الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو ثقافة تحترم المعنى الوجودي للمرأة

نوري بريمو

2006 / 3 / 8
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات


هموم وشجون عالم اليوم المزدحم بأخبار الحروب والنزاعات التي يبدو أنها لن تنتهي...،إضافة إلى مشاغل أخرى ناجمة عن عوَزٍ إقتصادي متفاقم وحاجات معاشية باتت تصعب منالاً يوماً بعد آخر...، هي بمجموعها أعباء (سياسية ـ مجتمعية) تتراكم موضوعياً لتخلق لدى الرجل في بلادنا حالة من التوتر والقلق العميقين ، ماقد يفرض عليه نوع من الإستسلام الذي يلهيه عن الإكتراث بجوانب شخصية هامة في حياته ،وما قد ينسيه الإهتمام بقضية المرأة ،علماً بأنها تشكل الطرف الآخر من معادلة حياته التي لا ولن تكتمل ما لم تزدان بأجواء الألفة والإحترام والبحث المشترَك عن سبل التودّد والتجاذب الروحي بين الجنسين .
قلّة الإهتمام هذه لاتعني أبداً إدارة الظهر...!؟، ولاتعني بالضرورة أي تجاهلٍ مقصود لقضية المرأة ،ولا ينبغي أن يتم تفسيرها بشكل مغاير قد ينعكس سلباً على أمزجة ونفسيات نسائنا اللواتي لهنّ كامل الحق بأن يأخذن على خاطرهنّ ويقرَفن من رداءة واقع حالهن ، إذ من غير المعقول أن يطغى إنشغال الرجل بالشأن العام ، فوق أولوية إنكبابه على خصوصياته وميوله وحاجاته الملحة المتعلّقة بشكل صميمي بالعلاقة الجدلية ما بين الرجل والمرأة التي تشكل النصف الآخر الحلو من حياته...1؟، وذلك نظراً لطبيعتها الأنوثوية ولعطاءاتها النوعية ولوظيفتها الأسرية ولدورها الذي لايجوز الإستهانة به .
ورغم أن قضية المرأة تبقى حاضرة بحيّزٍ لايُستهان به في وجدان وتفكير كل رجل مهما كان محافظاً أوعصرياً ، لكنها تبقى مشكلة مرتهنة مابين مسلكية هذا الرجل القابض على كيانها وشخصيتها ،وذاك الآخر الميّال لتحريرها من مختلف القيود ، في ظل إفتقار مجتمعاتنا منذ القدم إلى روادع مجتمعية أوقوانين حكومية أكثر صرامة وقدرة على الحدّ من تلك المظالم التي تتعرض لها النساء على خلفية سريان مفاعيل أنمط المجتمعات الزكورية المتسلطنة بظلالها القاتمة التي لطالما جرى في غياهبها التعامل مع المرأة بمنتهى الدونية ،من خلال إعتبارها مخلوقاً ضعيفاً مُجْبَراً على العيش تحت سطوة أعراف ذكوروية طامسة لحقيقة كونها حضناً يتدفق من ثناياه الحنان ومصنعاً تنبعث من جوفه الأجنّة وروضة يترعرع في جنانها الأطفال ومدرسة تتواصل في فصولها الأجيال ،إضافة إلى أنها السند (الروحي ـ المادي) الأساس في تكوين الأسرة التي هي اللبنة الأولى لبناء وإزدهار أي مجتمع .
أما الإجراء الأكثر إلحاحاً في هذا الشأن الذي لايزال ويبدو أنه سيبقى عالقاً وسطنا ، فهو وجوب إقناع الرجل بضرورة تنازله الطوعي عن قدرٍ من قدْرِهِ المجتمعي المكتسَب على مرّ الزمن عبر ظروف لاءمته مصالحياً وسنحت له بالتعالي على الجنس الآخر من بني أهله ، وذلك من خلال قبوله أوعدم رفضه لممارسة المرأة لحقوقها كي تنال بدورها مكانة تستحقها اليوم قبل غدٍ ،ما قد يقودنا بسلاسة إلى الإستكانة لحلول عقلانية من شأنها حسم أي جدلٍ قد يتفاقم في ظل غياب لغة المنطق المعرفي لدى تناول هكذا معضلة ملحّة ألحقت وفد تلحق الأذى بأقرب وأحب الناس إلينا...!؟، لعلّنا نتمكن من الأيتاء بآليات تعامل جديدة تعتمد منطق إيجاد الحلول لا إدارة المشاكل...، وعسانا نغدوا قادرين على التأسيس لثقافة مدنية لدى عامة الناس لإفهامهم برحابة المعنى الوجودي للمرأة بعيداً سلطنة شريكها الآخر .
إنّ أي تباطؤ أوتلكّؤ في نشر مثل هكذا ثقافة عصرية كنا ولانزال أحوج الشعوب للإستنارة بها ، تحت أية ذريعة أعرافية أوتقاليدية أوطقوسوية أو...إلخ، سوف يؤدي إلى إبقاء قسري لهكذا شريحة واسعة بلا أي أداءٍ فعلي يخدم دمقرَطة مجتمعاتنا ،إذ من غير المعقول أن نقف متفرّجين على نسائنا وهنّ يلقون مختلف أنواع الهوان ،لالشيئ سوى لإبتلائهن بالعيش في مجتمع ذكوري لا يرحمهن ،لتبقى تعاني من عنف وجور وتأمّر أقرب المقربين لها...!؟.
ولما كانت الخطابة والكتابة وحدها لا تخدم الموضوع حسب المقتضى ، فإنه ينبغي أن يتبعها حملات توعية جماعية تعمل على زرع مفاهيم حرية المرأة وإفهامها للناس بشكل إرادي لا قسري ،والتي من شأنها ـ أي حملات التوعية الإرادية تلك ـ أن تنعكس بمردودها الثقافي الإيجابي على بعض الأمزجة الرجولوية المريضة ، ماقد يقود أجيالنا إلى التخلّي من ذات أنفسهم عن بعض أخلاقيات القدامة المجحفة بحق نسائنا ،وإلى إعتماد مبدأ التواصل معهنّ كشريكات فعليات في شتى صعد الحياة داخل المنزل وخارجه ،وإلى إفساح مجالات العمل وخاصة السياسي منه ،أمامهن ليأحذن دورهنّ البناء خدمةً لتنمية وتقدم شعوبنا على دروب معاصرتِنا لباقي أمم المعمورة .
في الختام وبمناسبة حلول عيد المرأة العالمي... يسعدني أن أتقدم بالتهاني والتبريكات لكل النسوة في أنحاء العالم ،ولنسائنا الكورديات خالص إحترامي وتقديري ،ولبناتنا منتهى محبتي وعطفي ،وكل سنة وأنتن سالمات على دروب حياة أكثر سعادة ومحبة ومساواة بين الجنسين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديموقراطي الكوردي في سوريا ـ يكيتي ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-