الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الطائفية وحدود جهنم

سعد الشديدي

2006 / 3 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


خفتت اصوات المتفائلين فجأة ولم يعد احدٌ منا قادراً على الوقوف ضد انطلاق سهام الفجيعة الى نحورنا. الأخبار لا تبشر بخير. فمئات من المسلحين يتوافدون على مدينة بغداد، من المحافظات الغربية والجنوبية على حدّ سواء، تحت يافطة التصدي لمحاولات اشعال نار الحرب الطائفية!! والعراقيون، خصوصاً اولئك الذين يسكنون مدينة بغداد وما حولها، اخذوا بتخزين المواد الغذائية وبكميات كبيرة تحسباً لأشتعال نار حرب اهلية متوقعة.
ماذا يفعل المسلحون في بغداد؟ وما هو سبب وصول اعداد كبيرة منهم الى المدينة ذات الستة ملايين نسمة؟ هل بغداد بحاجة الى مزيد من الميليشيات؟ وهل يحتمل الوضع المتفاقم المزيد من التوتر والفوضى؟
مصادر صحفية اكدت بناءاً على معلومات من مصادر موثوقة بأن المجموعت الأرهابية تخطط لتنفيذ عملية ارهابية كبيرة سيكون لها وقعها المدويّ. وهدفها ان تقصم ظهر العراق الجديد بشكل نهائي. وفي حال استحالة تنفيذ هكذا عملية فأن هناك خطط اخرى جاهزة للقيام بعمليات متعددة للأجهاز على العملية السياسية برمتها عن طريق استفزاز مشاعر طرف واستعدائه على الطرف الآخر وصولاً الى اشعال حرب طائفية طويلة.
يبدو ان عملية تفجير مرقد الأمامين الهادي والعسكري في سامراء كان لها اهداف محددة. منها ان تكون بالون اختبار لقياس صلابة، او ربما هشاشة الوضع السياسي العراقي، وقوة ارادة النخب السياسية في تجاوز التفاصيل الصغيرة والتمحور حول برنامج سياسي وطني والأسراع بعقد الجمعية الوطنية وتشكيل الحكومة في حال ما برزَ تهديد جدي للمشروع الديمقراطي الوليد.
الأرهابيون تأكدوا بأن مايحدث على الأرض يسير في مصلحة مشروعهم التدميري وليس في مصلحة الشعب العراقي. فالقيادات السياسية لم تستطع ان تلغي، او على الأقل ان تؤجل، خلافاتها حول نسب المحاصصة في الوزارات ولم تكن قادرة على حساب الأمور بشكلها الصحيح حتى في اكثر ساعات الأزمة حرجاً. وما يترددّ ألآن في وسائل الأعلام عن خلافات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء خير شاهد على ذلك. فلا السيد رئيس الوزراء حسبَ حسابات دقيقة لخطوة مثل زيارتة المفاجئة الى بلد مثل تركيا وما يمكن ان تخلفه وراءها من تعقيدات. ولا السيد رئيس الجمهورية براغبٍ في ان "يبلع" تصرف رئيس الوزراء هذا ويؤجل اطلاق تصريحات نارية اثارت ازمة جديدة تضاف الى الكم الهائل من الأزمات التي تعصف بحياة العراقيين.
وهكذا تبين للأصدقاء قبل الأعداء بأن هذا النسيج الوطني العراقي الذي كثر الكلام عنه مؤخراً ما هو الا نسيج مهلهل فيما يتعلق بعلاقة قياداته مع بعضهم على الأقل. فقيادة كل طرف من الأطراف الثلاثة التي تتصدر المشهد السياسي في عراقنا الجديد لا تثق بالأطراف الأخرى كما ينبغي للشركاء ان يفعلوا. فلا الشيعة يثقوا بالسنة والأكراد ولا الأكراد يثقوا بالشيعة والسنة ولا السنة بقادرين على الثقة بأحدٍ من ابناء وطنهم.
تفجير المرقد المقدس في سامراء لم يشعل نار فتنة بل ازاح الستار عمّا كان مخبوءاً في دهاليز الأحزاب السياسية. وأكد لقوى الظلام والأرهاب ان هكذا قيادة لا تفكر إلا بمصالحها الخاصة غير مؤهلة من النواحي السياسية والأخلاقية لقيادة البلد. وهي لذلك غير مؤهلة للقضاء على النشاط الأرهابي التكفيري في طول البلاد وعرضها. فأخذ التكفيريون بالأستعداد للمرحلة القادمة دون ان يشعروا بأن احدا ما بقادر على ازعاجهم ناهيك عن التصدي لهم في نشاطهم التخريبي. وهم يستعدون لها بالفعل حسب تلك المصادر" الموثوقة".
وهذا هو بيت القصيد. فلا احد يعرف اين ومتى ستكون الضربة الأرهابية القادمة. ولا من سيتضرر منها. ومن الممكن جداً ان تستدير المجموعات الأرهابية لتوجه نيرانها على العراقيين من السنة وتقوم بتفجير مراقد وأضرحة ائمتهم. أو اغتيال وذبح عدد كبير من المدنيين منهم في مجازر غامضة ولكنها ملفتة للنظر. إذّاك فستقوم الدنيا ولا تقعد وسيأتي دور المسلحين القادمين من المحافظات العراقية. ولن يخمد نيران الحريق كل رجال الأطفاء من عقلاء البلاد ووجهائها وختياريتها. ذلك ان الشارع سيكون بيد مجموعة من الغوغاء التي لن تنصت لأحد بعد ان تسكرها خمرة السيطرة على البلاد. وستفتح جهنم ابوابها، والأصح ان من الوافدين عبر الحدود ومن يقف وراءهم من العراقيين مَن سيقوم بفتح تلك الأبواب ويلقي البلاد في هاوية النار الطائفية البغيضة التي لن تنطفأ لأعوامٍ واعوام.
من يحاول استقراء الأوضاع الأمنية في العراق يمكنه دونما عناء التوصل الى نتيجة أنْ ليس بيننا وبين اقرب مخفر حدودي لجهنم الحمراء سوى خطوات قليلة.
فهل سيعبر العراقيون الحدود الى هاويةٍ ليس لها قرار؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟