الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة في الغوص في العلاقة بينها وبينه , الرجل والمرأة

محمود جلبوط

2006 / 3 / 8
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات


ليس التاريخ الإنساني في المجتمع , من وجهة نظر ماركس , سوى العلاقة الأساسية : الإنسان_الطبيعة_الإنسان , وينشأ التاريخ وينمو بدءا من الوساطة الأولى التي تضع الإنسان في علاقة مع الطبيعة وفي علاقة أيضا مع الناس الآخرين , تلك الوساطة هي العمل . وإن الإنسان ليس شيئا آخر سوى كائن ينبثق عن الطبيعة مزودا بنزعة قصدية إلى إضفاء الكلية على نفسه بعد أن اكتملت خصوصيته , وأيضا إلغاء الفاصل الذي يقيم تعارضا بينه وبين الطبيعة , وكذلك إلى تقويض الحاجز الذي يفصله عن الآخر , وأن العلاقة الأولى , والتي هي أكثر العلاقات طبيعية التي يتعرف الإنسان بها على الإنسان الآخر كموضوع لحاجته , والتي تبدأ الطبيعة بها بالتأنس هي علاقته مع المرأة , نصفه الآخر , بل تكملته , وتكون بهذا الصلة الإجتماعية الأولى
وهذه العلاقة بما تولد في الإنسان من عواطف ( حب , جنس , تعلق , غيرة ,....) تحول طبيعته وتغنيها , فحاجته تروى بحاجة المرأة المكملة له , وحاجتها تروى بحاجته , "فأي انبهار أقوى من انبهار يحدثه لقاء الرجل بنصفه الآخر , فمن أجل هذا الثنائي وحده يشرق فجر الخلق , وهذان العاشقان , عاشقا الورد , يغيظان الحقدة والبخلاء , ذلك أن ضربا من الابتسام الذي يكتنفه الأسرار , يجعل الأشياء تتلألأ في عيني كل منهما , كم جميل ذاك الحنان في ذاك الوجه الذي يثقل كتف العاشق , وفي الشفتين اللتين تستجيبان لنداء داخلي متبادل تمتليء دفئا وهي تمسان جبهة الحبيبة أو الحبيب , ويصير البيت , والشارع , و مقعد الحديقة , ورصيف المحطة , وأماكن بيع الورود , والكفتريات أجمل وأكثر أنسا عندما تضم هذا الاتحاد بين رجل وامرأة , إنه اتحاد بين من تثق به و بنفسها , ومادامت واثقة من نفسها فهي معطاءة , وبعطائها تبدع حبيبها قويا متينا , ومادام هو حنونا وعطوفا عليها وواثقا بها يبدعها , ويمضي كليهما مجنونين عاقلين ليصنعا أعجوبة الحياة" .
ولكن كيف يمكن أن يكون هذا الحب ممكنا إن لم تحقق المرأة خصوصيتها قبل اكتمالها ثم اندماجها بالكلية الاجتماعية , الخصوصية التي على المجتمع أن يعترف بها , ويمنحها شأنا عظيما , خصوصية أولا ثم اكتمالها تكون مفتاح الرغبة بأن يكون شأنها ليس أكبر ولا أقل من شأن الرجل , بل مثلها , تكون المرأة بها ندا للرجل ولكنها مختلفة عنه .
وحتى يتم هذا علينا الاعتراف بضرورة حضورها الأولوي والمتوازن في كل قطاعات النشاط العام , وعلى جميع مستويات القيادة . ولكي نتمكن من التكامل المبدع للحياة البشرية الأصلية في إدماج الجنسية والحب فيما بينهما ينبغي علينا القيام بتغيير جذري لمجموع العلاقات الإنسانية في الاقتصاد والسياسة والثقافة والعقيدة والقوانين .
"دون حب ستشعر الإنسانية أنها مخدوعة ومسلوبة وبائسة , سيكون الحب عبادة الإنسانية المقبلة" , لأن من يشعر أنه محبوب , يشعر أنه معترف به , ومن هذا الوعي يولد فرح الحياة الأسمى .
إن الطبيعة منحت كل موجود إنساني كمية معينة من هرمونات الجنس الآخر , فتكون بهذا الأنوثة والذكورة طاقة , اتجاهان إزاء الحياة , أسلوبان في إدارة هذه الطاقة .
ولكي يحققان علاقة ثنائية عميقة ودائمة , لابد لهما من أن ينميا الأنوثة والذكورة الموجودتين لديهما , ليكونا موجودين كاملين في ذاتيهما , فتمتد أنوثة الرجل في أنوثة المرأة , وتمتد ذكورة المرأة في ذكورة الرجل . وبقدر ما يتحقق الثنائي على هذه الصورة , بقدر ما يكون متين الروابط , خلاقا , مبتهجا , يتابع طريقه التي يغذيها بالنشاط روح متوحدة .
ولما تمتد أنوثة الرجل في أنوثة انثاه , يصير لديهما قطبا مؤنثا مستقرا يمنحهما ذكاءا داخليا مفتوحا , وتتيح لهما هذه الأنوثة المشتركة قطبا ثنائيا للسعادة . كذلك عندما تمتد ذكورة المرأة بفعل ذكورة رجلها يصيران ثنائيا خلاقا وفاعلا , قادر على أن يعبر للخارج عن طاقة مجمعة وكأنهما موجود واحد .
ومنذ انطلاق عصر العلاقات الرأسمالية , فإن كثيرات من الداعيات لمساواة المرأة مع الرجل والمتحزبات لحقوق المرأة , يعتقدن بأنه عليهن أن يصارعن ضد الرجل , والواقع أنهن يناضلن ضد أنوثة مصابة بالعطالة , إنهن يردن , وقد أعماهن جهلهن بماهية الأنوثة الحقيقية , أن يسحقن الأنوثة عند زميلاتهن كما هي مسحوقة لديهن , ويخضنها ضربا من حرب أهلية إذا جاز التعبير . وراحت الكثيرات يرعين الأنوثة كورق تغليف صناعي ومصطنع , مخصص للاستجابة إلى الطلب العصابي للرجل في هذا العصر , وهذا يعني أن الأنوثة تكف عن أن تكون قدرة واستطاعة , بل تصبح الجزء الأفقر , والأكثر مرضا في شخصية المرأة .
إن الأزل لا ينتمي إلى المستقبل , بل إلى الحاضر , وإلى الحضور في قلب الشقاء الأكثر عمقا , وفي الأمل المناضل من أجله , لا بعالم آخر أو حياة أخرى , بل بهذا العالم ليصبح بالحب المتبادل بينها وبينه عالما مختلفا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل