الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتفوقون بالعمل !

حيدر سالم

2018 / 3 / 7
كتابات ساخرة


المتفوقون بالعمل !

كثرت المشاريع التي تتخذ المجال الالكتروني سوقاً لها ، ومنها تنطلق فئة الشباب بالخصوص ، وغيرها بصورة أقل ؛ للإنخراط بالعمل . المئات من المشاريع التي تتكاثر بإستمرار ، مع خدمة التوصيل بالطبع . مكتبات ، مطاعم ، تجهيزات أخرى من أكسسوارات ، و مواد تجميل ، الخ . شاهدت الكثير من المنشورات التي تبجل العمل ، وخلق النفس من الصفر ، وهذه الشعارات الرنانة ، و هذا بدوره يحيلنا الى ان الانترنت ، و وسائل التواصل الاجتماعي بالذات صارت سوقا جديدا ، يدرّ الربح الوفير على الشركات الكبرى .

ان النظام الرأسمالي يدأب على تحويل كل شيء الى مصدر ربح ، و تعمل على إشاعة الافكار البرجوازية على انها القانون السائد الذي خلقنا و جبلنا عليه ، و بالضرورة سيكون للعمل النصيب الاكبر منه ، فما أن يسألك أحدهم " انت تشتغل ؟ " و تجيب عليه " لا " سيقول لك " شبيك مو رجال ؟ " ، على أساس أن أصحاب رؤوس الاموال ، و الشركات الكبرى يعملون ؟ بينما هم يمتلكون النصيب الاكبر من الاموال ، فهل العمل مقياس للرجولة ؟ لكان صاحب أكبر دخل بيننا هو اكثرنا رجولة ، و اليكم ما تحدثا عنه ماركس و انجلس عام 1847 " ان أفكاركم نفسها ناتجة عن علاقات الانتاج البرجوازية و علاقات الملكية البرجوازية ، كما ان الحق لديكم ليس الا ارادة طبقتكم مخطوطة بشكل قانون " ، فلنا بعد هذا ان نتسائل ، قوانينا التي نحترمها أم قوانين الطبقة التي تسيطر علينا ؟

وكما اننا يضيرنا ان نطرد من عملنا الذي يكفينا حد الكفاف ، وحسب ماركس و انجلس ايضا ، ان اجر العامل يكفيه للحفاظ على نوعه ، اي للحفاظ على بقائه كعامل ، وهكذا ينطلق العامل الجديد الان ، ببرستيجه الزائف ليتفاخر ، انه صنع نفسه من الصفر ، باعلان ممول يلزمه ما يقارب 20-$- ، و بشراء مستحضرات من شركة كبرى بسعر الجملة للقطعة الواحدة حوالي 30-$- ، و المهم ان لا يتسلط عليك احد عزيزي العامل ، فانت تبيع من صفحتك الرسمية بالفيسبوك لا احد يصرخ بك و يقف على رأسك ، و لكنه يحددك ، يحدد كل مساراتك ، وما برستيجك الجديد الا تضليل بسيط تطور من ضرورة خلق سوقا جديد ، بالتالي خلق عاملاً جديد ، لان العمال منذ قيام النظام الحالي وهم يتذمرون من ارباب العمل المتعسفين ، و بالتالي لك ان تعمل بدون صراخ ، و لكن بالمسار الذي يخطوه لك ، و لا تتلكأ ، ادفع الاعلانات الممولة باوقاتها ، و حالما تنفذ البضاعة لديك سارع للشراء مرة اخرى .

ذكرت في مقال سابق ، ان السوق الجديد يمتلك آلية جديدة بالتعامل مع اصحاب رؤوس الاموال الصغيرة ، و سيكون إستغلالهم كعمال مع إعطائهم " بريستيج " زائف هو اللعبة الجديدة ، و لا تغفل الشركات الكبيرة الدور المهم الذي يلعبه أصحاب " نقاط البيع " ، فهم حلقة الربط مع المستهلك ، و لذلك يجب معاملتهم بما تمليه عليهم مصلحتهم ، بمعنى ، طالما لاصحاب نقاط البيع رؤوس أموالهم الصغيرة فهي تعطيهم المكانة التي تشبعهم و تغفلهم عن الواقع .

نحن في سوق جديدة ، تهدف مثل سابقاتها لتجييش اكبر عدد ممكن من العمال ، وخلق تزاحم العمال فيما بينهم ، ولكن الان بصيغ تلائم لون السوق الجديد ، فللسوق like , comment ، و الان لنتسارع لنكون مشهورين و نقول ، لقد خلقت نفسي من الصفر ، متناسين كل الذين ينامون تحت الصفر ، ونمضي ، لان الثقافة البرجوازية لا تحب الذي لا يعملون و يبقون في خط الصفر ، و اياكم ان تتسائلوا احبائي ، تفوقت بالعمل لأعمل على زيادة دخلي أم للحفاظ على نوعي كعامل ؟

و الان لنهتف : لقد تفوقت بالعمل !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا