الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أردوغان يتابع صناعة خوازيقه

محمد جمول

2018 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية




من المعروف أن براءة اختراع الخازوق واستعماله ملكية فكرية عثمانية لم تنازعها باستخدامه حتى أكثر الدول الاستعمارية انحطاطا ووحشية. ومن الواضح أن أردوغان حريص على تقديم نفسه كوريث أخلاقي وسياسي وقانوني لإمبراطورية " الرجل المريض". مشكلة الشعب التركي مع أردوغان أنه يعرف أن تركيا دولة كبيرة وذات أدوار كبيرة في التاريخ، لكن اردوغان لم يعرف أين يجب أن يضعها. ولذلك يستمر في الرقص على الحدود بين القوى والدول، واضعا إحدى قدميه هنا والأخرى هناك ليستمر في عقد الصفقات التي يعتقد أنها ترضي الجميع وتضمن له كل ما يريد من الجميع. لكن سرعان ما يكتشف أن ما يأخذه من هذا الطرف لا بد أن يدفعه إلى طرف آخر مع زيادة يضيفها من رصيده أو من رصيد الجهلة الذين فتنتهم رقصاته البهلوانية.
من يستعرض مسار حرب أردوغان على سورية، يلاحذظ أنه لم يتوقف عن تصنيع خوازيقه منذ لحظة التشمير عن ساعديه للصلاة في المسجد الأموي في العام 2011. وخلال وقت قصير، وبعد أن أدرك أنه يقف أمام " حصرم دمشق" انطلق لرسم الخطوط الحمراء التي ساهمت في توريط السوريين عبر أوهامه وأكاذيبه. فبدأ بالإعلان أن حمص خط أحمر ولن يسمح للجيش العربي السوري بمس إرهابييه فيها. ومن ثم نقل خطوطه الحمراء إلى حماة فحلب التي يؤكد كثيرون أنه كان أول من قايض على إرهابييه فيها وبيعهم. تلك الأوهام ساهمت في قتل أعداد كبيرة من الإرهابيين الذين جاء بهم من كل أنحاء العالم ليدخلوا إلى سوريا ويحققوا له حلمه الإمبراطوري، كما ساهمت سياسته الحمقاء في تحفيز السوريين على مجابهات أدت إلى تدميرالمدن والقرى التي كانت بانتظار معجزاته البهلوانية بين لحظة وأخرى.
مشكلة أردوغان أن خياله جامح وعقله عاجز عن التعامل مع تعقيدات الواقع والقوى المحيطة به. ولذلك يقدم على أعمال لا تتناسب مع قدراته. وربما كان أوضح مثال على ذلك إسقاطه للطائرة الروسية فوق ريف اللاذقية. لقد أجبرته تلك اللقمة الكبيرة التي تفوق قدرته على المضغ والابتلاع على دفع ما لم يكن يتوقعه.


هذا الخيال الجامح الذي لا يستند إلى فهم العالم والواقع، جعل أردوغان ينصب نفسه" أميرا للمؤمنين" في عالم لم يعد " المؤمنون " فيه يجممعون على شيء سوى القتل وتجهيز الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة في عالم يرفض هذه الصناعة وصانعيها. لقد حاول حشد كل هؤلاءوالدفع بهم إلى سوريا والعراق، ومنهما إلى بقية بلدان المنطقة، وصولا إلى مصر وليبيا وتونس، ليكونوا طلائع جيش" الخليفة" الساعي إلى تكوين "عمقه الاستراتيجي"، لكنه لم يدرك أن هؤلاء لا يجيدون سوى القتل والتتدمير والتكفير. فكانت النتائج أكواما من العداوات والمشكلات بدلا من نظريته "صفر عداوات".
قد ينطبق الأمر ذاته على علاقته بالحكومة السورية التي أعلن كل العداوة لها ليجد نفسه في النهاية مضطرا، أعلن ذلك أم أخفاه، على التعاون معها لمواجهة أكبر " خازوق" ينتظره ، وهو مشروع الدولة الكردية الذي يهدد تركيا مثلما يهدد سوريا..
رجل يعرف أن ثمنه يتراجع. على الأقل منذ خيَر الأمريكيين بين أن يكونواا مع الكرد أو معه، فاختاروا الأكراد واضطر إلى دفع بعض رصيده لروسيا وإيران. وهاهو الآن يدفع للأمريكيين الذين قد يسلمونه القائد الكردي صالح مسلم. فماذا سيدفع لهم كي يخلصوه من بعض ورطته التي قد تجبره على التخلي عن بعض ما حققه مع الروس والإيرانيين؟
أعتقد أنه لن يستطيع الخروج من دوامة الرقص على جمر النيران التي أشعلها وفي بحور الدم التي أوجدها بحثا عن أوهامه السلطانية، وبيع هذه الأوهام لشعوب أدمنت البحث عن أقوياء، ولو كانوا قططا تتخفي بجلود النمور وتتبختر في سيرك يديره الأقوياء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا