الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة

غازي صابر

2018 / 2 / 15
الادب والفن


صورة
جلسُت قبالة صديقي في البار وبدأنا تناول الشراب وأخذتنا أحاديث وقصص ضحكنا على بعضها وتوقفنا عند إخرى وصدفة وبعد أن تسرب الشراب في دمنا وجدت صديقي يتطلع لصورة معلقة على الجدار خلف رأسي لرجل طويل الوجه وكثير التجاعيد وكأن الشمس لوحة سحنته حتى صبغتها بالسواد وفي فمه سكارة وكأنه مخمواًر وهو يتطلع ساخراً لمن ينظر اليه :
ــ ما بك ؟ سحب أهة وأجابني .
ــ ذكرتني صورة هذا الرجل بتقاطيع وجه أبي وأعادتني للماضي لحظة يوخزني بنظراته و يسخر مني وبعدها يلومني ويعنفني حتى يصل لضربي وكان هذا ديدانه كلما جمعتنا الجلسة مع بعض في طفولتي وحتى في صباي .
كنت أبكي حين يقسو في ضربي بينما يصرخ هو في وجهي لاتبكي مثل الحرمة . ويوم عرفت أن الحرمة هي الإنثى تجلدت بعدها ومهما إشتد عقابه لي كنت أغلق عيني وأعض على شفتي حتى لايخرج صوتي من شدة الألم ولا أدري هل كان يريد بقوله الذي عنفني به أن أكف عن البكاء وأتجلد تحت عقابه أم كان يريدني أن أكون صبوراً على تحمل العقاب والصعاب وأحياناً يطرني خارج الدار ويحرمني من الطعام ؟
تبسمت له وأنا أتذكر سماحة أبي معي في الطفولة والصبا وكيف كان ودوداً وكأنه صديقاً لي وكثيراً ما كنت أنا الذي أساله وأطلب مشورته مع أني كنت أراه دائماً مهموماً وقلقاً ربما لأنه لم يكن على وفاق دائم مع أمي وعندما وصلت لمرحلة الشباب كان هو الذي يطلب مشورتي .
وعدت لصديقي الذي ضل يسبح في تجاعيد الصورة ويلفه الحزن وقلت وماذا بعد :
ــ بعدها طلقت عيناي الدموع والصراخ وكم عانيت من تعب وقساوة الحياة في مرحلة الفتوة وفي الشباب وفي العمل المضني في البناء وعتال أحياناً وكم عانيت الحرمان ولأبسط الأشياء وكم ليلة نمت بلا طعام وكم شعرت بالحزن لملابسي القديمة وفيها ثقوب وكم عانيت من الوحدة والجوع عندما خدمت في الجيش وأنا في خندق القتال وعايشت كل أنواع الحشرات والقوارض والزواحف وكم حملت بقايا أشلاء لمعارف وأصدقاء في الجبهة ولم تسقط دمعة واحدة من عيني و لكني بكيت مرة لخيانة صديق وهو يوشي بي الى شرطة السرية وشاهدته وهو يحاول التخفي حتى لا أراه وهو يخرج من باب المحقق وشعرت وقتها وكأن نصل سكين ساخن يخترق خاصرتي .
وبكيت مرة إخرى بصمت وشعرت بحرارة دموعي تنساب لشغاف قلبي وليس على خدي يوم طعنت بخيانة من أحببتها حتى تخيلتها وقتها وكأنها أفعى سوداء تلدغني بعدسة عيني ومزقت كل ثميناً بيننا وقذفته بوجهي .
كنت إفكر بوسيلة أواسيه بها وأخفف عنه حزنه والمه وهو يحدثني وكأنه ينزع أحزانه ومأسيه واحدة تلو الإخرى ولم يبك وإنما سحب أهة طويلة وهو يشرب كأسه الأخير وفجأة صافحني بسرعة ورحل ولم أجد تبرير غير أنه يريد أن يبقى لوحده ويبكي وربما يصرخ لبؤس ذكرياته بعيداً عني ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا


.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب




.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في