الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متغيرات قيادية ، متغيرات استراتيجية

عوني المشني

2018 / 3 / 8
القضية الفلسطينية


ليس في اسرائيل فقط بل وفِي فلسطين ايضا الساحة السياسية مقبلة على متغيرات قيادية ، نتنياهو تلاحقه ملفات الفساد تباعا وأصبح في محشور في الزاوية ، حيث بات لا مفر من انتخابات مبكرة ، الرئيس محمود عباس تقدم العمر به وطالت فترة حكمه دون تجديد انتخابي وبات التغيير أمرا متوقعا ومطلوبا ، كلا الساحتين على موعد مع تلك التغييرات ، السؤال هل من المتوقع ان تحمل تلك المتغيرات القيادية متغيرات سياسية استراتيجية ؟؟!!!!!
في اسرائيل ووفق أغلبية استطلاعات الرأي فان الانتخابات القادمة سواء بوجود نتنياهو او بغيابه سيبقى اليمين الاسرائيلي في قيادة دفة الحكم ، وحتى لو افترضنا تغييرا فان قسما من اليمين سيكون في الحكم لان فوز اليسار الصهيوني يجبره على تحالف كهذا في ظل عدم إمكانية مشاركة العرب في الحكومة ، وبالتالي لا متغيرات جوهرية على سياسات الحكومة ، وسيكون الوضع بعد الانتخابات استمرار بطريقة او باخرى لما قبله .
فلسطينيا الوضع اكثر تعقيدا ، فشغور منصب الرئيس لأي سبب سيجدد حدة الانقسام - هذا اذا لم تكن المصالحة قد تمت - وستعين اللجنة التنفيذية او المجلس المركزي او حتى المجلس الوطني رئيسا مؤقتا لحين الانتخابات ، لن تعترف حماس بشرعية الرئيس والارجح لن تسمح فيما بعد بإجراء الانتخابات في غزة ، اسرائيل لن تسمح بإجراء الانتخابات في القدس ، حينها سيتحول المؤقت الى شبه دائم حتى شعار اخر ، الشعار الاخر إنهاء الانقسام او اتفاق مع اسرائيل او حرب تغير في الخارطة السياسية ، سيكون الرئيس في الموضوع السياسي وفق هذا السيناريو امتداد لسياسة سلفه الرئيس ابو مازن بتغييرات طفيفة هنا او هناك ، ربما ان كانت المصالحة قد تمت ان يتم التوافق على رئيس مؤقت ثم انتخابات سريعة ، وحتى الان هذا الاحتمال ضعيف الى حد كبير ، اما ان تفلت زمام الامور وتعم الفوضى فذلك احتمال ضعيف الى حد كبير جدا نظرا لحالة الوعي العالية لدى المجتمع الفلسطيني ونظرًا لمقدرة مؤسسات المجتمع المدني والفصائل الفلسطينية والشخصيات الاعتبارية على خلق اليات تنظيم للحالة ليس اقل مما كان الوضع اثناء الانتفاضة الاولى . لكن في كلا الحالات فان تغيرا جوهريا في السياسات سيكون أمرا مستبعدا في ظل انغلاق الأفق امام امتلاك أدوات تغيير كفاحية فاعلة .
المتغيرات القيادية لدى الشعبين لا تعكسان متغيرات سياسية استراتيجية ، هذا لا يعني ان إمكانية خلط الأوراق السياسية معدومة ، هذه الإمكانية واردة في ، والحالات التي يمكن ان يحصل فيها هذا الخط كثيرة ، حرب كبيرة وبغض النظر عن نتيجتها فان الفاتورة المؤلمة لهذه الحرب قد تؤدي الى متغيرات سياسية بها دلالات استراتيجية ، وإمكانية الحرب هذه تتعزز بشكل كبير حتى بات الكثيرون يعتبرونها حتمية . موضوع اخر قد يؤدي الى متغيرات سياسية عميقة الى مرحلة ان وجود السلطة الفلسطينية بحد ذاته لم يعد مصلحة إسرائيلية ، بعض قوى اليمين الاسرائيلية باتت تعتقد بذلك وبعضها يقترب من هذا الاعتقاد ولكن التيار المركزي في اليمين لا زال يرى وجود " سلطة ضعيفة " أمرا مفيدا لاسرائيل ، لا يعرف ما اذا ستصل القيادة السياسية الاسرائيلية لهذه القناعة ، لكن في موضوع كهذا فان للمؤسسة الأمنية العسكرية الاسرائيلية رأي قد يكون اهم من قناعات الأحزاب الاسرائيلية ، وهذه المؤسسة موقفها لا زال ثابتا باعتبار السلطة الفلسطينية مصلحة إسرائيلية . عامل اخر قد يؤدي الى متغيرات استراتيجية وهو متغيرات في وضع الإقليم والإقليم مرشح لمتغيرات كبيرة وعميقة اما لعوامل داخلية في كثير من الدول او لعلاقات دول الإقليم بعضها ببعض والتحالفات الناتجة ، لا يوجد في الإقليم ثابت الا المتغير ، فيكاد يكون الإقليم مرجل يغلي قابل للانفجار في كل لحظة ، هذا الوضع بالتأكيد سيقود الى متغيرات جيوسياسية كبيرة .
نحن اذن امام وضع فيه فيه من عوامل ثبات السياسة ما يوازي عوامل تغيرها ، الاحتمالات فيه مفتوحة في كل اتجاه ، بالتالي مطلوب من صانع السياسة الفلسطينية مستوى من الدقة اكثر بكثير مما في اوضاع عادية ، فادارة دفة التحالفات بما يكفل القضية الفلسطينية بعيدا عن الاستخدام كورقة مساومة بيد القوى الدولية والإقليمية ، هذه المهمة لن تكون سهلة ، خاصة ان الضغوط ستكون هائلة على صانع القرار الفلسطيني ليصنع سياسات بما تخدم تلك التحالفات ، وهذا ليس كل شيئ ، فموائمة الأهداف مع الأدوات مسألة في غاية الأهمية ، هذا لا يعني الهبوط بسقف الأهداف وإنما تطوير في الأدوات اولا ، وثانيا اعادة صياغة الأهداف بما يستطيع ان يجيب على متطلبات المرحلة ، ان نبل الأهداف وشرعيتها لا تكفي لتحقيقها فالأهداف النبيلة تحتاج الى أدوات نضالية ناجعة ، والمشكلة ان القيادة السياسية الفلسطينية لا تستطيع حينا ولا ترغب احيانا في أخذ " المغامرة " على هذا الصعيد اما لحكمة وبعد نظر أو لان لديهم كأشخاص ما " يخافون عليه " ، لكن على اَي حال فالشعب الفلسطيني دوما يجد الأدوات المناسبة ، وهو شعب مبدع خلاق في هذا المجال ، ولن يعدم " الوسيلة المناسبة " وصولا لأهدافه النبيلة ، للتذكير وليس للحصر ، فعندما اجترح الشعب الفلسطيني الانتفاضة عام 1987 كان العالم باجمعه يتطلع الى انهيار في أدوات الشعب الفلسطيني الكفاحية خاصة بعد خروج منظمة التحرير من لبنان عام 1982 ، وعندما اغلقت الابواب امام الكفاح المسلح لاسباب ذاتية وموضوعية ابدع الشعب الفلسطيني في المقاطعة وحولها الى حركة عالمية ذات تاثير مقلق بل وينذر بمخاطر حقيقية على اسرائيل التي فعلا انكشف وجهها العنصري البغيض ، والان ، حيث يبدوا من النظرة الاولى ان الفلسطينيين يفتقدون أدواتهم الفعالة فان ارهاصات توظيف أدوات جديدة في الصراع بدأت تلوح في الأفق ، فما طرح الدولة الواحدة الا مبشر على استخدام الديمغرافيا كعنصر فاعل في الصراع ، وقادم الايام يفعل هذا العنصر بشكل أشد تأثيرا ، ان المقاطعة اذا ما ترافقت مع طرح فلسطيني جديد قائم على مساواة في دولة واحدة سيجعل الفلسطينيين في موقف مختلف جذريا بل واصحاب اليد العليا في الصراع ولن يكون بدباباتهم وطائراتهم دور في حسم هذا الصراع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خطوة جديدة نحو إكسير الحياة؟ باحثون صينيون يكشفون عن علاج يط


.. ماذا تعني سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معب




.. حفل ميت غالا 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمراء


.. بعد إعلان حماس.. هل تنجح الضغوط في جعل حكومة نتنياهو توافق ع




.. حزب الله – إسرائيل.. جبهة مشتعلة وتطورات تصعيدية| #الظهيرة