الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعزي البريكان في موسم اضحية الطوائف

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2006 / 3 / 10
الادب والفن


منذ ان صحا الوسط الادبي والثقافي العراقي على فجيعة ذبح الشاعر البريكان في نهاية شباط من عام 2002 ونحن نستحضره مقترناً بجدل لاينقطع عن القيمة الحقيقية لابداعه الشعري وعن مبررات عكوفه وانزوائه وزهده عن النشر والاضواءواخيرا لغز موته المحير كرواية بوليسية غامضة الملامح والوقائع ولم يدر بخلد اي منا ان نصنفه طائفيا اوتلمس اثار ذلك في قصائده المبعثرة والمتباعدةهنا وهناك.
ومنذ ذلك الوقت ونحن نستحضر هذا الجدل بغض النظر عن موقف الواحد منا من هذه الاسئلة وذلك الجدل ولكننا متيقنون ان البريكان يستحق اكثر من الوقوف عند بوابات هذه الاسئلة وتلك الاستفهامات بما يهئ لنا فهما ومدخلا لعوالمه الابداعية الغامضة والمكشوفة معا.
ولكن الجديد هذه المرة ان الذكرى الدموية لهذه الاضحية الشعرية تختلط وتذوب مع فجيعة جماعية من ضحايا الهوس الطائفي وحمى القتل على الهويات للدرجة التي يبدو فيها استذكار ذبيحتنا الشعرية في هذا الوقت استفزازا لتلك الاضحية الجماعية التي تستمر بنزيفها اليومي لتؤشر من جديد غربة الشاعر عن واقعه وغربته في موته الذي لن يعبأ به الآخرون كثيرا.
ومن هنا يكتسب استذكار البريكان هذا العام تلك النكهة الدموية الجماعية لتذكرنا بموسم جديد لنحر الشعراء افتتحه البريكان لشعراء ناجون من هلاك الفاشية وينتظرهم الان موت تنذر به حمى الارهاب وهوس الاحترابات الطائفية وغياب تقاليد الثقافة الوطنية التي اكتشفها المبدع العراقي متاخرا وهاله هذا الاكتشاف الذي جعل البعض منا ينقب في جنسيات الادباء الموتى الطائفية وحتى الاحياء منهم الذين سارعوا للبحث عن موطء طائفي لاشعارهم الجديدة وبراءة من ديوان الوطن القديم الذي لم يعد صالحا في حرب الطوائف هذه.
وجدت هذا المدخل تمهيدا معقولا لاستذكارالبريكان وسط هذا الخضم والهوس ويخفف لحد ما من غرائبية هذا الاستذكار ولربما شذوذه نوعا ما واكسابه منطقية ومشروعية.
غاب البريكان في متوالية من الغياب الشعري والجسدي ليثير وحده ودون سواه من الشعراء العراقيين غبارا من الاسئلة والشبهات لم تتوقف حتى هذ ه اللحظة.
عن النص المسستتر والغائب من اشعاره.... عن نثرياته وآرائه واهتماماته..عن مشهده اليومي الذي يرسم ملامحا لكائن شعري مفتون بالموسيقى ومستغرقا في الصمت البوذي.
ومزيد من الاسئلة التي لم تجب عنها حتى الدراسة المهمة التي قام بها الباحث والشاعرعبد الرحمن طهمازي والتي صدرت عام 89 عن دار الاداب .. ولا الملف الذي نشرته مجلة الاقلام لمرديدي الشاعر وحرره الراحل رياض ابراهيم.
كما لايجيب عن ذلك ديوانه(متاهة الفراشة) الذي اعده الشاعر باسم المرعبي والصادر عن دار(نيبور) للنشر في السويدعام 2003.
والاهم من هذا كله حسب وجهة نظري الاسباب الحقيقية لعزلته التي لم تكن قطعا اختيارية فهذا الكائن الشعري المفتون بالموسيقى والمأخوذ بشناشيل البصرة اثر العزلة في مرحلة استيلاء العصابات السياسية على الحكم ولم تبق للمبدعين حيزا لائقا الا الصمت االذي يشيرلاعتراف الشعراء الكبار بلا جدواهم في معارك السلطة.تقاطع البريكان مع سلطة الحرس القومي ونأى قبلها عن المعركة الايديولوجية للاحزاب فاتخذ الصمت تكتيكا حاذقا لعبور الواقع الى مدينة الشعراء التي يحلم بها. يعتقد بعض المقربين من التجربة البريكانية واسرارها الابداعية بان هذه العزلة كانت وراء اسطرة الشاعر الذي جعلت من هذه التجربة تبتعد شيئا عن الدراسة النقدية العلمية التي تضعها في الموضع الذي تستحقه دون زيادة او نقصان.
واخيراهل كان عبثا ان (14) قصيدة من قصائده ((اغاني العزلة) هي عبارة عن رؤى متنوعة للمصير المجهول والموت حسب استنتاج ذكي لزعيم نصارومن هذا الاستنتاج الدرامي هل سيكف موسم الاضحيات الشعرية والانسانية.
وهل ان جماعات ومؤسسات الابداع الجديدة قادرة للدفاع عن هذه الاضحيات؟
التي غادرت حياتها وهي لاتعرف من اي طائفة اتت وان رصيد خلودها يكمن في نكهة الوطن المغروس فيما انجزته وابدعته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي: -أكفان كروننبرغ- على البساط الأحمر


.. فنان أمريكي يُصدر أغنية بصوته من جديد بعد أن فقد صوته بسبب س




.. -الكل يحب تودا- فيلم لنبيل عيوش يعالج معاناة الشيخات في المغ


.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل




.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة