الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا ما بعد الديمقراطية أمة مُقاوَمَة......ما بعد سايكس بيكو وما بعد -قومية عربية بعثية

خالد فارس
(Khalid Fares)

2018 / 2 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


الأحداث بضروراتها فى الواقع, وليس بتتابعها أو تسلسلها, هكذا هو الدياليكتيك المجتمعى ( السياسى والاقتصادى والثقافى). ماهو الواقع الذى يدور, بلغة ابن خلدون ماهو العمران الاجتماعى السياسى الذى فيه الواقع متحركاً؟.

الدولة السورية الجديدة, دخلت مرحلة تشكل سياسى حديث. لقد وصلت ذروة التناقضات مستواها, قوى متصارعة تريد تحديد ماهية الدولة السورية؟. فما هى الخيارات المطروحة؟
الخيار الديمقراطى الليبرالى:

يقول البروفيسور Colin Crouch, أننا نعيش مرحلة ما بعد الديمقراطية-Post Democracy. ما جرى فى اليونان يشى بأن الديمقراطية الليبرالية لا تحقق للشعوب الخيارات التى بموجبها قاموا باختيار نوابهم, أو برنامج سياسى. اختار الناخب اليونانى اليسار الراديكالى على أساس برنامج يرفض سياسات التقشف. ولكن هذا اليسار وجد نفسه غير قادر على تنفيذ برنامجه. لماذا؟ لأن مركز القرار السياسى ليس الديمقراطية اليونانية, بل البرجوازية الألمانية. فالديمقراطية اليونانية أصبحت فضيحة مدوية, الناخب لم يعد هو الذى يقرر مصيره أو خياراته, فالخيار المطروح فى العالم أحادى, هو أن تكون ليبراليا, ألمانيًّا, فى مثال اليونان.

فى بقية دول العالم, ليست الديمقراطية هى التى يعود لها مركزية القرار فى تقرير وتحديد خيارات الشعوب, انما الرأسمال العالمى, صندوق النقد, البنك الدولى, الصناديق الصهيونية. فالديمقراطية اليوم عبارة عن خيار أحادى, ليبرالى غربى فقط, مناقضة مبدأها الذى انوجدت على أساسه, وهو تعدد الخيارات. اما أن تكون ليبرالى غربى أو تموت. !

فى ظل مجتمع سورى تم تدميره, ستكون الأمور أسوأ بكثير من اليونان. فلن تكون الديمقراطية هى التى بموجبها سيقرر الشعب السورى خياراته, بل هى خيارات أحادية, مركزيتها الغرب والمال السياسى العربى الذى يتبع الغرب.

وما هو البديل اذاً أمام سوريا؟

لم تستطع دولة حافظ الأسد بناء دولة تشاركية حقيقية. لماذا. لأنها فشلت فى تحقيق أهدافها. لا المشروع القومى, ولا تحرير الجولان, ولاتحرير فلسطين, ولا اسقاط سايكس بيكو, ولا مشاركة على الطريقة الاشتراكية. فى المقابل, لجأت الدولة الى أن تكون تِرساً فى النظام العربى الرسمى, نتذكر المحور العربى الرسمى, ثالوث من سوريا مصر السعودية, تَجَمْهَرَ هذا الثالوث فى صيغة الحرب على العراق. على الرغم من تَمَيّزْ الدولة السورية فى توفير اقتصاد الحاجات والتعليم والصحة وبناء جيش مستقل قوى, الوحيد بعد انهيار الجيش العراقى. وأبقت على علاقة وطيدة بمحور المقاومة.

انتهت هذه الدولة الى نمط بوليسى, لاتحررى, يرفع شعارات قومية مقاومة ويحافظ على توازنات النظام العربى الرسمى, وسياسة ردع خجولة جداً, بل غير مجدية مع "اسرائيل".

دولة مابعد: النظام العربى الرسمى, الحرب الأهلية فى سوريا, القطب الأمريكى الأوحد, روسيا الجديدة, الصين الذى سيصبح قوة عظمى مع حلول عام 2040, أوروبا الفرنسية الالمانية, وبريطانيا العائد الى المنطقة بنظرية تشرشل الجديدة (التشرشليون الجدد), فشل أوسلوا وكامب ديفيد ووادى عربة, مقاومة منتصرة على الكيان الصهيونى فى لبنان فى عام 2006, مقاومة فى لبنان تنمو كماًّ ونوعاً مستداماً, ومقاومة فى فلسطين تتأرجح بين الاستراتيجيا والتكتيك, يسار عربى فشل فى مشروعه ويعيد الانطلاق مستفيداً من تجارب مريره, تشرذم فى زخم الفعل الخليجى وتأثيره فى الواقع السياسى العربى. وأهم من ذلك, ديمقراطية القرصنة السياسية المتمددة من خلال كتلة عربية تقودها "اسرائيل".


محاولة بشار الأسد تجاوز دولة والده فَشِلَتْ. إستدخل بشار الأسد المال الخليجى, تحولت البرجوازية السورية الى تبعية للخليج, دفع ذلك بالبرجوازية السورية الى نمط الريع والخدمات (مثال رامى مخلوف الذى غازل "اسرائيل" مِراراً, نموذج البرجوازى الريعى الخدماتى, الذى يعتبر السياسة سمسرة وعمولات, حتى مع عدو الأمة).

وأدخل تركيا أردوغان على حساب البرجوازية الصناعية, حلب تحديداً, فقامت تركيا بتحطيم الصناعة فى حلب وتم تفتيت البرجوازية فى حلب وغيرها واصبحت تبعية لتركيا, فى النهاية فقدت البرجوازية السورية استقلالها, ولم يعد لها هوية مرتبط بالدولة السورية ومشروعها القومى.

نقرأ الغارة الصهيونية والرد ورد الرد "الاسرائيلى" عليها ضمن هذا السياق من المتناقضات. ماذا سيفعل بشار الأسد فى دولة المابعد؟ نعتقد أمامه طريقين, اما ان تكون دولة ليبرالية مع أميركا-الصهيونية أو تكون دولة معادية لها. " لاتوجد منطقة وسطى.....

فى الليبرالية, ليس لدى سوريا برجوازية سورية تستطيع الفكاك أو الاستقلال من التبعية, وعاجزة عن تبنى أو بناء مشروع قومى مستقل. فى الجانب الآخر, معاداة الصهيونية, فان سوريا المتصدعة بعد حرب طويلة متوحشة, شعب أنهكته المجازر والمذابح والتهجير, وجيش منهك, تغيب فيه القوى الوطنية أو القومية السياسية عن معارك استراتجية.


نعتقد أن أمام سوريا فقط خيار واحد هى بناء مشروع جديد قوامه, أُمَّة المُقاومة. الأمة الجديدة التى عليها مهمات التحرير وحماية البناء أى حماية بناء الطبقات الاجتماعية, وتحقيق التشاركية المجتمعية فى علاقات حرية و تضامن وتعاون.

ليس أمام سوريا سوى أن تقوم بالرد على الغارة "الاسرائيلية" التى وقعت بتاريخ 10-2-2018, وليس أمامها الا التحالف مع عناصر مقاومة من القومية العربية أو الفارسية أو حتى أى قوميات غير عربية. نعتقد أن هذا المفهوم سيبدأ بالتفاعل والاختمار فى السنين القادمة.

أمة المقاومة السورية هى التى يجب أن تتبنى التشاركية الحرة وتقدم لها الحماية من تهديدات الخارج, والداخل (سلطة الأمن والعسكر), مقاومة وحرية معاً. المقاومة تحمى قرار الشعب, والشعب يقرر مصيره بعيداً عن مركزيات استثمارية صهيونية ليبرالية.

أُمَّة مابعد "مشروع البعث القومى" وما بعد سايكس بيكو: مُقاومة وديمقراطية مستقلة بلا مركزيات غربية أو صهيونية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة