الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداول السلطة السياسية بين المرأة و الرجل في ظل المجتمعات الإشتراكية و الشيوعية

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2006 / 3 / 9
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات


إن الحديث عن قضية المرأة يحيلنا إلى الدراسة التاريخية لتطور حركة الإنسان بصفة عامة و العلاقة بين الرجل و المرأة عبر التاريخ الطويل للحركة الإجتماعية و المراحل التاريخية التي تحكم هذه العلاقة و تتحكم في سيرورتها ، و من الطبيعي أن علاقة المرأة و الرجل التي نعيشها اليوم ليست وليدة هذا العصر بل هي نتيجة صراع مرير بينهما لم يتم حسمه بصفة نهائية ما دامت هذه العلاقة تعرف مدا و جزرا عبر المراحل التاريخية المختلفة ، خاصة تلك التي وصل فيها الصراع بينهما مداه و الذي يستهدف الإستحواد على السلطة المادية و المعنوية من طرف أحد الجنسين ، و قد قام علماء الإجتماع الماركسيون و خاصة منهم ماركس و إنجلس على تحديد هذه العلاقة عبر الصراع على السلطة السياسية خلال المراحل التاريخية التي مرت بها التكوينات الإجتماعية الكبرى التي طبعت تاريخ البشرية و هي أربعة مراحل أساسية .
المرحلة الأولى و هي أطول هذه المراحل التي بلغت فيها المرأة شأنا كبيرا باعتبارها المحور الأساس في حياة المجتمعات البشرية و المعروفة بعصر المشاعة ، تلك الحقب التاريخية الغامضة التي لا نعرف عنها الشيء الكثير إلا ما وصلنا عبر الدراسات الأنتروبولوجية و السوسيولوجية للمجتمعات البدائية خلال القرنين 19 و 20، من خلال دراسة ما تبقى من معالم الحياة المشاعية في المجتمعات القبلية التي تحظى فيها للمرأة بمكانة عالية في بناء هذه المجتمعات عبر سيرورة الحياة باعتبارها المسؤولة عن الإنجاب و استمرار الحياة ، مما مكنها من القدرة على تسيير الشؤون الإقتصادية و الإجتنماعية للمجتمعات البشرية و بالتالي امتلاك السلطة السياسية ، داخل مجتمعات يصارع من أجل البقاء ضد ما يهدده من أخطار خارجية تحتم عليه أفرادها التكتل و التجمع و العمل الجماعي الذي تعتبر فيه المرأة المحور الأساس .
خلال عصور المشاعة التي يمكن اعتبارها أرقى ما وصل إليه الإنسان في العلاقات الإجتماعية المثالية حيث الفرد يعمل لصالح الجماعة التي تعمل على حمايته من داخل الجماعة و لصالح الجماعة ، و كانت المرأة هي المؤهلة لقيادة هذا الصراع ضد الآخر/ الحيوان و قساوة الطبيعة بفعل مكوناتها البيولوجية و السيكولوجية التي تضعها في موقع المسؤولة على استمرار الحياة ، و في مجتمعات تعتمد على الجماعة في كل شاذة و فاذة نظرا لما تتطلبه تكنولوجية تلك العصور التي هي عبارة عن وسائل إنتاج بدائية ، تعتمد على العمل الجماعي أكثر من اعتمادها على الفرد الذي لا شأن له إلا من داخل الجماعة ، تلك هي حتمية الوجود في العصور الحجرية و ما قبلها و التي تحتم على الإنسان التعاون الجماعي من أجل البقاء و استغلال الطبيعة ، في هذه الظروف التي تؤسس لبناء المجتمعات البشرية كانت المرأة في قيادة السلطة السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و كانت أسعد المراحل التاريخية التي عاشتها البشرية.
و استمر الحال هكذا لملايين السنين اعتبرت فيها المرأة المكون الأساس في المجتمعات البشرية و التي منحتها السلطة في هذه المجتمعات المشاعية ذات البعد الإشتراكي العفوي ، و لم يتم التحول و الإنقلاب على نمط العيش المشاعي إلا عبر المراحل التاريخية المتقدمة من حياة البشرية بعد التطور الذي لحق وسائل الإنتاج ، عبر تطوير أساليب استغلال الطبيعة و مقاومة عدوه الحيوان و ذلك باستئناسه و تربيته و استغلاله كوسيلة من وسائل الإنتاج ، و هكذا تم توزيع الأدوار بين المرأة و الرجل حيث تقوم المرأة بالأشغال ذات طابع اجتماعي له علاقة بالإستقرار و التشبث بالأرض مما يحتم عليها البقاء في بقعة ذات حدود جغرافية محددة ، و أصبح عملها مزدوجا بالإشتغال بأعمال الفلاحة و تدبير شؤون البيت بعد بناء الأسرة بما في ذلك دورالأمومة التي تستغرق منها زمنا طويلا و معاناة ، و أصبحت حياة الرجل غير مستقرة حيث تتسم بالتنقل لمطاردة الحيوان بحثا عن الصيد و استئناس الحيوانات الذي يتم استغلاله كوسيلة من وسائل الإنتاج ، و أحدث اكتشاف المحراث الخشبي ثورة خطيرة في حياة البشرية و خاصة حياة المرأة التي سصبح فيما بعد وسيلة من وسائل الإنتاج يتحكم فيها الرجل و يستغلها ، و امتلك الرجل الأراضي و المواشي و استعبد الإنسان و ظهر أسلوب الرق الذي طال المرأة كعاملة و نشأت بوادر الإقطاعي ، الذي حول المرأة من موقع السلطة و القيادة السياسية داخل المجتمعات المشاعية إلى وسيلة من وسائل الإنتاج في النظام الإقطاعي تعرض للإستغلال المزدوج بالبيت و المزرعة.
و نشأ النظام الإقطاعي الذي تلعب فيه المرأة دورا هاما في الإنتاج كعاملة دون مقابل يذكر و تبوأ الرجل مكانتها في المجتمع ، و استولى على السلطة السياسي و للحفاظ على مصالحه عمل على بسط سيطرته بالقوة ، و امتلك وسائل الإنتاج و الأرض و سن قوانين الرق و الإستعباد التي توفر له السيادة على المرأة أولا و على الرجال العبيد ثانيا ، كل ذلك من أجل التحكم في الإقتصاد في مجتمع الأسياد و العبيد و ظهرت الفوارق الإجتماعية و الطبقية التي تعتبر فيها المرأة في الدرجة الدنيا حيث لا تمتلك القرار السياسي الذي انفرد به الرجل ، و أصبحت خادمة له بالبيت في أحسن الأحوال و خادمة بالبيت و الأرض في أسوئها بعدما فقدت مكانتها و إلى الأبد عندما نشأة الدولة و سنت التشريعات من طرف الرجل التي وضعتها في الدرجات الدنيا في المجتمع، و استمر الصراع بين المرأة و الرجل على السلطة السياسية التي تتحكم في الإقتصاد و الإجتماع لآلاف السنين من عمر النظام الإقطاعي الذي شرعن استعباد المرأة من طرف الرجل ، لكن هذا لا يمنع أن تقوم أنظمة اجتماعية في ظل النظام الإقطاعي في عصور متقدمة تبوأت فيه المرأة مكانة عليا في المجتمع حيث استطاعت الوصول إلى السلطة السياسية ، ذلك ما سجله التاريخ في العديد من المجتمعات البشرية في الجزيرة العربية مع مملكة سبأ باليمن و ما وصلت إليه الحضارة البشرية في تلك العصور و خاصة تنظيم الري ، و في عهود الممالك الأمازيغية بشمال أفريقيا و ما وصلته الحضارة الإمازيغية من تقدم خلال تلك العصور التي حكمت فيه المرأة من خلال ما حققته من نمط الإنتاج للأرض ، إلا أن الدراسات التاريخية لهذه المراحل تبقى جد ضعيفة نظرا لعدم وفرة الوثائق التاريخية لتلك العصور و لكن علاقات الإنتاج الموروث و التي ما زال بعضها قائما إلى اليوم في هذه المجتمعات تدل على تطور الأنظمة السياسية المؤسس لهذه الحضارات ، و أن المرأة لعبت دورا هاما في بناء هذه الأنظمة السياسية التي تعتبرجد متقدمة و هو دليل آخر على أن المرأة تملك القوة العقلية القادرة على تسيير شؤون المجتمعات و بنجاح.
هكذا نرى أن الصراع بين المرأة و الرجل يكمن في الصراع من أجل التحكم في الإقتصاد عن طريق الإستيلاء على السلطة السياسية التي تتحكم في جميع مناحي الحياة في ظل الآنظمة الإقطاعية المتعاقبة عبر التاريخ، و من أجل الإستمرار في السلطة عمل الرجل على استغلال عامل الدين كبعد أيديولوجي جديد من أجل التحكم في السلطة و خاصة في الأنظمة الإستبدادية التي تحالف فيها الملك و النبلاء و رجال الدين ، في ظل الحكم المطلق من أجل السيطرة على الموارد الإقتصادية عبر استغلال السلطة السياسية بسن تشريعات تعتمد على الدين و تضع المرأة في مقام الدونية قصد إبعادها عن السلطة لتسهيل استغلالها ، و قد لعب استغلال الدين في ظل النظام الإقطاعي ضد حرية المرأة دورا خطيرا في نزع السلطة من أيادي المرأة لانفراد الرجل بالحكم خلال آلاف السنين من عمر الإقطاع ، و الذي أوصل البشرية إلى مستويات خطيرة من الإستغلال و سلب الحريات باستعباد الإنسان للإنسان من أجل استغلال الثروات الطبيعية ، مما يدل على أن الرجل بانفراده بالسلطة عبر إبعاد المرأة عن الساسية لم يستطع تحقيق الأمن و الوئام بين المجتمعات البشرية ، حيث يخلق في كل مرحلة من المراحل التاريخية العصيبة صراعات يتم من خلالها سفك الدماء ، و في كل مرحلة من هذه المراحل يتم إشعال نار الحروب منذ قيام الدولة اليونانية و مرورا بالدولة الرومانية و الحروب الأهلية الأوربية و الحروب الكولونيالية وصولا إلى الحربين الإمبرياليتين العالميتين الأولى و الثانية و ما رافقها من الحروب اللصوصية والإرهاب المنظم للإمبريالية و الصهيونية بالشرق الأوسط اليوم.
و مع تطور الحركة الإجتماعية و الفكرية بأوربا و دخول عامل الصناعة في الميدان الإقتصادي طرأ تحول سريع في استغلال الأرض بعد مكننة وسائل الإنتاج الفلاحية ، و ظهور المدن الصناعية التي تضم ملايين العمال و تراكم الأموال في أيدي قلة من الرأسماليين ، ظهر النظام الرأسمالي الذي استغل العمال الزراعيين الفارين من استغلال الإقطاع بالبوادي و خاصة المرأة العاملة ، و ظهرت معه الطبقة البورجوازية التي استفادت من الإكتشافات العلمية التي توفر وسائل الراحة و الرفاهية و الإستغلال و راكمت الرساميل على حساب استغلال الطبقة العاملة ، و تعرضت المرأة مرة أخرى للإستغلال المكثف من طرف الرجل عبرالتمييز بينها و بين الرجل في مستوى الأجور و ساعات العمل و التعويضات العائلية و الأمومة التي تعرضها للطرد ، و رغم دور الأفكار البورجوازية في الدعاية إلى الحرية التي لعبت دورا هاما في تحرير الإنسان من ذل العبودية الإقطاعية عبر إطلاق مفاهيم البورجوازية ، التي تؤسس للدولة العصرية التي تحترم الحقوق المدنية و السياسية عبرالتمتع بالحريات الفردية كالإقتراع المباشر و الديمقراطية و تأسيس الجمعيات و النقابات و الأحزاب ، إلا أن نصيب المرأة في هذه التحولات تبقى ضئيلا إذ لم يتم اعتبار ما لحق المرأة من تميير عبر آلاف السنين من استغلال الرجل للسلطة السياسية و بالتالي الإقتصادية و الإجتماعية ، و بقيت مطالب المرأة تراوح مكانها في ظل المجتمعات البورجوازية التي حولتها إلى سلعة تباع و تشترى و يتم إبعادها من مراكز القرار السياسي .
لقد أدى استقلال الرأسمال للعمل إلى بروز التناقض بين البورجوازية و الطبقة العاملة بعد تنامي استغلال قوة عمل الطبقة العاملة من طرف الرأسماليين الذين يركضون وراء الربح ، و ظهرت الأفكار الأشتراكية بقياة ماركس و إنجلس اللذان وضعا الأسس النظرية و العملية للتناقض بين الرأسمال و العمل ، و ناديا إلى بناء المجتمع الشيوعي الذي ينتفي فيه استغلال الإنسان للإنسان و تنتفي فيه الفوارق الإجتماعية و الطبقية و دافعا عن حقوق العمال بصفة عامة و حقوق المرأة بصفة خاصة التي لايمكن أن تتحقق إلا بحسم الصراع لصالح لطبقة العاملة ، و كان لخروج المرأة إلى ميدان العمل بالمدن الصناعية أثر كبير في رفع وعيها بحقوقها و القدرة على الدفاع عنها و ذلك أولا عبر تحقيق الإستقلال الإقتصادي عن الرجل ، و ثانيا عبر محاولة تنظيم نضالها عبر الصراع من أجل تحقيق المساواة في العمل مع الرجل و كان للفكر الماركسي دور هام في الوعي بمطالبها و تحقيق جزء كبير منها ، و لم يتم ذلك إلا عبر تضحياتها و نضالاتها التي تم عبرها سفك الدماء منذ المظاهرات الأولى بالشوارع في 08 مارس بشيكاكو بأمريكا ، و دفاعا عن المساواة مع الرجل في قوانين العمل المجحفة في حقها تم الإعتراف لها بجزء كبير من المساواة في العمل مع الرجل و اعتبار 08 مارس يوما عالميا للمناداة بباقي حقوقها ، و التي ما زالت تناضل من أجل سيادتها و على رأسها تقاسم السلطة السياسية التي ينفرد بها الرجل في جل المجتمعات البشرية و حتى تلك التي تسمي نفسها ديمقراطية بالدول الغربية.
إن الحقوق السياسية التي تقرها جميع التشريعات و دساتير الدول و خاصة الديمقراطية تعطي للمرأة الحق في الممارسة السياسية و على رأسها الإنتماء إلى التنظيمات السياسية ، لكن تفعيل هذه القوانين في أرض الواقع يبقى غير ذي جدوى نظرا للهيمنة الذكورية على المسرح السياسي نظرا لطغيان الميز بين المرأة و الرجل الذي يتحكم في العقلية الذكورية السائدة في كل المجتمعات ، مما يجعل التنظيمات السياسية التي تعتبر القاطرة الأساسية للوصول إلى السلطة كائنات تهيمن عليها العقلية الذكورية و حتى تلك التي تعتبر نفسها تقدمية تجد المرأة صعوبة كبيرة في الوصول إلى القيادات الحزبية بداخلها، و نجد في أوج الحركة الماركسية في نهاية القرن 19 و بداية القرن 20 عدم استطاعة المناضلين الماركسيين التخلص من عقدة التميير ضد المرأة في التنظيمات النقابية و السياسية ، و رغم بروز نساء مناضلات تقدميات و منظرات ماركسيات أمثال كولونتاي و لوكسمبورك إلا أن امتدادهن في أوساط النساء يبقى ضعيفا نظرا لهيمنة الرجال على القيادات السياسية لعدم قدرتهم على بلورة مفهوم المساواة بين المرأة و الرجل، لهذا يتضح أن صراع المرأة من أجل السلطة السياسية يبقى مبتغى يصعب تحقيقه على المستوى المتوسط و البعيد إلا عبر صراع مرير لا بد من التضحية من أجله ، من طرف الرجل أولا الذي لا بد له من التنازل عن السلطة السياسية للمرأة و ثانيا من طرف المرأة التي لا بد لها من الصراع و النضال من أجل تحقيق هذا الحق ، و هكذا ظهر من ينادي بتنظيم المرأة في تنظيماتها الخاصة من أجل الدفاع عن المساواة مع الرجل إلا أن هذه التنظيمات تبقى جد ضعيفة أمام الهيمة السياسية للأحزاب المسيطرة على السلطة و كذا الطامحة للوصول إلى السلطة ، و التي تجعل من المرأة قاعدة انتخابية تتلاعب بأصواتها و تدوس بالأقدام حقوقها بالإضافة إلى هيمنة المفهوم بالبورجوازي لقضية المرأة الذي غالبا ما يسيطر على الفكر في تنظيماتها الخاصة .
من هنا لا يمكن الحديث عن إيجابيات إشراك المرأة في السلطة السياسية ما دام الرجل غير قادر على تداول هذه السلطة مع المرأة ، و ذلك بترويجه للمفهوم المزور لتداول السلطة عبر الديمقراطية المزورة التي يعمل الرجل عبرها على إبعاد المرأة مراكز القيادة داخل الأحزاب ، إن الصراع القائم اليوم على السلطة من طرف الأحزاب السياسية صراع مغشوش خاصة في ظل هيمنة الرأسمالية ، التي بلغت مستوى العولمة الإمبريالية التي تعمل على توظيف الدين في الصراع السياسي من أجل مزيد من الإستغلال المكثف للطبقة العاملة و للمرأة بصفة خاصة، إن بروز البعد الديني في الممارسة السياسية أصبح خطيرا على المكتسبات التاريخية للمرأة ، من خلال تحريف الصراع الطبقي بين الطبقات المسيطرة على السياسة و الإقتصاد و الطبقات الشعبية المسيطر عليها، و توظيف الدين في السياسة تحت الغطاء الإيديولوجي للرأسمالية و ترويج مفهوم صراع الحضارات يشكلان خطورة على تطور المجتمعات البشرية في اتجاه تحقيق المساواة بين المرأة و الرجل ، فبالرجوع إلى دور الكنيسة و توظيف الإسلام السياسي في إسقاط التجارب الإشتراكية بشرق أوربا و الإتحاد السوفييتي يتضح ما يمكن أن يلعبه الدين في ضرب حقوق المرأة و على رأسها المساواة مع الرجل ، حيث المنحى السائد الآن في الأنظمة سواء في الشرق أو الغرب هو حسم الصراع بالقوة العسكرية و الإرهاب المنظم للدول و الجماعات و توظيف الدين لهذه الغاية ، في ظل طغيان سياسية الهيمنة على الطاقة و تدمير الدولة الوطنية و اختراق الحدود الجغرافية و الثقافية .
إن أوضاع المرأة في ظل عالم حافلا بالحروب لا يمكن إلا أن يزيد في مدى استغلالها و إبعادها عن السلطة السياسية و تبضيعها و تسويقها في الأسواق التجارية الرأسمالية العالمية، و تبقى العقلية الذكورية سائدة و متمادية في هيمنتها على السلطة السياسية مع إشعال نار الحروب التي لا تنتهي و التي يتم فيها تعريض المرأة لأبشع أنواع الإستغلال ، و يتم فيها تكريس دونيتها و انتهاك حقوقها في ظل انتهاك حقوق الشعوب التواقة إلى السلم و الرفاهية بعد ظهور الوجه الحقيقي للرأسمالية المسؤولة عن إبعاد المرأة عن القرار السياسي .
و في المقابل لا بد من الحل الثالث بين التوظيف الدينى و الحضاري في الصراع و و إبعاد المرأة عن السلطة السياسية و هو ضرورة مناصرة الفكر الإشتراكي من أجل المجتمع الشيوعي ، التي لا يمكن من دونها الحديث عن المساواة بين المرأة و الرجل في حقها في تداول السلطة السياسية المدلول الحقيقي لتداول السلطة ، و الحل الثالث في الصراع المفتعل بين الغرب و الشرق هو بناء المجتمعات الإشتراكية من أجل الشيوعية تتداول فيه المرأة السلطة السياسية مع الرجل ، و بوادر ذلك قادمة فيما يمكن أن نلمسه في الحركات الإجتماعية بأمريكا اللاتينية التي بدأت تتناسل فيه الأنظمة الإشتراكية ، و هي تبعث روح المناضل الثوري تشي غيفارة الذي نثر يوما بذور النضال الشيوعي بدمائه على أرض الولايات الأمريكية اللاتينية الإشتراكية ، هكذا نبعت حركة الفلاحين الفقراء و المعدومين بدون أرض بالبرازيل ليصل أحد أبنائها العمال إلى السلطة السياسية عن طريق الديمقراطية الإشتراكية في الطريق إلى المجتمع الشيوعي بأرض غيفارة ، و الذي بدأت بوادره مع وصول الإشتراكيين إلى الحكم في فينزويلا و بوليفيا و الإرجنتين و مستقبلا المكسيك و دول أخرى و تعززت صفوفه بوصول إمرأة اشتراكية إلى الحكم في الشيلي لأول مرة في تاريخ الأنظمة الإشتراكية و رد الإعتبار لسيمون بوليفار و لتكون كوبا الصامدة معقل الشيوعية حافلة بنشر الحركة الإشتراكية بولايات أمريكا اللاتينية الإشتراكية ، التي أصبحت رائدة في مجال الحركات الإجتماعية و السياسية ضد المد الرأسمالي الإمبريالي المهيمن على المنطقة بالقوة العسكرية لأزيد من قرن من الزمان ، عملت فيه على إسقاط تجارب اشتراكية سابقة خلال القرن الماضي كمدخل لأسقاط المنتظم الشرقي الإشتراكي .
إن إشراك المرأة في السلطة السياسة أمر ضروري في حياة المجتمعات البشرية الإشتراكية و من أجل إنجاح هذه التجارب للوصول إلى المجتمعات الشيوعية ، حيث لا يعقل إبعاد نصف المجتمع عن المسرح السياسي البعد الحاسم في أي تطور يذكر و نتوخى من خلال ذلك التقدم و الرفاهية للشعوب ، إن تواجد المرأة في مراكز القرار السياسي أمر ملح في عصرنا هذا بعد النكسات التي عرفتها المجتمعات البشرية في ظل هيمنة الرجل و انفراده بالسلطة السياسية عبر آلاف السنين ، إن ممارسة المرأة للحكم أمر ضروري في مجتمعات بشرية تتوخى الإنعتاق من استغلال الإنسان للإنسان و بالإنسان كان الرجل المسؤولية الكبرى في هذا الأستغلال ، إن وصول المرأة إلى الحكم لن يتم إلا في ظل بناء المجتمعات الإشتراكية القاطرة التي تقلنا للوصول إلى المجتمعات الشيوعية التي ينتفي فيه الإستغلال و التمييز بين المرأة و الرجل ، إن الحديث عن تداول السلطة يجب أن يضع في أولوياته تداول السلطة السياسية بين النساء و الرجال في التظيمات السياسية الإشتراكية و الشيوعية في أول الأمر ، و في أثناء الوصول إلى السلطة السياسية و بناء المجتمعات الإشتراكية على طريق بناء المجتمعات الشيوعية التي يجب أن تتقاسم فيه المرأة السلطة السياسية مع الرجل في أفق سيطرة النساء على السلطة السياسية التداول الحقيقية ، كضرورة تاريخية لرد الإعتبار للمرأة عما لحقها من تجاوزات من طرف الرجل الذي أوصل العالم إلى ما هو عليه من تجاوزات و انتهاكات للحقوق ، إن الإنسانية لا يمكن لها التخلص من ويلات الحكم المطلق للرجال الذي تعيشه البشرية اليوم إلا بتداول السلطة السياسية مع النساء في ظل المجتمعات الإشتراكية لبناء المجتمعات الشيوعية.
تارودانت في : 25 فبراير 2006
امال الحسيـــن










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا تلغي حفل التخرج الرئيسي جراء الاحتجاجات المؤي


.. بالمسيرات وصواريخ الكاتيوشا.. حزب الله يعلن تنفيذ هجمات على




.. أسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً من مسيّراته خلال ح


.. أردوغان: سعداء لأن حركة حماس وافقت على وقف إطلاق النار وعلى




.. مشاهد من زاوية أخرى تظهر اقتحام دبابات للجيش الإسرائيلي معبر