاتورية وتخريب عقود من النضال المشترك من اجل عراق حر وسيد وديمقراطي يتمتع ابنائه بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وهذا لن يكون بالتاكيد لا في صالح العراق ولا قواه السياسية ولا الحكومة العراقية باسلاميها وبغيرهم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحدهما نجا من الموت مرتين.. يتيمان غزيّان يرويان للجزيرة تفا


.. ملف ترسيم الحدود يعود بين سوريا وتركيا.. فما تاريخ الخلاف؟




.. سلطات كاليفورنيا الأمريكية تسمح لبعض السكان بالعودة لتفقد من


.. ترمب يهدّد بفرض رسوم جمركية على الصين والاتحاد الأوروبي




.. منازل تفحمت واختفت.. مشاهد جوية تكشف ما فعلته الحرائق في لوس