الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رابعة .. 2 .. n hombre y tres mujeres .. 2 ..

هيام محمود

2018 / 3 / 13
الادب والفن


* المرأة الثانية :
_____________

نَقِيَّةٌ لم يُلوِّثْ عالمَهَا الجِنسُ وكلّ ما يتعَلّق بهِ من عُقَدٍ .. "مَلاكٌ" بشَّر الجَميعَ بالخلاص مِنْ عَالَمِ الحِسِّ , "مَسيحٌ" دُونَ عُقَدٍ أو دَجَلٍ أو بداوةٍ ..

تَقولُ : لمْ أَشعرْ لحظةً في حياتي بانجذابٍ "جنسيّ" تُجاهَ أحدٍ ذكرًا كانَ أو أُنثى .. عندما كنتُ صغيرةً لمْ أحلمْ بِـ "فارسِ أحلام" و "عائلة سعيدة" و "أبناء" , مع البلوغ وَجدتُ ذلك الدّم الذي يَخرجُ منِّي "لعنةً" غير عادلةٍ وعندما تساءلتُ وسألتُ لماذا "أنا" وليسَ "هو" و "هم" لمْ أَقبلْ الأجوبةَ التي سَمعتُ , وعندما فَهمتُ مع دُروسِ الأحياء الفَرْقَ بين جهازه وجهازي قلتُ عندما أَكبرُ سأَقطعُ "كل شيء" عندي "في داخلي" كي لا أَنزفَ ولا أَحملَ .. على عكس أَغلبِ الفتيات كانتْ "عادتي" - التي لم أَقْبَلْها يومًا - لا تَتَرَافَقُ بأيِّ آلام جسديّة لكنها كانتْ كل شهرٍ تُذكِّرني برغبتي في قطع "كل شيء" وبعدم اِكتراثي لأن أكونَ "أُمًّا" في يومٍ مَا ..

في سن السادسة عشرة , تَساءلتُ أخيرا عن "هويتي الجنسيّة" ولم أَجِدْ جوابًا شافيًا : كان كل الشبان يَرغَبون في علاقات معي وكان فيهم مَنْ لا "ينقصه شيء" ليُحَبَّ , لكني لم أَشعرْ بأيّ شيء تُجَاهَهم , وكنتُ أَكْتَفي بأن يكونوا أصدقاء لا غير .. على النات اِكتشفتُ الـ LGBT Community , وَفَكَّرتُ أنّي ربّما أكونُ مثليّة لكني وما إنْ رَأيتُ مقطعًا فيه اِمرأة تُقبِّلُ اِمرأةً عَدَلْتُ عن الفكرة تماما .. لكنّي رأيتُ ذلك جميلا مثل اِمرأة تُقَبِّلُ رجلا دُونَ أيِّ فرقٍ بين الإثنينِ : جميل عندها "هي" ليس "أنا" , مثل الأطفال الذين أُحبّهم لكن عند "الأخريات" وليس عندي "أنا" .. رُبّما رأيتُ نفسي غَريبةً عن الأخريات أو مُختلِفَة لكنّي لَمْ أَرَ نفسي يومًا "مريضة" أو "يَنْقُصُنِي" شيء ولم أَشعرْ بأيِّ رغبةٍ في أن يكون عندي "Boyfriend" كصديقاتي أو "Girlfriend" في الفترة التي قُلتُ فيها أنّي ربّما أكون مثليّة .. في نفس تلك الفترة اِكتشفتُ AVEN ( https://www.asexuality.org/ ) فوَضعتُ الاحتمال أن أكونَ "لاجنسيّة" لكنّي قلتُ ربّما مع الوقتِ سأتغيَّرُ لكنِّي .. لمْ أتغيَّرْ , وفي التاسعة عشرة تَيَقَّنْتُ أخيرًا مِنْ "هُويَّتِي" التي تَأَكَّدَتْ أكثر وأكثر مع السنين : "El sexo no es para mí" ولا يَعْنِي لي شيئًا كالتدخين عندَ غَيرِ المُدخِّنين أو كاللّحوم عندَ النّباتيين ..

في صائفةِ التاسعة عشرة وبعد إتمام سنتها الجامعية الأولى , تَعَرَّفَتْ عَبْرَ النات على المرأة الأولى .. كانتْ رغم لاجنسيتها تَشْعُرُ دائما أنّها أقربُ للنساء منها للرجال .. المرأة الأولى كانَتْ المثليةَ الوحيدةَ التي "قَبِلَتْ" بِـ "صَدَاقَةٍ" معها , الجميع بمُخْتَلَفِ "أنواعهم" داخلَ الـ LGBT Community رَفَضُوهَا .. تَوطّدَتْ صداقتهما حتى صارتا تُمضيانِ معًا أغلبَ وقتهما وكانتْ دائمًا ما تُمازِحُ صديقتَها المثليّة وتقول لها "إيَّاكِ أنْ تُحبِّينَنِي فلا أَملَ لكِ معِي" فتُجِيبُها أنّها لا تراها إلا كصديقةٍ مُقَرَّبةٍ من قلبِها بالرغم منْ أنَّها كانتْ تُفضِّلُ لو أنَّها كانتْ أَقَلَّ .. جَمَالًا . اِلتَقَيَتَا آخرَ أيّامِ الصّيفِ , أمضيتَا طوال اليوم معًا وقبل أن تَتَفَارَقَا قالتْ الثانية للأولى : لا أُرِيدُكِ أن تَغِيبِي , أُرِيدُ أن تكوني حَاضِرةً دائمًا .. أجَابَتْهَا أنَّها لنْ تَستطيعَ السيطرةَ على مشاعِرها تُجاهها وأنَّها لا تَضْمنُ الالتزام بالصداقة التي اِتَّفَقَتَا عليها منذُ البدء , صارحتها أنها لمْ تَستطعْ تَصْدِيقَ وُجُودِ هذا التّوَجُّه الجنسي الذي يُسَمَّى "لاجنسيّة" وأنَّها تَرَاهُ "مَرْحَلةً" ستنتهي في وَقْتٍ مَا لا محالة , وخَتَمَتْ أنه من الأفضل لهما أنْ تَتَوَقَّفَ الأمورَ عندَ ذلكَ الحدّ وأن تَبْقَيَا على اِتِّصَالٍ من حين لآخر لكن ليسَ كَمَا سبقَ .. نَزَلَ كلامها على المرأة الثانية نُزول الصاعقة , وعندما عَادتْ إلى منزلها حَزنتْ وحَزَّ في نفسها كثيرا موقفُ صديقتها الذي لم تَقْبَلْهُ حَتَّى .. بَكَتْ . يومها تَساءلتْ عن مُستقبل حياتها العاطفية وعن اِستحالة وُجُودِ رَجُلٍ يَقْبَلُ حَيَاةً معها دُونَ جِنْسٍ , الصديقة المثلية رفضت أن تستمر معها فكيف الحال بالرجال .. الأمل الوحيد يَبْقَى أنْ تَعْثرَ على رَجُلٍ يَحْملُ نفس هويتها وهو أمل تقريبًا "مستحيل" لنُدْرَةِ وُجُودِ مَنْ هُمْ مثلها أوّلا ولصُعوبةِ أنْ يَحْصُلَ أحدٌ على اِهتمامها وكم بالأحرى "حُبّها" الذي لم "يَنَلْهُ" أحدٌ حتى تلك اللحظة .. كَمَا كَانَتْ تَظُنّ .

الأيام التي تَلَتْ ذلك اللقاء الوحيد , أمضتها الثانية تنتظر أيّ "علامة حياة" من الأولى لكن دونَ جدوى .. لم تَستطعْ الاتصالَ وبقتْ تنتظر .. بعدَ أسبوعٍ تَساءلتْ عن "سلوكها" الغريب , طوال اليوم تنظر إلى التليفون والكمبيوتر علها تَجدُ شيئًا ! الاهتمام المُبالغ فيه جعلها أولا تُلاحِظ أنّ ذلك لم يَحْصُلْ قطّ معها من قبل وثانيا تُعيدُ التفكير في "هُويَّتـ" ـها التي عاودَتْهَا الشُّكوك بشأنها بَعدَ ذلك الأسبوع , وعندما عادتْ للقائهما وقَارَنَتْ بَيْنَ ما صَدَرَ منهما لم تَجِدْ أيَّ فَرْقٍ , تذكّرَتْ أنها كانتْ طُول الوقتِ مفتونةً بابتسامتها ورِقَّتها اللتين لم تَرَ لهما مثيلا أو ربّما رَأَتْ لكنّ تلك الابتسامة بالذات وتلك الرّقّة بالذات كان صداهما مُختلِفًا .. تَذَكَّرَتْ كل الليالي التي أمضتاها معا حتى الصباح دون أن تَمَلَّ من رفقتها بل كان أول شيءٍ تقوم به عندما تستيقظ من النوم هو الاتصال بها .. قالتْ في نفسها أنّ كلّ تلك الأوقات السعيدة التي مَضَتْ لا يمكن أن تنتهي هكذا بغباءٍ ودُون مُوجِبٍ .. تَذكَّرتْ أيضا أنّ صديقتها قد قَطَعَتْ مسافة خمسمائة كيلومتر لتَراها وبالرّغم من ذلك لمْ تَتَّصِلْ بها عندمَا غادَرَتْ لتَطمئنَّ أنها قد وَصَلَتْ إلى منزلها بِـ .. ــسَلَامٍ وخَيْرٍ وَلَامَتْ نفسها كثيرًا وخَجلَتْ مِنْ تَصَرُّفِهَا المُشينِ ذاك .. لم تكن "قلة الذَّوقِ" عادتها بل كانتْ دائما مثالا لسرعةِ البديهةِ وحُسْنِ التصرُّفِ لكن غَابَ كل ذلك عنها يوم اِلتَقَيَتَا .. في اليوم الثامن , صار الأمر عندها لا يُحْتَمَلُ وقَالتْ أنّها لنْ تستطيعَ الانتظارَ لحظةً أخرى على أَمَلِ أن تَتَّصِلَ صديقتها فاِتَّصَلَتْ هي ..

بَعْدَ اِنتهاءِ الاتّصال , ذَهَبَتْ مُباشرة إلى الكمبيوتر لتَرى الصُّورَ التي أَرْسَلَتْهَا لها صديقتها قبلَ لقائهما والأخرى التي التُقِطَتْ وهُمَا مَعًا يَوْمَ اللقاء .. بَكَتْ وهيَ تَنْظُرُ للصّور والحوار القصير الذي دَارَ بينهما عندما اِتَّصَلَتْ لا يزال يَدُورُ بِبَالِهَا .. أوّل شيءٍ قالتْهُ عندما اِتَّصلتْ : لا أَقْبَل ! .. أجَابَتْهَا صديقتها : لا تَقْبَلِينَ ماذا ؟ .. رَدّتْ : أُرِيدُ أنْ نَعُودَ كَمَا كُنَّا .. أَجَابَتْهَا : عندمَا كُنتُ صَغيرةً لم أكنْ أَعْلَم مَتَى يَجِبُ أنْ أَتَوَقَّف وقد تألّمْتُ كثيرًا بِسَبَبِ ذلكَ , اليوم كَبرْتُ وتَعلَّمْتُ , أتمنَّى لكِ حياةً سعيدة , لا تَنْسيني لأنِّي أبدًا لَنْ أَنْسَاكِ .. وقَطَعَتْ الاتِّصال .

في الأيام التي تَلَتْ ذلك اليوم , تَساءَلتْ المرأة الثانية كثيرًا مُسْتَعينَةً بقراءاتها على النات , وعندما طلبتْ رأي ونصيحة AVEN كان الجَوَابُ أنَّها تُحِبُّ صديقتها المثليّة التي تُبادِلُهَا الحُبَّ وأنّ عليها أنْ تَتَجَاوَزَ التَّجْرِبَةَ كَكُلّ لأنّها بِلَا أَمَل .. واصلتْ المواجهة فوجدتْ أنها أول مرة تُحبّ وصديقتها تلك كانتْ "أوّل حُبّ" .. "أوّل حُبّ" "أُنثوي" .. كانَتْ "واقعيَّةً" , لمْ تَنْفِ حقيقةً عَاشَتْهَا لكنّها لمْ تَتْبَعْ الأوهام التي لا تَجْلِبُ إلا الآلام وأضغاث الأحلام كَـ "الثالثة" .. المرأة الثالثة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي