الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطماع يصطاده الكذاب

لطيفة الحياة

2018 / 2 / 16
كتابات ساخرة


فتح هـــــاتفه الذكي ثم شرع في عرض صوره أمامي مركزا على تكبير تلك التي تعكس علاقاته مع بعض الحــــــــــــكام والمسؤولين ومن يقتاتون على السلطة. غاب الرجل في عالمه اللامع مفتخرا بوقوفه جنب الوزير الفلاني والسفير العلاني، متباهيا ببدله الرسمية وربطات عنقه المزركشة وابتساماته الملونة أمام عدسات التصوير. وهو في حالة انتشاء حد السكر، رفع رأسه وقال لي: لابد يا لطـيفة من أن تتـــــعرفي على أصدقاء راقـيين ومهمين حتى يرفعونك للفوق.
ضحكت من أعماقي وأجبته دون حرج أو خجل قائلة: سأتجاوز عن اهـانتك هذه، وأرحم مراهقتك يا أيها الرجل المهم الذي ارتفع عاليا وأصبح من أهل الفوق. قال معترضا ومستغـربا: أنا لم أهنك يا لطيفة ولا أرغب في ذلك ولم أنوي فعله حتى. أنا فقط أقدرك وأريد أن أنصحك بالطريقة التي تساعدك على صنع موقعك في هذا المجتمع.
وبكل شجاعة ووضـــوح قلت: أنت أهنتني بإبليسيتك المتعالية التي أنستك نفسك وما كنت تتبجح به قبل قليل من قيم إنسانية سامية. أنت تتحدث عن التواضع والرقي لكنك تعتقد نفسك عاليا ومرتفعا على بقية الناس. تتوهم نفسك أعلى مني كما توهم ابليس نفسه خير من أدم. فإن كان ابليس فضل نفسه على ادم لأنه مخلوق من نار، فأنت تفضل نفسك على لطيفة لأنك التقطت صورا مع الحاكم الفلاني والوزير العلاني. أنت تحتقرني وتصنف نفسك في درجة أعـلى مني. أنت مسكين وضعيف، لأنك تختزل قيمتك في صورك مع هؤلاء وعلاقاتك بهم.
اسمح لي أيها الرجل المهم أن أقول لك: أنت تلعب لعبة قذرة سبق ولعبها ابليس وورثته من كل الأيديولوجيات. تلعب لعبة لعبناها ونحن صغار، حينما كنا نقف على الطاولة ونصرخ في وجوه آبائنا: هيه أنا أطول منك يا أبي. ما زلت وأمثالك تلعبون هذه اللعبة وأنتم في سن السبعينات. تقول: يا أيها الناس أنظروا لي أنا أعلى منكم، لأنني أعرف فلانا وعلانا. يا أيها الناس أنا مهم جدا، لأنني أعرف الرئيس والوزير والسفير والمدير.
أنت وأمثالك تلعبون لعبة قذرة؛ لأنه بصوركم وعلاقاتكم هذه تقتاتون وتعيشون، بل بها تتصيدون ضعاف النفوس كما تتصيد العنكبوت فرائسها فترديهم هياكل جوفاء. أنت وأمثالك تحاولوا أن تلفتوا انتباه الفـتيات لكم حتى يحطنكم من كل جهة طامعات (فيما ليس لديكم). بسلوككم المزيف هذا، تخلقون الجشع وتشجعون الطمع والكذب.
يا أيها الرجل المهم طُعمك لا يستطيع صيد من يرى قيمته في أعماق أعماقه لا في أشيائه وممتلكاته ومعارفه. طـعمك لا يستطيع صيد من يعتبرون الفـوق في الأنــوار والأرواح لا في السلطة والشهرة والمواقع والمناصب والأموال. هيا اذهب العب لعبتك بعيدا عني، حيث تجد من تسقط في فخك ويصطادها طعمك. اذهب حيث تجد من يشاركك الزيف والنفاق والخداع. اذهب حيث يلمع نجمك وتسطع ابليسيتك.
اذهب بعيدا، فإن كنت أنت كذابا فأنا لست طماعة. يا هذا، طُعمك لا يفلح مع من يمتلك قـلبا لا يغريه البريق واللمعان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان التونسي حكيم بالكحلة: تغيير مصيري من الهندسة المعماري


.. الفنان التونسي حكيم بالكحلة: والدي لم يدعم قراري بترك الهندس




.. صباح العربية | رهف ناصر تتحدى الحرب بالموسيقى وتغني للأمل


.. تجمع ضخم لعشاق سلسلة أفلام -حرب النجوم- في بوينس آيرس




.. وداعًا للعلمى والأدبى .. التعليم تكشف ملامح الثانوية العامة