الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
خطاب المرأة المشبع بالخوف
بشرى ناصر
2006 / 3 / 8ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات
يطلق بعض قراءي عليّ صفات جاهزة مثل (محاربة) و(مقاتلة) و(شجاعة) لا تدغدني ولا تستثيرني في قرارة نفسي ؛ فالحقيقة التي لا أحرج من الاعتراف بها : أنني كغيري من النساء أكتب بصوت ضعيف وخائف؛ وأشعر بالأغلال والقيود تكبلني كل لحظة ؛ وحدي من يعي ذلك جيداً ؛فلحظة الكتابة تؤهلك لاكتشاف حقيقيتك؛ وتضعك في مواجهة مع نفسك كأحسن ما تنبغي المواجهة ؛ولذا تصبح الكتابة وسيلة لمدك بمزيد من مشاعر العجز والحيرة والخواء بدلاً من أن تعوّضك أو تطهرك ؛ يحسن بي هنا تعريف(خطاب المرأة) :هو أفكارها التي تطرحها في بنية نصية أو سردية ؛ولأنه يقوم على محاولة لاكتشاف هوية المرأة وخروج (الأنا) التي لا تنجلي وتتوضح الا بتعرفها بالآخر وتوصيلها له؛ والحديث عن خطاب المرأة أو نقده ودراسته لا تتم بمعزل عن المنظومة الثقافية / منظومة الخطاب نفسه على اعتبار أن خطاب المرأة مشروعاً أيدلوجياً يفترض به أن يوازي إبداع الذكورة ولا يقل عنه ويرفض أن يكون تابعاً له أو ملحقاً به ؛فهل استطاعت المرأة في مسيرتها الإبداعية تحقيق نقلة نوعية تمكنها من الإفصاح عن (الأنوثة) ؟ لتخلق بذلك معادلاً موضوعياً لإفصاح الذكورة في إبداع الرجل ؟ ذلك الخطاب الذي ظل غائباً ويحاول التعويض عما فاته من زمن؟هل يستطيع مجاراة الخطاب النقدي الذي يصر على (الوصاية الأبوية)ويشكله المحافظون والإصلاحيون والمتنورون ودعاة المجتمع المدني ودعاة تحرير المرأة ويكاد يكون الخطاب النقدي بمجمله مفتقراً للموضوعية والجدية ...والأهم من هذا كله كيف تنتج المرأة خطاباً حداثوياً فاعلاًًً في ظل القمع اليومي المتربص بالفرد العربي (عموماً) ويطاله بالتكفيروالتفريق عن الزوجة ؟
كيف تصبح المبدعة حرة والمجتمعات خائفة ؟ نخاف من الأجنبي ونخاف الديمقراطية ونتربص بها ونخاف الفكر الحر ونخاف من الماضي (المقدس) ونخاف الحاضر ونخاف جداً من (ذوي العمائم) ؟
فمجتمعاتنا لا تكتفي بتهميش وإقصاء النساء فقط وتستفرغ علينا عبر وسائل إعلامها ليل نهار أن المرأة نصف المجتمع بل وتتعمد التعتيم وحجب حتى أسماء النساء وليس أجسادهن فقط ؛
فوضع المرأة عندنا معقداً أشد تعقييد لدرجة أننا نقع في التباس كبير بين (حقوق المرأة) وبين(احترام المرأة) بمعنى أن مجتمعاتنا تنظر لمن لم ينلن حقوقهن أسوة بالرجال بنظرة احترام وتقدير بينما لا تنال المطالبة بالمساواة الاحترام الكافي ... ولا تزال مجتمعاتنا تنتج قناعة مشتركة بين الذكور والإناث أن النساء للمنزل والرجال للعمل ؛ فالوصاية الأبوية قائمة وغير قابلة للزحزحة ؛ اسألوا العاملة العربية هل يساعدها زوجها في شؤون المنزل وتدريس الأولاد؟ فالقبول بعمل النساء لم يخلق تغييراً راديكالياً للأدوار؛ ولذا نسمع يومياً صيغاً على شاكلة : المجتمعات (تسمح) و(تمنح) و(تقبل) بمشاركة المرأة وليس باعتباره حقاً طبيعياً وأن النساء يشكلن فعلا نصف المجتعات .
فخطاب المواطن العربي يكاد يكون بمجمله خطاباً خائفاً غير حر؛ لأن الذات العربية تفضل الاختباء خلف ضمير الجماعة أو الضمير المجهول وتخاف الإفصاح حتى في الكتابة والأدب ولذا لا يزدهر أدب السيرة الذاتية في عالمنا العربي باستثناء بعض التجارب القليلة ؛فالشخصية العربية مطاردة تتغذى على الخوف وتلتحف (المبادئ الجميلة) هذا على العموم؛ فكيف بالنساء المحملات منذ بدء التاريخ بالخطأ والخطيئة ؟
والسلطة الأبوية تمتد لتشمل كل شئ ولتنتهي عند مفهوم (الأمة) ولذا ترى النساء عندنا يعشن تحت وطأة(التأثيم) ؛ ناهيك طبعاً عن المتغير السياسي والاقتصادي الذي يطبع بصماته مباشرة على وضعية النساء من خلال برمجة المجتمعات لحضور النساء بين حجب الجسد أو كشفه تبعاً لتأثير المتغير على التقاليد الاجتماعية أورد هنا مثال (الثورة الإيرانية) وهكذا تظل الظروف ضد النساء وحتى تمضي اللعبة على أتم وجه يتم ضخ الآف الحجج والبراهين التي تؤكد أن المرأة (عورة) و(جوهرة مصونة) و(درة ثمينة) فهي تضطر للخروج من منزلها لتعمل ولتشارك الرجل تبعات الحياة ومحاربة العوز والحاجة لخلق ظروف اقتصادية أفضل لكنها مقيدة بالحجب فقد تم تحريرها من (المنزل) تحريراً نفعياً استغلالياً ولذا يصبح مشروطاً بعدم الاختلاط أو مشروطاً بالحجاب والنقاب ومشروطاً بعدم التزاحم والمواجهة مع الذكور.
فهل نستطيع نحن المتهمات بالشجاعة والحرية رفع أصواتنا والمطالبة بتوفير إرادة سياسية قوية تؤثر على تفعيل وتعزيز القضايا الحاسمة فيما يخص النساء؛ ونطالب بإدخال تحسينات على النظام التشريعي وإصلاح القوانين التي تميز ضد النساء ؟
فالالتباس في قضية المرأة ينعكس على الواقع ليخلف التباسا ثقافيا مما يدعونا للسؤال : هل يحمل خطاب المرأة في قطر دلالة ما ..... وهل يمتلك خصوصية ؟ اذا كان خطاب المرأة العربية لا يزال عاجزاً وخائفاً ومتردداً ومغلفاً بالكبت ؛ فكيف نتعجب من النساء القطريات حينما ينتجن خطاباً مستسلماً عنصرياً خائفاً لا يقترب من المحظورات ولا يطال الثوابت بل تكاد أصواتهن لا تنفصل عن أصوات المجتمع وكثيراً ما يصبحن صوت المجتمع لأنهن يخفن الخروج قيد شعرة عن النمط الاجتماعي المرسوم .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما بعد نظام الأسد.. هل تُحكم سوريا بقبضة الميليشيات؟ | #التا
.. هل تعدد الأجندات الإقليمية سيكون سلبيا على الوضع بسوريا؟
.. مطار دمشق الدولي سيعمل خلال أيام
.. الصين تحظر تصدير المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة
.. نشرة إيجاز - رئيس الوزراء السوري الجديد يقول إنه كلف برئاسة