الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة من المشاع إلى الحرية

محمد الحاج ابراهيم

2006 / 3 / 8
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات


المرأة وجود محوري أساسي في حياة البشر،وصارت قضية حين بُني تقييم العلاقة بها على أساس نظرة الرجل الجنسية وتوجسه من بني جنسه الذكور، الباحثين عنها مشاعاً بغاية الجنس الحيواني العبثي وليس الاجتماعي المُنظّم.
شكّل البعد المشاعي دافعاً خلق عُرفا لحمايتها من قبل المعني بها (الأب والأخ وتاليا الزوج والابن)من المشاع في صيرورة البشرية الأولى والتي لاتزال صورتها هذه حاضرة في البيئات التقليدية المُحافظة،وعلى هذه القاعدة تم حُكمها،واختزالها،واستغلالها،وصارت تُمثّل كرامة وشرف الرجل المالك لها في كل المجتمعات العالمية القديمة والحديثة.
تم تأصيل العرف فصار قانونا اجتماعيا يُحدّد حركتها وبذلك أصبحت تابعا، وبنيت القوانين والتشريعات على هذا الأساس ولازالت، وهذا موجود عند بني البشر في كل بقاع الأرض، حتى في مُجتمعات أفريقية التي يعيش سكانها عُراة يعيشون نفس التوجس من بني جنسهم، وتقوم حروب بسبب استهدافها.
إذاً المُشكلة ليس في المرأة بقدر ماهي في الرجل الذي يستهدفها،وأعتقد أن السبي في الحروب واستخدام السبايا جواري لم يكن لغاية غير هذه،وسلوك الجند تجاهها في البلدان التي يحتلّونها والذي لازال يُمارس في كل الحروب(الاغتصاب) بغض النظر عن تركيبة المُجتمع المُحتل،لم يكن إلاّ على أساس المشاع الذي يعتبره الذكر المالك اعتداء عليه.
العرف والقانون الذي صنعته هذه النظرة مثّل الحماية السياسية لها، وبالتالي حماية كرامة وشرف الرجل حتى تزويجها القائم على قرار المالك الذي لازال في بعض المُجتمعات حاضرا فاعلاً.
في المجتمعات التي تحرر بها الرجل من عقدة بني جنسه، استطاعت المرأة أن تأخذ بعض ما خسرته عبر التاريخ،فاختارت الزوج بعد أن كان يُفرض عليها،وتعلّمت القراءة والكتابة بعد أن كانت محرومة منها،وتطور ذلك لتدخل المدرسة فتُصبح مُعلّمة لبني جنسها،وتطورت لتدخل الجامعة لتعليم بني جنسها في المراحل العُليا،من ثم انخرطت في الحياة العامة كمهنية ساعد على ذلك حدوث انقلاب سياسي في العديد من المجتمعات تعامل معها كسطح مشلول ولم يدخل عمق المُشكلة الاجتماعية التي أسّست لقضيتها التي سُمّيت((مُشكلة المرأه)).
قوانين الأحوال الشخصية صيغت على قاعدة المُحرم بما يتعلّق بالمرأة، وتطورت لتطال جوانب أخرى من حياتها ،وتحريمها عُرفا وشرعاً وقانوناً كان على أساس المشاع،وعليه تم الاستلاب والاختزال والاستغلال الجنسي والاقتصادي والانساني فسُمّيت بما يُشاع عنها من بخس وتجهيل لها ولدورها في الحياة العامة.
في المجتمعات التي تبخسها حقها تبقى بحاجة لنصوص قانونية تصونها كما الرجل، يُضاف لها المؤسسات التي تقوم بهذا الدور المبني على تحرّر كوادرها من عقدة المرأة التابعة والمُستلبة، وحلول المرأة المواطنة محلها في الوعي العام لهذه الكوادر،عندئذ تملك المرأة حريتها دون وصاية من الذي حرمها حقوقها تاريخياً، فتكون سيدة كسيادة الرجل في البيت والعمل.
مطبّات كثيرة وقع بها دُعاة تحرير المرأة خلطت بين الدعوة لتحريرها والنفاق في الممارسة،حيث الداعي لتحريرها يبدأ من خارج بيته ويؤجّل تحريرها داخل بيته حتى إشعار آخر،هذا السلوك أكد على ضرورة تحرير الكادر من العقد الذاتية الناشئة من التماهي بالموروث،ويُطالب بالتمرّد العقلاني المُتبني قضيتها كمواطنة وليس كأُنثى ضعيفة بحاجة لمن يقف إلى جانبها المُستند إلى ثقافة الحريم،وهذه تُشكّل العقدة الثانية بعد المشاع.
قبل التحدث عن مشاركة المرأة في صياغة القوانين يجب معرفة الوسط الذي ستشارك به،إذ أن وسطها العربي وإنسانه يعاني من الأشكلة في أكثر من مستوى فهو يعاني من:
-إشكالية المعرفة.
-إشكالية السلوك.
-إشكالية التلاقح بين المعرفة والسلوك.
-إشكالية العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
-إشكالية العلاقة بين المرأة ومُجتمعها المُتصارع والمُتناقض.
-اشكالية القهر للمرأة والرجل وسلسلة القهر السياسي والاجتماعي.
قبل التحدث عن مُشاركتها في صياغة القوانين لابُد من طرح المسألة القانونية بشرعيتها وقانونيتها بما يتعلق بالمرأه، وقبل ذلك كله من الضروري طرح المسألة المعرفية وعلاقة البنية النفسية بها وهو الأهم،أي أن وعي الناس للجانب القانوني هو الذي يؤسس لمشاركة فاعلة وليس مراسيم للاعلام،ومشروع المشاركة هذا عندما يتم تبنيه مدنيا لن يكون هناك من مشكلة لكن المشكلة تبدأ من الناحية الشرعية، فمثلا موضوع القوامة هل يمكن تجاهله وماهي تبعاته كوجود ونفي؟،بالتأكيد لابد من مشاركتها كونها محور من محورين في الوجود لاثالث لهما لكن المطلوب هو المشاركة الفاعلة،فعندما تتم صياغة قانون الأحوال الشخصية على أساس الأنوثة والذكورة هذا يعني تعزيز دونيتها رغم مشاركتها في هذه الصياغة على خلفية استلابية موروثة ما يدعو للسؤال: من هي المرأة التي ستشارك في الصياغة هذه،هل هي المرأة المُستلبة أم المواطنة؟ ،إذ أن حالتها هي التي تُحدد نتيجة المُشاركة مُضافا لها حالة الرجل بين الذكورة القوامية والمُواطَنَة كوعي وتركيب نفسي.
الصراع الخفي بين المرأة والرجل قام بأسباب السيادة القادمة من ذهنية المَشَاع في صيرورة البشرية الأولى،والقوامة الشرعية جاءت حلاًّ لصراع السيادة فحسمت الصراع لصالح الرجل الذي التقط هذا الحل وتمترس به،فصاغ القوانين الاجتماعية التي تخدمه في صراعه مع المرأة ليس لأسباب الذكورية التي يُخطيء البعض بافتراضها المُحرّك بهذا الاتجاه إنما الذكورية التي هي نتيجة من نتائج المَشَاع.
رُبّ قائل يقول:عرفنا الأسباب التاريخية لغياب المرأة عن دورها لكن كيف يُمكن لها أن تعود لهذا الدور؟
وإجابة عن هذا السؤال أقول:
أمامنا أحد أمرين،إما أن نعتمد القوانين المدنية المُقترنة بثقافة مدنية ووعي مدني والتي تُقرُّ بالمرأة مواطنة أساسية في هذا الوجود ،أو أن نتعمد الشرع الذي يعتبرها نصف مواطنة اقتصاديا(للذكر مثل حظ الأنثيين)ونصف مواطنة اجتماعيا وسياسياً(الرجال قوامون على النساء) لذلك وعودة للمُشاركة في صياغة القوانين تكون مُشاركتها إما حرة أو مُستظلة بظلال الرجل، وهذا لابد من حسمه تبنيا لهذا المشروع كون المرجعية الشرعية ثابت ومُطلق بينما المدنية مُتغير ونسبي وهذا يُدخلنا في حوارات طويلة تحتاج أبحاثا.
حول موضوع محور المناسبة،لابأس من التوازي بين العمل على زرع قانونية وجودها في الوعي العام،والعمل على إشراكها في الجوانب التي تتعلق بها وبالرجل في وقت واحد وهو حقها،كي لانخترع قضية مُستحدثة تتعلق بها بعد الأشواط التي قطعتها على ضوء المراسيم الثورية التي تصوّرت أن لها الفضل في تحريرها من البؤس الذي كانت تعيشه،والاختزال الذي كانت تُعاني منه والاستغلال أيضاً،وعلى ذلك ومن وجهة نظر شخصية أرى أن اعتماد المواطنة أساساً قانونيا هو الأفضل دون ذكر بند يتعلق بالمرأة،وبذلك من الوجهة القانونية تتساوى بالرجل وتتشارك معه في القرارات والمراسيم ورسم الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا على قاعدة من الاقتراع الذي يُحدده المجتمع العام وليس الذكوري،ولدى اعتماد المواطنة أساساً قانونيا ينتج التالي:
- يُلغى التمييز بينها وبين الرجل فتكون بذلك مع الرجل خاضعين للقانون نفسه،كزوال الفرق بين الحاكم والمحكوم عندما يُصبح الحاكم تحت سقف القانون وليس فوقه بالتقاضي مع المحكوم.
- يتوقف انتهاك حقوقها في كل قوانين البلاد/أحوال شخصية وغيرها/،وتنتهي أسطورة الرجل صاحب السيادة والجلالة،فتكون حقوقها حسب الاعلان العالمي لحقوق الانسان وكل العهود والمواثيق الدولية المُتعلقة بها ككائن عاقل.
- يحميها القانون المواطني من العسف المنزلي ليس كامرأه بل كأي مواطن يتعرّض للعسف أو الاضطهاد الذي يُعتبر اعتداء على مواطن يُعاقب عليه القانون.
- تتم مُشاركتها في البناء الاجتماعي من زاوية الحق المواطني،وليس تحسُّناً من فصيلة الذكور.
في المنطقة العربية حديثاً..هناك خلل سياسي صنعه الاستبداد أنتج مواطنا مهدوراً ومشروخاً لايصلح للقوامة،إذ حلّت مكانها قوامة الحاكم على المحكوم المُتشظّي ، الخاضع لسباق الأحزاب في الاستقطاب،الضائع بين السيادة والعبودية،المُتخبط بين التماهي والنفاق،المتناقض حتى التلاشي الذي بالكاد يعود مواطناً،وبحكم هذا الحال يُصبح مطلوب من الرجل والمرأة بحكم الضرورة أن يتحالفا من أجل المواطنة التي فقداها،واستمرار الشراكة حتى بعد عودة المُواطَنَة إن عادت،وذلك لصونها من عودة غول الاستبداد إن رحل،فالاستبداد العقائدي والسياسي والاجتماعي كان وراء سحق البشر رجالا ونساء،وأمامه فقط تساوى الرجال بالنساء،وكل ماعداه فرّق بينهما.
خاتمه:
لن نتمكن من البحث في هذا الموضوع عندما نُقرّر أن نُعطيه حقه في هذه الصفحات القليلة،وذلك لكثرة الأفكار التي يمكن طرحها والتي تحتاج لحوار مُباشر طويل،منها مايتعلق بالدين، ومنها مايتعلق ببنية العقل، ومنها مايتعلق بالبنية الاجتماعية والنفسية لمجتمعنا وغيرها كثير،لذلك قررت المُشاركة بهذه الصفحات القليلة علها تكون قد حققت مُشاركتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. يديعوت أحرنوت: ليبرمان يفضل انتظار خوض الانتخابات المقبلة |




.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص


.. انهيار مبنى سكني في #إسطنبول #سوشال_سكاي




.. وول ستريت جورنال: إسرائيل أعادت النظر في خطتها في رفح لتفادي