الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلمة لاجئة سياسية

سليمان يوسف يوسف

2006 / 3 / 9
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات


لا جدال على أن (قضية المرأة) هي جزء لا يتجزأ من قضية الحريات والديمقراطية والتقدم والتحرر الاجتماعي والفكري في أي مجتمع. فهي قضية ترتبط بطبيعة الأنظمة السياسية الحاكمة وبوضع حقوق الإنسان، وبدساتير الدول وقوانينها خاصة قوانين الأحوال الشخصية.لكن يبقى لقضية المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية خصوصية معينة تنفرد بها عن باقي قضايا المجتمع،أنها (قضية إنسانية) بقدر ما هي (قضية سياسية)، كما أنها اشكالية اجتماعية وقانونية، شائكة ومعقدة ، ترتبط بالموروث الثقافي والديني والاجتماعي والأخلاقي والقيمي المتخلف للمجتمعات العربية والإسلامية في المنطقة ، حيث يحظر فيها الخوض في حقوق المرأة، وتعتبر من المناطق الحساسة والخطرة يمنع الاقتراب منها أو اختراقها.و تعد (المرأة) في هذه المجتمعات أكثر فئات وشرائح المجتمع عرضاً للاضطهاد والاستغلال والحرمان،حيث ينظر اليها الكثيرين على أنها كائن ناقص ونجس وتعامل معاملة (الحيوان) وهي مجرد حرمة لا وظيفة لها سوى الإنجاب وامتاع زوجها وسيدها الذكر وخدمته. وقد أورد المفكر والكاتب المصري(سيد القمني) مثالاً على تحقير المرأة في المجتمعات الإسلامية في مقال له (المرأة والتراث) نشرته مجلة روز اليوسف عام 1998، يقول فيه: ((تقطع صلاة المصلى المسلم اذا مر امامه اثناء الصلاة كلب او حمار او امراة.وفي هذا السياق نشير الى واقعة مهمة- أوردها الكاتب الليبي صادق النيهوم في كتابه (إسلام ضد الإسلام)، تحت عنوان ( المسلمة لاجئة سياسية) - تدور حول قراراً أصدرته الحكومة الكندية، قبل سنوات، بضم (المرأة المسلمة) الى خانة الفئات المضطهدة التي يخول الدستور الكندي منحها حق (اللجوء السياسي).وقد بدأ تطبيق هذا القرار بالفعل بمنح هذا الحق لـ(سيدة سعودية) كانت قد دخلت كندا ، قالت في إفادتها في المحكمة: بانها هاربة من (الإسلام) ومن التقاليد الإسلامية ومن النظام السياسي والاجتماعي السعودي الذي يضطهد المرأة ويحرمها من أبسط حقوقها الإنسانية ويصادر حريتها ويجعل حياتها جحيماً لا يطاق.أعتقد بأن هذه الواقعة تلخص واقع حياة ووضع المرأة الشرقية ليس في السعودية وحدها، وإنما في معظم الدول والمجتمعات العربية والإسلامية ، وإن بنسب متفاوتة من مجتمع لآخر.
لهذا يبدو طريق المرأة الشرقية نحو التحرر والحرية شاق وصعب جداً، ومعركتها شرسة، قاسية ومريرة، فهي تخوض حرباً مفتوحة على أكثر من جبهة و مع أكثر من طرف، في المنزل والشارع والمدرسة وفي مكان العمل ومع النظام السياسي والديني والاجتماعي وحتى الاقتصادي، إنها في مواجهة الحلف المقدس بين (رجال الدين، حراس الشريعة، فقهاء التخلف والجهل ومنظري الاستبداد الديني من جهة، وبين رجال السلطة، فقهاء القمع والاستبداد السياسي من جهة ثانية).وقد تابعنا في سوريا في الأشهر الأخيرة كيف قام العديد من خطباء المساجد وفقهاء التكفير والتخلف ومشرعي الاستبداد الديني والجهل الاجتماعي وأمام أنظار وتحت مسامع السلطات السياسية في سوريا، كيف قاموا بشن حملة هوجاء على بعض النساء في سوريا اللواتي بدأن يتنشطن في جمعيات ومنظمات نسائية مدنية للدفاع عن حقوق المرأة ورفع الغبن والاضطهاد عنها وسعيهن لتعديل القوانين العنصرية بحق المرأة، في مقدمتها قوانين الأحوال الشخصية الجائرة بحقها والتي تنتقص جميعها من الحقوق السياسية والشخصية والمدنية للمرأة السورية وتقلل من مكانتها ومن شأنها كإنسان في المجتمع.في النهاية تبقى قضية المرأة بالدرجة الأولى قضية تحرر : التحرر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والفكري والجنسي، التحرر من (النظام البطريركي) الأبوي، الذي فرض عليها (المجتمع الذكوري). ولا أبالغ القول: بان تحرر المجتمع ذاته وتقدمه مرهون ومتوقف على تحرر المرأة، إذ كيف يمكن لمجتمع أن يتقدم وينمو ويتطور ونصفه ( المرأة) مشلول، فكرياً واقتصادياً وثقافياً.
في ظل الأوضاع والقوانين والمفاهيم السائدة والمجحفة بحق المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية، من الطبيعي أن تبقى المرأة غائبة عن مسرح الحياة السياسية وعن مختلف أوجه العمل الحقوقي ونشاطات المجتمع المدني. وإن ظهرت هنا أو هناك فيكون حضورها ضعيف ومحدود جداً.وكيف للمرأة أن تأخذ دورها في الحياة، السياسية وتمارس العمل الحقوقي وتتنشط في مؤسسات المجتمع المدني وأن تدافع عن حقوقها وقضاياها وتنخرط في الشأن العام ونسبة الأمية بين النساء مازالت مرتفعة جداً في المجتمعات العربية والإسلامية.
أعتقد بانه من المهم جداً، في هذه المرحلة، أن تحول المرأة العربية والمسلمة يوم المرأة العالمي( 8آذار) من مناسبة للاحتفالات الرسمية لرفع الشعارات الرنانة والمزايدة في الدفاع عن حقوق المرأة الى مناسبة للاعتصام في الشوارع والساحات العامة احتجاجاً على وضعها المزري وعلى الظلم الذي يلحق بها ومن أجل تحطيم القيود التي قيدت بها ومن أجل تحريرها من السجون التي تقبع بها.ورفضاً لجميع قوانين التمييز العنصري ضد المرأة، قوانين دينية كانت أم مدنية. كحق الرجل في تعدد الزوجات والطلاق دون العودة الى الزوجة والورثة وغيرها. وخير هدية للمرأة في عيدها هي وقفة الرجل، الأخ والأب والزوج، الى جانبها والنضال معاً من أجل حريتها وكرامتها ومساواتها معه في الحقوق والواجبات، لأن كرامة وحرية الرجل جزء لا يتجزأ من كرامة وحرية المرأة.
سليمان يوسف كاتب سوري آشوري
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول إيراني لرويترز: ما زلنا متفائلين لكن المعلومات الواردة


.. رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية يأمر بفتح تحقيق




.. مسؤول إيراني لرويترز: حياة الرئيس ووزير الخارجية في خطر بعد


.. وزير الداخلية الإيراني: طائرة الرئيس ابراهيم رئيسي تعرضت لهب




.. قراءة في رسالة المرشد الإيراني خامنئي للشعب حول حادث اختفاء