الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


24 عاما على رحيل الفنان والمثقف الكبير ستار الشيخ

مازن الشيخ

2018 / 2 / 20
سيرة ذاتية


ي مثل هذا اليوم من عام 1994’خطف الموت فجأة

’شقيقي الفنان والانسان الكبيرستارالشيخ

نتيجة جلطة دموية لم تمهله سوى ساعات قليلة ’وعن عمر يناهزال 51

حيث كلن قد ولد في 20كانون اول(ديسمبر)عام 1942

ظهر نبوغه في وقت مبكر من عمره’

حيث ان المرحوم والدي كان انسانا شديد التدين

ولذلك حرص على ان يلحقنا’بالكتاتيب قبل سن المدرسة’

وهكذا ما ان بلغ عبد الستارالرابعة حتى قام بتسجيله لدى صديقه امام جامع عبد الله النوري القدريب جدا من دار سكننا’المرحوم الملا اسماعيل

والذي سلمه بدوره الى زوجة ابنه الملا صالح لتعلمه اساسيات واصول الدين

كان واجب على المتعلم ان يصمت ويتلقى (العلم)من الملا

وان لايسأل او يناقش’خصوصا عندما يكون طفلا غضا(
هذا الوضع لم يلائم المرحوم ستار’حيث كان كثيرا مايقاطع الملاية’ويسأل اسئلة محرجة ولانه لم يكن لدى معلمته جوابا مناسبا’

ناهيك عن انه يتجاوزعلى القانونين والتعليمات’فقد فقامت بما كان يحتمه عليها عملها وواجبها’فربطت رجلية بالحبل وضربته بالعصا على اسفل قدميه(كانت تسمى فلقة)

’فاصيب بالخوف والرهاب’وامتنع عن الذهاب الى الملا رغم التهديد والترغيب’الذي مارسه معه والدي’الا انه لم يفلح في جعله يعود الى الملاية’’

والتي بدورهااعلنت انهاغيرمستعدة لقبوله مرة اخرى لان اسئلته شيطانية وقد يفسد افكار بقية الاطفال
بعد ذلك طلب المرحوم والدي من صديقه مديرالمدرسة العدنانية ان يقبله كمستمع’’في الصف الاول(وكان ذلك الامر واردا لقلة رياض الاطفال في ذلك الوقت)فوافق’واخذه مع التلاميذ المسجلين رسميا’وذلك في السنة الدراسية 1947-1048)
واظب على الدوام بشغف’

وفي نهاية السنة الدراسية’وعندما كان المعلم يجري الامتحانات الشفهية لتلاميذ صفه’كان يراقب كل تلميذ’وعندما يخطأ يصلح له’فانتبه له المعلم واجرى معه عدة اختبارات ’وكانت اجاباته اكبر واكثر واعمق مما توقعه المعلم’فندهش من اجوبته وسأله غير مصدق:-هل انت الذي تنطق ام هناك جن داخلك يتحدث نيابة عنك؟!
من اين لك هذه المعلومات وانت لازلت طفلا لم تقبل حتى في الصف الاول؟
ثم استدعى بقية المعلمين واجروا معه مناظرة
في نهايتها اتفقوا جميعا على انه انسان فائق الذكاء’
التقط بقية الاطفال من زملائه في المدرسة ملاحظة معلمه واطلقوا عليه لقب (عبد الجن)
تقول المرحومة والدتي
كنت عائدة من بيت اهلي القريب من دار سكننا’فرأيت تظاهرة لمجموعة من الاطفال تلاميذ مدرسة العدنانية’فاقتربت منهم لارى ايني عبد الستار محمولا على اكتافهم وهم يرددون (هذا العبد عبد الجن)هذا هو عبد الجن)
فاردت ان ااخذه منهم واصحبه الى البيت’

لكنهم رفضوا ان ينزلوه من فوق اكتافهم حتى اوصلوه البيت في فرح ومرح’واجواء احتفالية’وبعدها ولعدة سنوات كان الجميع يطلقون عليه عبدألجن’لقلة الوعي والثقافة انذاك
ومع ذلك لم يرحل الى الصف الثاني’وزبسبب القوانين التي كانت تمنع ذلك لصغر سنه
نمى وترعرع في محلة المكاوي في الموصل,ولانه كان ديالكتي التفكير’فقد اعجب بالماركسية وتثقف على ذلك الاساس,كما انه تبين لاحقا انه يملك موهبة في الرسم’مثله مثل شقيقه الاكبر لقمان’وابدع في هذا المجال’رغم انه لم يدرس الرسم كما فعل قبله شقيقه’بل اكتفى بالموهبة وتفوق فيها’واصبح من اشهر مدرسي الرسم في الموصل’وقبلها في المقدادية(شهربان)
واقام عدة معارض’خصوصا في الملحقية الثقافية الفرنسية في بغداد حيث كان السفير الفرنسي معجبا باعماله واشترى منه عدة لوحات’اقتنى منها لشخصه وزين باخريات السفارة والملحقية الثقافية ودار سكن السفير
والحقيقة انني لااملك معلومات او صور للوحاته لكوني اعيش خارج العراق منذ عقود’لكني واثق من انه اقام معارض كثيرة’وحصل على جائزة احسن بوستر سياسي على مستوى العراق’عام 1988
كما انه كان يفوزبجائزة افضل موكب من خلال مواكب مهرجانات الربيع الاحدى عشر جميعها
بالاضافة الى كونه رساما من الدرجة الممتازة’فقد مثقفا رائعا’قرأ الاف الكتب’وكتب قصص كثيرة ’واشترك مرة واحدة في مسابقة القصة القصيرة ’والتي اطلقتها جريدة فتى العراق التي كانت تصدر في الموصل’وفازعن قصته المعنونة(المراهق الخجول)عام 1965كذلك كتب قصة رائعة عن شخصية غريبة ظهرت في الموصل في اواسط الستينات’وكان رجلا قويا صلب البنية’يرتدي ملابس غريبة وفي ايديه وارجله اسورة’يزعم انه عنترة ابن شداد’بعنوان(شهيد المحبة البيضاء)وذلك بعد ان جلس معه واجرى لقاءا مطولا’

كانت التفاتة رائعة وذكية من المرحوم ستار’والذي ماكانت تفوته ظاهرة تستدعي التوقف امامها وتسجيلها

وانا لاادري لماذا لم يلتجئ الى النشر رغم قوة وغزارة انتاجه الادبي الرائع بكل المقاييس

مارس مهنة تدريس مادة التربية الفنية في عدة مدارس في الموصل’واخرها كان ثانوية الزهور للبنين

واستطاع ان يحصل على الكثيرمن جوائز شانكار العالمية لتلاميذه الموهوبين
كان لافتتاح محطة تلفزيون الموصل فرصة ممتازة للمرحوم ستار حيث ظهر في برامج حوارية مع مجموعة كبيرة من المثقفين والمختصين في كافة مجالات الثقافة العامة’فجذب انتباه واهتمام اعداد غفيرة من مثقفي الموصل خاصة وجماهيرها عامة
ومع ذلك فقد حورب وحوصر من قبل اجهزة النظام بسبب ميوله الماركسية وعدم موافقته على الارتباط بحزب البعث رغم الضغوطات والاغرائات’
وقد قام الدكتور حميد الصائغ امين سر حزب البعث في محافظة نينوى باستدعائه الى مكتبه شخصيا’وكان على معرفة جيدة به حيث انهما في نفس السن’وكانا يوما جيرانا’’عرض عليه الانتماء للحزب’مع اغراات كثيرة’الا انه لم يستطيع ان يقنعه’بل تمكن المرحوم ستار من اقناع الصائغ بأنه لافائدة من الالحاح’لانه من المستحيل ان يغير افكاره لانها احاسيس ومشاعرلا ىيمكن ان تباع ولاتشترى’ابدا’

وخرج من مكتبه بعد ان اكد له انه غير مرتبط بأي حزب’وليس له نشاط سياسي
حوصر كثيرا واستفز من قبل اجهزة الامن’ومنظمة الحزب’وصودرت جوائز كان قد حصل عليها واوقف صرف مستحقاته’وسجلت بعض اعماله باسم غيره باختصار مورست ضده كل انواع الضغوط’لكنه لم يلين او يستسلم لااردة الاخرين’بل انه غامر بترشيح نفسه نقيبا للفنانين في نينوى’ونافس حزبيين مدعومين بقوة من قبل السلطة’’وفاز يوم 20 شباط(فبراير)1994’بالاغلبية المطلقة من اصوات المقترعين
لكنه للاسف لم يعلم ذلك’حيث ان الذي حضر لتبشيره بالنتيجة وجد انه قد فارق الحياة قبل دقائق من اعلان النتيجة!
اما لماذا توفي وهو ففي هذا العمر المبكر’فلتلك القضية قصة لابد من ذكرها

لانها ذات دلالة ومعنى
ففي تموز 1962خرج المرحوم ستار في تظاهرة جماهيرية في بغداد تنادي باعطاء الكرد حقوقهم’وقامت اجزة الامن بتفريقها’والقت القبض على بعض المشاركين فيها’ومن ضمنهم ستار الشيخ,

اودع في سجن رقم واحد بانتظار التحقيق والمحاكمة
وبسبب برودة الارض التي اجبرعلى النوم فوقها’اصيب بالتهاب اللوزتين’ومن سوء حظه ان الجرثومة التي اصابته كانت من نوع المكورات العنقدودية’والتي ان لم تعالج بمضادات حيوية’ملائمة ,تبقى في الدم وتتطور وتسكن’اما في المفاصل او في شغاف القلب’’وفي حالته سكنت القلب

وهكذاعاش بعدها يعاني من تلك الاصابة’حتى استطاعت ان تصرعه
الجدير بالذكر ان موعد محاكمته كان في تموز1963’وحكم بالسجن لمدة شهرين’واطلق سراحه فورا لانه كان قد امضى سنة كاملة في السجن
اي يطلب الحكومة عشرة اشهر
لم يعوض ولم يرد اعتباره
هذا الامر اذكرة لمن لازال يمجد عصرعبد الكريم قاسم
الحديث عن ستارالشيخ طويل
لكني ساكتفي بماكتبته’دون ان انسى بأن اسمه قد خلد في كتاب
موسوعة مشاهير نينوى في القرن العشرين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لإدانتها بالسخرية من حال البلاد.. محكمة تونسية تقضي بحبس الم


.. من هم الأشخاص الذين يجب عليهم تجنب شرب الشاي بعد الطعام مباش




.. السودان بين الحوار أوالانهيار | #رادار


.. بعد فشلِه في احتواء أضرارِ المناظرة .. بايدن يضع الديمقراطيي




.. كتلة اليمين داخل برلمان أوروبا تكتمل.. عهد أوربان الجديد