الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع المرأة .. الأم .. والحبيبة .. في عيدها العالمي

بدر الدين شنن

2006 / 3 / 8
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات


شهد العالم في أواسط القرن العشرين تحولاً نوعياً هاماً ، تجسد في الانتصار على النازية ، أ سوأ أشكال العبودية الرأ سمالية ، ونهوض عارم لحركات التحرر الوطني ما أدى إلى انتزاع عشرات البلدان المستعمرة ا ستقلالها الوطني وإلى توجيه ضربة قوية إلى العصر الاستعماري ، كما شهد توسعاً وأهمية لدور الأمم المتحدة ، وانطلاقة مؤتمر باندونغ ، ومن ثم تشكيل حركة عدم الانحياز ، وتد شين عهد إنساني جديد كان واعداً بالمزيد من التحرر والتقدم . وقد انعكس ذلك إيجابياً على وضع المرأة عالمياً بنسب مختلفة . إذ دفع إلى أمام الحركات النسائية التاريخية التي تكونت في بدايات القرن العشرين في مناطق متعددة من العالم ، ومنها الحركة النسائية التي قادتها هدى شعراوي في مصر وحركة النساء الاشتراكيات في أوربا ، وتم تأسيس الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي ، الذي تنامى وتوسع خلال ستين عاماً إلى أن غطى معظم بلدان العالم

وقد لعبت الحركات النسائية ، عالمياً ، دوراً نشيطاً في الدفاع عن السلام وعن حق الشعوب في تقرير مصيرها والحصول على حق المرأة بالمساواة مع الرجل في العديد من بلدان العالم ، سيما في بلدان المنظومة الاشتراكية ، ودول أوربا التي عرفت انتشاراً ونفوذاً كبيراً للحركات الشيوعية واليسارية والانسانية . وقد شاركت الحركات النسائية في العالم العربي ، وخاصة في مصر وسوريا والعراق وفلسطين والمغرب ، حيث كان للأحزاب الشيوعية والاشتراكية والديمقراطية حضوراً سياسياً كبيراً في دعم هذه الحركات ، شاركت في الدفاع عن الاستقلال الوطني وعن الحريات العامة ، ومن أجل المساواة في الحقوق السياسية والمدنية مع الرجل ، وتمكنت أن تسجل مستوى لابأس به من النجاح . وفي مقدمة ذلك ، الإقبال الأنثوي الكبير على التعليم على مختلف درجاته ، واحتلال المرأة مواقع اجتماعية ومهنية عالية على مستوى الطب والمحاماة والقضاء والوظائف الادارية والتعليم والثقافة والأنشطة السياسية

غير أنه مع إطلالة الربع الأخير من القرن الماضي ، حيث انقضت القوى السياسية اليمينية على السلطة مستغلة هزيمة حزيران 1967 وفشل حرب تشرين 1973 في تحقيق تحرير الأراضي العربية المحتلة ، شهد اليسار عموماً " القومي والماركسي " إنحساراً كبيراً ، ما انعكس سلباً على الحركة النسائية . بل وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية ، وبعد حرب الخليج الثانية والثالثة وبعد واحتلال العراق ، والإمعان الإسرائيلي الاستعماري القمعي الدموي ضد الشعب الفلسطيني ، وتزايد هيمنة القوى الدينية الرجعية على المجتمعات العربية كاد أن يفرض الحجاب الكلي عليها .. أي حجب الجسد والعقل معاً

ولهذا ، فإن وضع المرأة في العالم العربي الآن هو الأكثر سوءاً وقسوة عما سلف من الأزمنة ، فهي تتعرض في حقبة تفشي الاستبداد والقمع السائدة إلى الاعتقال والتعذيب والموت تحت التعذيب لمشاركتها الشجاعة في معركة الحرية والتحرير والديمقراطية ، في وقت ماتزال ، حسب قانون الأحوال الشخصية ، ما تزال محرومة من المساواة الشرعية مع الرجل في الإرث والزواج والطلاق ، ماتزال خاضعة لنزوة الطلاق التعسفي ولعبودية تعدد الزوجات وخاضعة لبيت الطاعة الزوجية ، كما أنها لاتزال خاضعة في معظم البلدان العربية لشروط عمل غير عادلة وأجر متدن ، ومعرضة لتعديات تمس العفة والشرف ، ومعرضة للعنف من قبل ولي الأمر لإخضاعها لما لاتقبل به أة لايليق بمستواها وكرامتها

وللمرأة في العراق وفلسطين في هذا السياق هم مضاعف , وعبء ثقيل أكثر من أخواتها في العالم العربي . فبالإضافة إلى همها النوعي لإنتزاع حقوقها المساواتية النوعية مع الرجل تكابد قسوة الاحتلال وتداعياته كعضو في المجتمع وكأم وزوجة وشقيقة ، عليها أن تناضل مع الأب والأخ والزوج والإبن والرفيق الاحتلال ، وعليها أن تحافظ على الوطن وعلى الأسرة ، وتواصل الإنجاب لإعادة إنتاج الوجود والمقاومة ، وتتحمل الأسى والحزن على افتقاد الأحبة ، وتبث العزيمة والإرادة ، وتصنع الرغيف والإبتسام ، وتسهم بدموعها وعرقها في بناء الأسرة .. وبناء الوطن

إن التجربة التاريخية تؤكد بما لايدع مجالاً للجدل ، أن الحركة النسائية ، مهما اتخذت من أشكال ، واستدعت متطلباتها من مرونة وهوامش انفتاحية لتوسيع مساحاتها الجماهيرية ، هي حركة سياسية في مضمونها ومساراتها ومرتبطة بحراك المجتمع السياسي اليساري والتقدمي ضد كل اشكال الاستغلال السائدة في المجتمع ، وبالمقابل فإن مصداقية أي حراك يساري أو ديمقراطي مشكوك بمصداقيته إن لم يضع في مركز اهماماته مسائل تحرر المراة وحقوقها المساواتية بالرجل . كما تؤكد التجربة الانسانية في التعاطي مع المرأة ، أنه لايمكن للرجل أن ينظر إلى شريكته في صنع الحياة نظرة مجردة يسقط عليها رغباته وأمنياته الأنانية وغرائزه . ولن تنضج نظرته الانسانية إلى المراة إن لم تتحدد هذه النظرة بمقاييس نظرته إلى الأم والحبيبة . ولن تكتمل الحرية والعدالة والسلم والحضارة الانسانية بدون حصول المرأة على تحررها من عبودية المجتمع الذكوري التاريخية

إلى حاضنة الحياة .. إلى ينبوع الحنو والجمال والحب .. إلى المرأة الإنسانة .. إلى الأم والأخت والإبنة والشقيقة والحبيبة والرفيقة .. باقة من أجمل ما أبدعته جنائن الكون .. في الثامن من آذار عيد المرأة العالمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا