الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة...في رواية [ بيت السودان ]

زهير إسماعيل عبدالواحد

2018 / 2 / 26
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


قراءة في رواية { بيت السودان }
سردٌ عميق في جروح الماضي السحيق والحاضر المؤلم
(( يُحدّثكَ الكاتبُ عن البحر ... فتتحسس الملوحةَ في فمك، وتُسرع في البحث عن حلول تُمكّنكَ من تحويل سريرك الى زورقٍ، في حال فاضَ الماءُ من احدى زوايا غرفتك)).
بيت السودان .. هي تجربتي الثانية مع الكاتب والروائي الراقي (محمد حياوي) والتي انتظرتُها بشغفٍ بعد قراءتي روايته (خان الشابندر) التي لاقت صدىً كبيراً جداً.
عندما تقف أمام بيوت الشناشيل بشرفاتها الخشبية المزخرفة وأبوابها المميزة، حيث يوجد على كل باب ((مطرقة)) تكون على أشكال مختلفة ) رأس أسد، يد، ...)، وفي روايتنا هذه اختار المؤلف مطرقة باب بيت السودان على شكل فتاةٍ سمراء ، جميلةٍ جداً.
يقول الكاتب في مقدمته الرائعة :-
" لَو أَصغيتَ جيّداً، فستسمَع نَقَر الدُّفوف وإذا كان اللّيلُ رائقاً والقمرُ متوارياً، فسيكون في إمكانك رؤيةُ أَعمدة النُّور تنبعثُ من الرَّماد وتَرقص فوق الحُطام رقصَتها الأَبديَّة".
رغم أسلوب الكاتب الخلاّب الذي يَأخُذنا من صفحات العمل الأولى ، لكني وقفتُ حائراً بين كلمات الكاتب من أول حرف وأول نقطة حبر خُطت في صفحات روايته. فلقد أقسم الكاتب بأن يُقدّم لنا روايةً لا مثيلَ لها عن تاريخنا من خلال إسقاط الماضي على الواقع بطريقةٍ أدبية قلّ نظيرها هذه الأيام.
ومن وجهة نظري للعمل فإني أرى أنّ الكاتبَ أبدعَ في عمله هذا أيّما إبداع.
تظهر لنا الشخصية الثورية للكاتب بشكل واضح عندما يتطرق للجانب السياسي في العمل، فيثبت عدائه للأنظمة القمعية الدكتاتورية عندما يذكرهم في روايته.
يستعرض الكاتب قوته الأدبية من خلال استخدامه للمفردات اللغوية الثقيلة على الأدبي الحالي فيقدّم لنا أجمل أنواع الأدب النثري من حيث اللغة والتعبيرات الجمالية وبشكل يثير الإعجاب. إن قدرة الكاتب على تقديم عمل بهذه الدرجة هي نقطة تُحسب لصالحه.
أن من يقرأ هذا العمل بإنتباه شديد سيجد أن الكاتب يُسقط الماضي القريب على واقعنا الحالي في كل تفاصيله. ويُبدع في سرد احداث وشخوص روايته بطريقة سلسة لا ثقل فيها إلا ثقل العمل نفسه.
أما الحُبكة فإنها غايةً في القوة والإحكام، ممتعة إلى حدٍ بعيد.
تستوقفنا جمالية الصورة والقدرة على تقديم سرد يمزج الواقع بالخيال والماضي بالحاضر المؤلم، فهذه الرواية هي من انواع السرد النثري الرائع الممتع ، فيها كل مقومات البناء الدرامي من تنوع الأطر المكانية مع تنوع الاحداث وتواليها مع الزمان.
أن أحداث الرواية غزيرة ومتشعبة تؤدي الى تنامي حبكة متماسكة ذات مسار متفرع وشامل.
كما ان الروائي كان عبقريا فلقد جمع في روايته جميع مقاييس الرواية الناجحة كالصورة المركبة، الكلمات السليمة ، الدقة في اختيار الكلمات وايحاء الكلمة، كما انه جمع بين الأسلوب الجذل والأسلوب السهل.
كل الكلمات قليلة بحق هذه الرواية من وجهة نظري على الأقل، وأي شخص أخر غير ملزم بها، فهي رواية رائعة جداً وجميلة
للغاية، خفيفة على القارئ، فأنت تقرأ فيها ماضي عائلة عراقية
(أسرة بيت السودان) وهم :-
ياقوت سيدة البيت وهي الشخصية المحورية في الرواية. علي، عفاف، ضمد، دكتور رياض، نانسي، عجيبة، صبرية وغيرهم.
- مقتطفات من جدران بيت السودان
" وتلكَ المرأة التي في خيالِك مهما يُكن اسمها تَمسّك بأذيالها لا تفلتها مهما حدث تلك المرأة !!!! مابك؟ أقصد تلك السمراء ذات الشعر الأجعد والتي تشبه عيناها بقعتي قهوة نعم تلك - ما بها؟!
-- لا تتركها ترحل. حتى لو لزم الأمر تقبيل التراب الذي تحت قدميها -- لكنني أكاد لا أعرفها ! إنها تتغير " . ص 7
" كانت تنبعث منها رائحة غريبة تشبه رائحة الأضرحة".ص 12

ثمة خفايا وأسرار في بيت السودان على القراء أن يكتشفوها بأنفسهم، فربما استطاعوا أن يُجيبوا على سؤال ، جوهره : هل من حدٍّ فاصل بين القسوة والجنون ؟
ملاحظة:-((أنا لا أحاول كسب الشهرة من وراء كتابة المقالات عن الروايات))

بيانات الكتاب:-

أسم الكتاب:- رواية بيت السودان

إسم الكاتب:- محمد حياوي

الناشر:- دار الآداب

سنة الطبع:- الطبعة الأولى 2018

عدد الصفحات:- 167

زهير إسماعيل عبدالواحد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : شهادة طبيب • فرانس 24 / FRANCE 24


.. -يوروفيجن- في قلب التجاذبات حول غزة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الذكاء الاصطناعي يفتح جولة جديدة في الحرب التجارية بين بكين


.. إسرائيل نفذت عمليات عسكرية في كل قطاع غزة من الشمال وصولا إل




.. عرض عسكري في موسكو بمناسبة الذكرى الـ79 للانتصار على ألمانيا