الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة المستلقية

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


استوقفتني في الآونة الأخيرة تغريدة للدكتور حازم حسني يقول فيها " قد تستلقى العدالة في دلال على مخدع الزمان، لكنها أبداً لا تنام" وقد يكون ذلك صحيحا جدا، فالعدالة في مصر مستلقية على مخدع السلطة تمارس أكثر أنواع الدعارة فحشا!
إن مفهوم العدل في مصر ليس له مثيل منذ قديم الأذل، ويبدو ذلك جليا في قصة نبي الله يوسف الذي ادعت عليه زوجة عزيز مصر أنه قد راودها عن نفسها رغم أن العكس هو الصحيح، وبعد التحقيق في الأمر وتأكدهم من برائته تم حبسه "احترازيا" بل والأسوأ أنهم قد نسوه في السجن ولم يذكرهم به إلا حلم العزيز عن السبعة سنوات العجاف!
ويبدو أنه - وككل شئ في مصر - تتطور العدالة نحو الأسوأ والأكثر ابتذالا – بعكس بلدان الدنيا جميعا – ولو كانت النساء اللاتي راودن يوسف عن نفسه قد اعترفن بجرمهن واستغفرن الله وأكدن على عفافه وأخلاقه العالية، فإن الناس في مصر – الا من رحم ربي – لا يمانعون في رمي غيرهم زورا وبهتانا ولا تنطق ألسنتهم إلا الكذب ويحترفون التزلف والنفاق باعتبارهما المؤهلان الوحيدان اللذان يمكن عبرهما الترقي وتحقيق المكاسب.
فبسهولة يمكنك شراء الذمم في مصر وبأبخس الأثمان، ولا أعرف هل يرجع ذلك إلى ما مورس عليهم لألاف السنين من استعباد، أم أن الأمر يسري في جيناتهم وأنهم قوم الفوا العبودية ويمجدون كل من لديه السلطة والمال ولو كان زعيم عصابة أو مخبول يعتقد أنه إله يحي ويميت!
ربما تجد فيما أقول تعصبا ولكن عليك أن تكون معارضا تحاول قول الحقيقة في عصر السيسي لتدرك حجم ما يمكن أن يمارس عليك من ضغوط، وأعداد "المواطنين الشرفاء" الذين يمكن للسلطة الدفع بهم لإيذائك والتنكيل بك، وكيف يقوم هؤلاء بمهمتهم المقدسة بدأب وإصرار يحسدون عليهما، ويجعلك تتوقف أمامهما منبهرا ومتسائلا: لو كان بإمكانكم العمل بهذا النشاط والإخلاص في إيذاء شخص لم يجني جرما في حياته سوى قول الحقيقة الجلية الواضحة التي تؤكدها كافة التقارير الدولية ويؤكدها حال البلد المنهار فلماذا لا تمارسون نفس القدر من النشاط والإخلاص في عمل مفيد يعود على البلاد بالفائدة؟
لماذا تبددون طاقتكم في إيذاء شخص كل جريمته أنه يرفض ضياع الأرض والنيل والآثار ومعهم الأخلاق والذوق والفن الرفيع، بدلا من استغلال هذه الطاقة في الحفاظ على نفس الأشياء التي ستعود عليكم قبل غيركم بالخير؟
هذه الأخلاق ليست جديدة عليهم فهي ظاهرة في الآثر، فقد قال عنهم المقريزي ""أهل مصر يغلب عليهم الدعة والجبن والقنوط والشح وقلة الصبر وسرعة الخوف والحسد والنميمة والكذب والسعي إلى السلطان وذم الناس بالجملة، كما يغلب عليهم الشر والدنية التي تكون من دناءة النفس والطبع .....ومن أجل توليد أرض مصر الجبن والشرور والدنية لم تسكنها الأُسد، حتى كلابها أقل جرأة من كلاب غيرها من الأمصار، وكذلك سائر ما فيها أضعف من نظيره في البلدان الأخرى، ماخلا ما كان منها في طبعه ملايمة لهذا الحال كالحمار والأرنب
المصدر : "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" صفحة 43".
إذا حدثتهم عن العدل والحرية نظروا إليك بكل بلاهة واعتبروك مجنونا، وإذا ذكرتهم بحقوقهم سخروا منك، وإذا واجهتهم راغوا منك كما يروغ الثعلب.
لقد نجح نظام السيسي في التنكيل بالقلة القليلة التي تتمتع بالكرامة والنخوة والوعي من بين أبناء هذا الشعب، فلم يسلم منه سوى الحثالة وهم من يحتلون الأن أرفع المناصب ويملأون السمع والبصر، بل أن هناك سباق محموم فيما يبدو لإظهار مواهبهم في النفاق وإنعدام الشرف وأكل السحت وقول الكذب والفجور والتباهي بأشنع الصفات.
إن شعب لا يعرف حقا ولا ينكر باطلا حق عليه الذل والمسكنة وحق عليه أن يتولى أمره الخونة والمجرمين فاقدي النخوة والشرف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح