الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يطبق عليهن الحد!

احسان طالب

2006 / 3 / 9
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات


بعد مرور نصف عقد من الألفية الثالثة ما زال العديد من المفكرين و المفكرات و السياسيين و الكتاب ينظرون إلى قضية المرأة و مساواتها و مشاركتها السياسية المباشرة في العمل السياسي ترشيحا ً و انتخابا ً و حتى احتلالا ً لمناصب و مراكز سياسية و قيادة أحزاب أو منظمات، نظرة طوبائية طهرانية أخلاقية فاضلة مرتبطة بالأساس برسوخ فكر ذكوري سائد حتى لدى أولئك الذين يعدون من أنصار المرأة.
الصورة المجردة مرتبطة بالجمال و الجنس و السكينة – الزوجة – العطاء و الحنان و العطف و الحكمة – الأم – الحماية و الرعاية و الوصاية – الأخت و الابنة – و لم ترتق بعد تلك الصورة إلى اعتبار قيمة المرأة من منطلق إنساني مجرد من التوصيفات الاجتماعية و القوالب النمطية التي تحكم الموقف و القناعات عندما تثار مسائل الحقوق و المساواة.
و كما هو الحال في العديد من القضايا الإنسانية تراجعت النظرة الحقوقية و الحضارية للمرأة في بلداننا نحو الخلف رغم ما يبدو من مظاهر التقدم المادي و الإعلامي و الغريب أن المجال الأوسع الذي زادت مشاركة المرأة فيه هو ميدان الإعلام و فنون الغناء و التمثيل و إذا كان ذلك يعد بحد ذاته تقدما ً ملحوظا ً فإن الرؤية العامة لغالبية الرأي الشعبي العربي لا تنظر باحترام و تقدير إلى تلك الظاهرة بل و تعدها خروجا ً عن العادات و التقاليد و القيم.
و يعد ذلك نتيجة لتطور هيمنة و سيطرة المرجعية الثقافية و الاجتماعية و الفكرية للراديكاليين بانتماءاتهم الشمولية القومية و الدينية، فهذه السيطرة التي شملت كافة المؤسسات و البنى الثقافية و الاجتماعية كان لها أثر سلبي كبير في صنع الوجدان الجمعي للغالبية الانتخابية في الرأي العام العربي. و على الرغم من التقدم الملحوظ في العملية الديمقراطية و شروط تحقيقها و قواعد لعبها في كل من مصر و فلسطين و العراق، و بعض التقدم الطفيف في كل من الكويت و السعودية و أكثر منه بقليل في قطر و الإمارات من حيث مشاركة المرأة في الانتخابات ترشيحا ً و انتخابا ً و ممارسة للعمل السياسي.
إلا أن التطور المهم أيضا ً و الظاهر هو انكفاء الرغبة و الحماسة نحو التحرر و المساواة بين النساء أنفسهن و مطالبتهن بتطبيق الأحكام و القوانين و التقاليد التي تعيق و تعرقل المشاركة و المساواة الحقيقية الكاملة للمرأة في السياسة و الاقتصاد و المجتمع المدني.
فالسعوديات قدمن عرائض للملك عبد الله طالبنه بعدم السماح بقيادة السيارة للنساء و التشديد على أنظمة الفصل بين الجنسين في المدارس و الجامعات و العمل و حتى في المساجد و الصلاة، و الأردنيات بأغلبيتهن لا يمانعن و لا يعارضن أن يمارس الرجل حقه في تأديبهن و ضربهن إذا ظن أنهن خرجن عن طاعته أو تجاوزن حدود الأدب في علاقتهن بالرجال أزواجا ً و آباء ً و أبناء.
في برنامج حواري بث على قناة دريم الفضائية منذ أيام و تناول مسائل الزواج العرفي و الولادات الناشئة عن العلاقات غير القانونية أو الشرعية اعتبر الأستاذ الدكتور عميد كلية الشريعة في جامعة الأزهر أن الحل يكون مطابقا ً لما كان عليه الحال منذ خمسة عشر قرنا ً فقال الأستاذ: " أقول لها ارجعي حتى تضعي حملك ثم ارجعي حتى تفطميه " و أطال بعد ذلك في شرح فضيلة العفاف و الستر و الطهر الذي كان سائدا ً – و لا نعرف متى كان سائدا ً – و كيف أن الفساد الخلقي استشرى في هذه الأيام و لما تدخل المحاور بالسؤال التالي: إنها أربعة عشر ألف حالة يا أستاذ – في إشارة إلى عدد قضايا تثبيت النسب المرفوعة أمام القضاء المصري – فما كان من العميد سوى أن رد بعنف : " يطبق عليهن الحد! " و كما هو معلوم فالحد هو الرجم حتى الموت، فهن في نظره لا يستحققن الحياة. أما الطرف الآخر و هو الرجل هنا فليسس هناك من ضرورة أو حاجة لاستدعائه أو تحميله وزر عمله فالمرأة فقط هي المسؤولة عما ينتج من خلال علاقتها الآثمة رغم اشتراكه في الفعل و الإرادة و حتى أحيانا ً كونه المسؤول الوحيد لأنه قد يكون قام باغتصاب الفتاة رغما ً عن إرادتها و هي مع ذلك تعد زانية كما في القانون الباكستاني ما يسمى زنى الغصب أو زنى الجبر – راجع دراستنا عن إثبات نسب ولد الزنى (مراجعة للثقافة الدينية السائدة) –
و برغم من أن مظاهر التدين و التشدد و الالتزام غدت طاغية على مناحي الحياة في المجتمع المصري بما يؤكد التزام الغالبية الإسلامية من الشعب المصري بالتدين و إقامة الواجبات و الفرائض و البعد عن المحرمات، فإن حالات العنف لأسري المتبادل في ارتفاع و تزايد مضطرد حتى صارت ظاهرة مقلقة ينبغي التصدي لها مباشرة و البحث عن أسبابها و نتائجها و سبل معالجتها، و هنا نلحظ أن التوجيه الوعظي المنبري الذي تمارسه قيادات التيار الديني أتت أكلها باتجاه واحد حيث أصبح المجتمع أكثر ميلا ً للعنف و أكثر رغبة في إقصاء الآخر أو المختلف و لم تتمكن فضيلة التسامح بمفهومها الديني من تأليف المجتمع و زيادة اللحمة بين أفراده.
و إذا كانت القيود الاجتماعية و الدينية ما زالت تثقل النهوض بالمجتمعات العربية و تعيق تطور الحريات و المساواة على كافة الصعد فإن الاستبداد السياسي ما زال يلقي بظلاله القاتمة على مفاهيم حقوق الإنسان العالمية التي تعد حقوق المرأة جزءا ً لا يتجزأ منها. " إن تحقيق الديمقراطية يقتضي شراكة حقيقية بين الرجل و المرأة في إدارة شؤون المجتمع على قدم المساواة " – الاتحاد البرلماني الدولي.
" إن القيد السياسي على التنمية الإنسانية هو الأكثر وطأة و الأبعد إعاقة لفرص النهضة فيها " – تقرير التنمية الإنسانية العربية 2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان