الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول تحالف (السائرون)

عادل امين

2018 / 2 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


‎ منذ تشكيل تحالف (السائرون) أُثير جدالٌ واسعٌ ومناقشات ٌ كثيرة، وسط اعضاء واصدقاء الحزب الشيوعي العراقي، بين المؤيدين والمعارضين له، بشأن جدوى التحالف مع تيار أسلامي يُوصفُ (بالأعتدال)، بين مَنْ يشككُ بجدواه ويعتبره خروجاً وانحرافاً عن مبادئ الحزب الذي ناضل ويناضل منذ سقوط نظام حزب البعث، من أجل تشكيل وبلورة تحالف مدني ديمقراطي على الساحة العراقية ، يأخذ على عاتقه بناء الدولة المدنية الديمقراطية العصرية التي تسود فيها روح المواطنة؛ وبأن مغادرة الحزب لتحالف القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) قرار خاطئ ساهم في تفتيت وتفليش هذا التحالف، وبين مَنْ يعتبر دخول الحزب في تحالف (السائرون)قراراً صحيحاً ينسجم مع قرارات مؤتمراته في مسألة التحالفات، ومن ان هذا التحالف هوتحالف سياسي انتخابي وليس آيدولوجياً كما يدعي البعض، ولا يتعارض مع مبادئ الحزب...ويصل أحياناً للأسف الجدال في هذا الموضوع حدّ تخوين كل طرف للآخر، وهذا ما يقلق المرء من أن قد يؤدي ذلك إلى الأفتراق بين الطرفين إذا لم تُحسّنْ إدارة هذا الصراع بينهما بروحٍ رفاقية عالية..
‎ بدءاً برأيي وبدون ادنى شك، ارى ان موقع الحزب الشيوعي موضوعياً وآيدولوجياً وإجتماعياً واقتصاديا والتطلعات المستقبلية له هو داخل التيار المدني الديمقراطي، لكن للظروف السياسية احكامها وشروطها.على الحزب الشيوعي استيعاب تلك الأحكام و الشروط وكيفية التفاعل معهما بمرونةٍ كافيةٍ وبعيدةٍ عن الدوغماتية.ومن اولويات كل مَنْ يتصدى للموضوع تجنب شخصنة مَنْ يقود الطرف المؤيد أو الطرف المعارض، كي لا يكون المنطلق ارتياحياً، لأن هذا الموضوع يُعدُّ من المواضيع التأريخية والمهمة لأنه يُبنى عليه الكثير من التقييمات والحسابات المستقبلية..
‎من خلال متابعتي للظرف السياسي ومسألة التحالفات في الدورة الأنتخابية الحالية ،وظروف الحزب الشيوعي العراقي، أجدُ أن الخَيارات لخوض الإنتخابات أمام الحزب محدودة، وهي :
‎1ـ خوضها بقائمة منفردة، بموجب القانون الأنتخابي(المعلول) لا يكتب له أي نجاح، وبالتالي سيذهب اصوات ناخبي الحزب إلى الكتل الكبيرة بالضد من رغبة الناخبين.
‎2ـ مقاطعة الأنتخابات في بلد فيه الديمقراطية والانتخابات بالرغم من شوائبهما، تعني الأحباط والعزلة السياسية والجماهيرية، وهي بالضرورة يتجنبها الحزب.
‎3ـ خوضها مع تحالف القوى الديمقراطية التقدمية(تقدم) الذي كان للحزب الدور الرئيسي في تكوينه، وهو الموقع الموضوعي للحزب كما اسلفتُ مقدماً، إلا ان هذا الخيار تكتنفه جملة من المشاكل المحبطة للآمال.هذا التحالف يتكون من حوالي ثلاثين حزباً نخبوياً لا تملك قواعد جماهيرية، ويكون اعتماده على ناخبي الحزب الشيوعي بالدرجة الأساسية، وكل حزب فيه يريد ان يحتل موقعاً من النتائج التي " يحصل عليها التحالف، وإذا حصل هذا التحالف على "عدة " من المقاعد في البرلمان سوف لا يكون مصيرها أفضل من مصيرالدورة الانتخابية السابقة.صحيح ان مغادرة تحالف (تقدم) تعني عملياً تفليشه وهذا مُرٌّ لكن الأمرُّ ان يبقى الحزب داخل القوقعة ويدور في حلقةٍ مفرغة.
‎4 ـ خيار (السائرون)، الأسلام السياسي هو الآن واقع الحال في العراق، دشن حكمه من بداية هذا القرن، أي منذ سقوط النظام الأرهابي الشمولي لحزب البعث الفاشي، الحزب الشيوعي العراقي، بحاجة الآن (وفي الظرف الراهن الذي يُرسم للعراق الكثير من المشاريع الأقليمية،التي جلها لا تصب في كل الأحوال في مصلحة القوى المدنية وتطلعاتها المستقبلية لبناء الدولة المدنية) إلى حليف قويّ ذي جماهيرية وشعبية في الشارع العراقي .، ومن هذا المنطلق، فأي طرف من اطراف الأسلام السياسي،هو قريب من الحزب الشيوعي سياسياً، يمكن أن يكون مرشحاً للتحالف معه. من خلال تحليلي وغربلتي لكل طرف من هذه الأطراف لم أجد من هو أفضل من التيار الصدري، هو أفضل الموجودين بلا منازع على الساحة، لا أحسبه الحليف المثالي، لكنه افضل الممكنات الموجودة في الظرف الحالي على الأقل، قاعدته أكثر تقرباً من قاعدة الحزب الشيوعي من خلال الأعتصامات في كل المحافظات العراقية، شعاراتهم اقرب لشعارات الحزب الشيوعي ضد الفساد ولأجل الأصلاح والعدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان ...الخ قاعدته من الشرائح المسحوقة في المجتمع العراقي والمهمشة ولم تنل من التغيير سوى المفخخات والتفجيرات والقتل، لسان حالها يقول ليس لدينا شئ نخسره في نضالنا، ونحن مستعدون لأقتحام الجحيم لأجل التغيير والأصلاح، وللحقيقة أقول وإذا تتذكر الكوادر القديمة للحزب الشيوعي ان هذه القاعدة هي اولاد واحفاد جماهير الحزب الشيوعي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي في مدن الثورة والشعلة والحرية و الأحياء الفقيرة الآخرى في بغداد، فأرى ان خيار التحالف مع التيار الصدري خيار موفق، إلا أن هذا الخيار يمكن تسميته بالبرغماتية، لأنه مفتوح على احتمالين، النجاح أو الفشل، لأنه لا يشبه مطلقاً بالتحالفات التي جرت في تأريخ الحزب مع الأطراف الدينية غير المنظمة كما يوردها بعض الأخوة، مثل أنصار السلام عام 1954 ايام العهد الملكي، انه تحالف لأول مرة يطرق بابه الحزب الشيوعي العراقي، لكنه تحالف سبقتْ اليه القوى اليسارية في دول آخرى .
‎في كل الأحوال انه تحالف سياسي، ممكن ان ينفرط وممكن ان يستمر، البعض يشير إلى الخلافات الأيدولوجية بين الطرفين، انه ليس تحالفاً أيدولوجيا مهما حاول البعض إضفاء هذه الصفة عليه. لم يقم الحزب الشيوعي في تأريخيه بتحالفات أيدولوجية، التحالف الأيديولوجي له معان آخرى أكثر عمقاً يعني ضمن ما يعنيه استكمال المراحل الاجتماعية سويةً( على سبيل المثال لا حصراً من مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية إلى الثورة الاشتراكية)، حتى التحالف مع حزب البعث عام1973 كان تحالفاً سياسياً، لكن بضغوط سوفيتية تم تسميتها بالأيدولوجية استراتيجيتها بناء الاشتراكية سويةً، مهمات هذه الدورة الانتخابية لم تصل إلى تخوم الخلافات الأيدولوجية كي نرتعب منها، شعارات هذه المرحلة خوض الانتخابات بشعارات مكافحة الفساد وأصلاح العملية السياسية بمكافحة المحاصصة الطائفية ومكافحة البطالة وتقديم الخدمات وإعمار البلد والعدالة الاجتماعية...الخ ، لا أجدُ في تلك المهمات الخلافات الأيدولوجية، وإن حدثت من الخلافات إذا قدر لها الحدوث، لي القناعة بحكمة قيادة الحزب في معالجتها، ليس بمساطر حسابية وإنما بمرونة واعية وحنكة سياسية.
‎أما الحديث عن الفاسدين في هذا التيار، فأغلب التيارات السياسية تمويلها غير مشروع، لا أبرئ أي تيار من التيارات السياسية في العراق من الفساد وان كانت بدرجات متفاوتة، لكن الفرق أن هذا التيار حال اكتشاف الحيتان في صفوفه يحاول التخلص منها عكس الآخرين الذين يكرمون حيتانهم حال اكتشافها.
‎اريد الإشارة في الختام إلى المخاطر المحدقة بالبلد والتي لا تصب في صالح القوى المدنية، حيث أن هناك جهات متنفذة في الأسلام السياسي الشيعي، وخاصة القطب اليميني المتشدد فيها، الذي يدعو ويعمل وبكامل قواه نحو أسلوب الحكم ومستقبل النظام السياسي المقبل في العراق على خطين متوازيين:
‎1 ـ تشكيل كتلة كبيرة في البرلمان وحكومة الأغلبية لتمرير قراراتها في البرلمان والتي أغلبها تصب بالضد من بناء الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية، وبالتالي ابعاد أغلب الأحزاب المدنية من العملية السياسية على المدى الأبعد.
‎2 ـ إعطاء دور اكبر للحشد الشعبي بحيث يكون موازياً لدور الجيش والقوات المسلحة وربما أكثر، وتحويله مستقبلاً إلى شبيه بالحرس الثوري الإيراني، إذ هناك أصوات صريحة تنادي بان مستقبل العراق مرتبط بالحشد الشعبي، لتحويل النظام في العراق إلى نظام شبيه بالنظام الإيراني للتقرب من مستلزمات ولاية الفقيه.
‎فمن المهام التي تقع على عاتق اليسار العراقي طالما هو غير قادر في الظرف الحالي من لعب الدور المؤثر، عليه ان يلعب دوراً للحيلولة دون فوز هذا القطب بالأغلبية البرلمانية، كأضعف الأيمان ، وإلا ستنحدر بلادنا نحو ظروف أسوء عما نحن عليها الآن.
‎حزب الاستقامة الوطني هو الواجهة السياسية للتيار الصدري، أما محاولات السيد العاقولي نفي ذلك، فله علاقة بوضع التيار الصدري لتجنب الضغوطات التي قد يتعرض لها، وفعلاً يتعرض لها من القوى الإقليمية، وزيارة مستشار الخامنئي للعراق وتصريحاته ضد الشيوعيين والتيار المدني ليس ببعيدة عن ذلك، فالهروب من هذه الضغوطات بوسيلة خلق واجهة سياسية مستقلة، هي سياسة ذكية، ألم يمارس الحزب الشيوعي نفس الأسلوب في العهد الملكي عندما قدم حزب التحرر الوطني كواجهة له للحصول على الإجازة لممارسة العمل العلني؟ فالعملية غير معيبة في الحقل السياسي.
‎في الختام أرى ان قرار خوض الانتخابات في تحالف (السائرون) قرار صحيح، وهو براغماتي قد يكون مصيره الفشل أو النجاح، وكل البدائل الآخرى مصيرها قاتم من البدء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص


.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس




.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري


.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ




.. الجيش الروسي يعلن قصف قطار يحمل أسلحة غربية إلى كييف | #رادا