الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب في مواجهة الهوية: سوريا نموذجاً

كرم خليل

2018 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تزداد المصلحة في تجنب لغة الكفر والإيمان حينما يصطف الأحرار من أهل الوطن الواحد -مسلمين وغير مسلمين- ضد غاز خارجي أو مستبد داخلي، فالعبرة بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ والمباني.
وربما يكون أنبل الثوار في الثورات العربية اليوم هم من يقاتلون إيمانا لتحرير الناس لا لحكمهم، ودون مراءاة دينية، أو جعجعة سياسية.
من المتعارف عليه، أن لكل حرب نهاية مهما طالت؛ فقد تكون الحرب في سوريا متجهة نحو نهاية ما، تحددها، وتحدد نتائجها، نسبة القوى الضالعة فيها، ولا سيما القوى غير السورية.
ولكن الفوضى الشاملة، التي أشاعتها الحرب، على كل صعيد، لا تزال في أوجها، وقد تكون مفتوحة على المزيد من الاضطرابات.
ويمكن أن يتوقف القتال فجأة، ولكن الحرب قد تستمر بأشكال مختلفة، ما دامت عواملها وشروط إمكانها المشار إليها قائمة في الواقع.
فالتوافق بين الدول الكبرى والقوى الإقليمية لا ينهي حرباً، كالحرب السورية السورية، ولا يحل مشكلات الشعب السوري، ولا يلبي حاجاته وتوقعاته؛ بل لعلّه يعيق عملية تشكل المجتمع السوري والشعب السوري من جديد، حتى وإن سيطر هذا الطرف أو ذاك على الجغرافيا السورية، كلها أو بعضها.
فالجغرافيا ليست كل شيء لأن الشعب هو الأساس، فلا يزال السوريون مختلفين على تعريف الشعب، وتعريف المواطن، ومن ثم تعريف الوطن والوطنية.
فالحرب التي لا تزال دائرة في سوريا، وهي حرب قذرة، غير مسبوقة في همجيتها وكارثية آثارها، كانت كامنة في ثنايا الحياة الاجتماعية – الاقتصادية والسياسية، فقد هيأت النخبةُ الثقافيةُ والسياسيةُ، ولا سيما الأقلية الحاكمة، شروط إمكانها، وعززتها السلطة التربوية والتعليمية، التي استمرأت الاستبداد، وكانت أداة فعالة في إعادة إنتاجه، في الحقلين الثقافي والسياسي، ومن ثم في المجتمع، على مدى أكثر من نصف قرن.
وهذا ما شكل الخلفية المعرفية والثقافية للتطرف والإرهاب، التي أنتجت نسقاً من التفكير والإدراك والتمثل والتقدير والعمل، ذا طابع ثنوي (مانوي) تفاضلي، إن لم نقل تعادمي، قوامه المركزية الذاتية والتمايز والتفاضل، يعاد إنتاجه مرة تلو مرة، فيصبح ذاتي التغذية.
وهو ما يفسر هشاشة المجتمع وسرعة تفككه وتنثُّره ونكوصه إلى الهمجية، سواء في إرهابها المذهبي (الطائفي) أو الإثني أو القومي، وما يفسر أيضًا انقسامه بين موالين ومعارضين ينبذ بعضهم بعضاً.
فالنظام السوري ليس مذهبياً دينيًا كالنظام الإيراني الذي يعتمد على ولاية الفقيه الغائب، ولكنه في الوقت ذاته أقل تعددية، ويستخدم إيديولوجية حزبية كان لها دور هام في يوم من الأيام حتى تحولت إلى أداة بيد النظام والأجهزة الأمنية.
كما يستخدم ولاءً اجتماعياً طائفياً من دون أن يكون فقط نظام طائفة بعينها، وفي فترة من الفترات وحتى في أيام المواجهة مع الإخوان كان قسم كبير من المعتقلين من العلويين، ولكن في أوقات الأزمات والاصطفافات تم استخدام الورقة الطائفية.
لا يوجد عندي أدنى شك بأن بشار الأسد ونظامه سيدفع ثمن كل جرائمه، وأن الأمريكيين تحديداً يخبئون له كل ما فعله للحظة المناسبة، لكنهم سيتركونه الآن يفعل ما يريد لسبب وحيد وهو أن كل ما يفعله يصب في مصلحتهم ومصلحة إسرائيل. وعندما ينتهي من مهمته التخريبية في سوريا والمنطقة سيقولون له: أنت مجرم، هكذا تتعامل امريكا دائماً مع عملائها تستغلهم حتى اللحظة الأخيرة ثم تعاملهم كمجرمين.
والأيام القادمة سوف تثبت ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة