الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب: رؤية من الداخل (2 ) القضية الفلسطينية قراءة في كتاب: العرب وجهة نظر يابانية للمفكر نوبوأكي نوتوهارا

عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .

2018 / 2 / 23
القضية الفلسطينية



في الصفحة 93 من كتابه: 《العرب وجهة نظر يابانية 》 يتحدث المفكر الياباني نوبوأكي نوتوهارا عن زيارته إلى مخيم اليرموك بسورية ولاحظ أن البيوت مسقوفة بمادة التوتيا، إذ الفلسطينيون لم يشيدوا بيوتا للاستقرار، فبيتهم الحقيقي هو الأرض الفلسطينية المغتصبة من لدن الكيان الصهيوني، ولاحظ أيضا أن الفلسطينيين مازالوا يحملون معهم مفاتيح بيوتهم، ويؤمنون بحق العودة كعقيدة مقدسة لا تقبل التفاوض أو المساومة، إن قضية الوطن وتحويله إلى عقيدة كرسها الكاتب الفلسطيني الملتزم غسان كنفاني (اغتاله الكيان الصهيوني عام 1972 ) حتى سرت في دم كل فلسطيني.
ولم يتوان المفكر الياباني في الإدلاء بموقفه حيال القضية الفلسطينية، ويقول في الصفحة 94 : 《 إنني أعتقد أن البشر جميعا مسؤولون عن أي جريمة تحدث على كوكبنا، ولذلك فالعالم كله مسؤول عن الجريمة التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني . المسألة ببساطة شديدة، هي أن مجموعة بشرية جاءت من خارج فلسطين واستوطنت بقوة السلاح، ثم شردت شعبا واغتصبت أرضه وثقافته وتاريخه》 .
نفهم من هذه القولة أن أي إنسان هو مسؤول عن أي جريمة تقع في العالم، لأن الإنسان ذات عاقلة ويجب أن يحدد موقفه من قضايا العالم وعلى الأقل بالكلام، فالصمت جريمة لا تغتفر، ومن بين هذه القضايا الكونية والعالمية التي يجب تبني موقف حيالها: القضية الفلسطينية، إننا كلنا مسؤولون عن جرائم العدو الصهيوني طالمنا أغلقنا أفواهنا، لذلك لا يجب السكوت عن جرائم الصهاينة الذين أتوا من خارج فلسطين واستوطنوا بقوة السلاح، ثم شردوا شعبا واغتصبوا أرضه وثقافته وتاريخه، ومن ثمة يجب البوح والكلام والصراخ في سبيل كل القضايا الكونية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وما كلام وسفر وتبحر المفكر الياباني نوتوهارا سوى تعبير عن الضمير الإنساني الذي يتحلى بها هذا المفكر، إذ شغل كل وقته في التعريف بالقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
كانت بداية الانهجاس بالقضية الفلسطينية بالنسبة للمفكر الياباني من خلال الإطلاع على أعمال الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني الذي يعتبر من خيرة الكتاب الذين أنتجتهم القضية الفلسطينية، كان مفكرا ملتزما لا يتراجع إلى الخلف، لديه قلم نفاث يضاهي طائرة صهيونية، لقد كان كنفاني يحترم الشعب الفلسطيني احتراما كبيرا، لقد ربط مصيره بمصير الشعب الفلسطيني ولم يبحث عن مناصب أو مقابل، عاش في المخيمات وتشرب القضية الفلسطينية حتى صار الناطق باسمها، وجعل من قلمه سلاحا لا يتراجع وكتب 《أرض البرتقال الحزين》 حيث يصف كيف طرد الفلسطينيون، وكتب 《 كعك على الرصيف 》 حيث يصور لنا الأطفال الفلسطينيين الذين يشتغلون في شوارع دمشق بعد النكبة، ثم 《 قصة الاشتباك 》 التي تتحدث عن الشعب الفلسطيني وهو يقرر مصيره من أجل استرداد الأرض الفلسطينية المغتصبة من البحر إلى النهر، وفي هذا الصدد يرى نوتوهورا أن كتابات كنفاني تعبر عن يقظة الوعي الفلسطيني وتوجهه نحو البندقية، وبالتالي راح الفلسطينيون يراهنون على المستقبل لا الخنوع والاستكانة أمام سلطة الماضي والحاضر، إن كنفاني حسب ما يرى المفكر الياباني قد ربط بين القضية والإنسان ووحد بينهما في مسيرة القضية الفلسطينية، إذ صارت هذه القضية تاريخية ساكنة في وجدان الضمير العالمي، يقول هنا : 《 إن فلسطين ليست حزينة، بل هي الحزن نفسه 》 إنه يقتبس هذه القولة من محمود درويش، ولكنه يتبناها ويقتنع بها، فنوتوهارا انسجم كليا مع القضية الفلسطينية وصارت منطلق صوته الإنساني وضميره الكوني . ويلفت الفيلسوف الياباني أن كتابات كنفاني دفعت الفلسطينيين إلى العمل المسلح وخلقت روابط بينهم وبين الأم التي هي فلسطين وتوطدت علاقتهم بالشجر كالزيتون والأرض والحجر، وكذلك ارتبطت علاقتهم بالبندقية . وبالتالي نفهم من كلام نوتوهارا أن لا خيار للشعب الفلسطيني سوى المقاومة المسلحة في ارتباط وثيق بالنضال الدبلوماسي والعلمي، ولقد لاحظنا أنه لم يتحدث بالمرة عن أوسلو، ولا عن السلطة ولا عن خيانة منظمة التحرير لأن الكلام في هذه الخيبات من شأنها أن تحبط أجيال المستقبل من الفلسطينيين و أحرار العالم، وبالتالي يدعو إلى التمسك بأنوار كنفاني في وسط الظلام الفلسطيني بعيدا عن حركة حماس والجهاد...، فكل هذه الفصائل ظهرت في زمن الردة الفلسطينية ولا خيار سوى العودة إلى الزمن المتوهج . ذلك الزمن الذي كان فيه أحرار العالم يناضلون في سبيل القضية الفلسطينية دون ربطها بالدين ولا بالقومية ولا باللغة، بل كانوا يربطونها بالإنسان، ذلك الزمن الذي جعل 6 يابانيين ينتمون إلى الحزب الشيوعي الياباني وهم أوكودايرا تسويوشي وياسوكي ياسووا، وكوزو أوكاموتو، إضافة إلى فوساكو شيجينوبو المرأة الوحيدة، ثم تاكاو هيموري وأوسامو ماروكا إلى المشاركة في عملية فدائية استهدفت مطار اللد عام 1971، إن الأديب كنفاني ومن خلال كتاباته ونضاله في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جعل من القضية الفلسطينية محل تعاطف عالمي، إذ هبت كل الشعوب العالم تناصر القضية الفلسطينية التي مازالت خاضعة لاستعمار صهيوني وأذكر هنا: الصحفي الإيطالي فيتوريو اريغوني كتب كتابا عن غزة و صور جرائم الكيان الصهيوني عقب حرب غزة 2009، لكنه اختطف عام 2011 من طرف مجموعة إسلامية، الشيء الذي يوحي أن الأصولية الدينية تتقاطع في أهدافها التدميرية مع الاستعمار الإمبريالي الصهيوني الذي اغتال المناضلة الحقوقية الأمريكية راشيل كوري عام 2003 حينما سحقتها ذبابة كانت تهم بجرف وتدمير البيوت الفلسطينية . هكذا يتضح لنا أن كتاب 《العرب وجهة نظر يابانية 》 لم يذخر جهدا في التعريف بالقضية الفلسطينية وبجرائم المحتل الصهيوني وما فتىء يستنهض همم الفلسطينيين في الإيمان بقضيتهم كما آمن بها غسان كنفاني .

ع ع/ 23 فبراير 2018 / الدار البيضاء - المغرب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام