الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهو سر اعتراف الصنم بجرائمه

لميس كاظم

2006 / 3 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


في هذه المقالة سأبدء من نهاية الجلسة الرابعة عشر وليس من بدايتها لما أثارة خاتمة الجلسة زوبعة أعلامية كبيرة. إذ وقف الصنم أمام القاضي وطلب منه حق الكلام بعد أن أعلن القاضي إنتهاء الجلسة، مذكرهُ بأنه قد وعدهُ بذلك. مما أخجل القاضي فأعاد أعمال الجلسة وإستمع لأقواله.
إبتدأ الصنم حديثه بأية قرانية مؤكداً أنه لا يقصد الاشارة لأي عراقي لكنه يقصد أصدقاء الأمس، اصحاب المشروع الديمقراطي الحالي، الذين غدروا به وسلبوا منه كرسي الحكم بالقوة. كان يسمعهم حديثه بطريقة معاتبة على قاعدة المثل القائل أضربك يا كَنّتي وأسمعك با جارتي. وهنا يدين الصنم نفسه من جديد فلو كان يحمل ذرة من الوطنية لحاول ان يدرء هذه الكارثة التي كلفت العراق دمرا هائلا وعشرات بل مئات الالوف من الضحايا. هذا الخطاب القومي الفاسد غرضه واضح ومنطلقاته باتت مرفوضة.

بعد هذا الخطاب البائد أكد أنه ليس صغيراً الى حد الخوف من الاعتراف بجرائمه. روى بلسانه حادثه إغتياله بطريقة توحي بأن كل ما أقترف من جرائم في الدجيل هي حالة الدفاع عن النفس، إذ قال....أن موكبه تعرض لضرب بالرصاص من رشاشات دوشكه وقد نفذ الرصاص لسيارات موكبه وحتى لسيارته لكن الرصاص لم ينفذ اليه. كم كانت الصدفه لعينة وانقذته من الموت المحقق.
ثم استرسل بكل وقاحه يشرح ألية تنفيذ حفل الاعدام والتهجير والتعذيب الجماعي حين أكد...لذلك انا الذي امرت بتشكيل اللجان وأنا من وقع على قرارات حكم محكمة الثورة بإعدامهم. والأكثر وقاحه حين قال...لم يجبرني احد على التوقيع فعليش تطلبون من الاخرين الاعتراف بالجريمة؟ بل تجرء أكثر من ذلك، حين تبحج قائلاً...بانه في وقت الصعاب صدام لا ينهزم من تحمل المسؤوليات وانا المسؤول الأول عن كل ما جرى...ثم أسترسل أكثر في ادانة نفسه...سيادة القاضي! عليش تبحثون عن الجاني وفي أيديكم وثائق تثبت بتوقيعي بأني أنا المسؤول الأول عن كل القرارات المتعلقة بحادثة الدجيل. مبرراً ذلك أنه وقع على قرارات الاعدام للدفاع عن نفسه وأنه لم يجرف الاراضي بيده القذرة لكن هو من اصدر الاوامر بذلك. موضحاً بأن ما يسمى بمجلس قيادة الثورة يمتلك الحق في مصادرة الاراضي في كافة انحاء العراق.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه! ماهي الخلفيات التي قادت الصنم للاعتراف بهذه الجرائم؟
كان ابرزها هي أدلة المدعي العام التي قدمت في الجلستين الاخيرتين والموثقة بخط يده مع ملاحظاته الشخصية كذلك توقيع اخيه وديوان رئاسة الجمهورية ومجلس قيادة الثورة ومحكمة الثورة. كل هذه المؤسسات الصنمية متورطة في هذا الجرم اللاأنساني. وهنا لا يمكن ان ينكر توقعه وملاحظاته مثلما فعل الباقين.
كذلك عرض شريط الفيديو، المسجل، لوقائع الجلسة الحزبية، التي تثبت طرق قمع أنتفاضة 1991 في البصرة، إذ أشاد المجرم حسن عبد الغني عبد الغفور بنجاح أستنساخ تجربة تجريف اراضي الدجيل لقمع الثوار في البصرة وكانت هذه التجربة مفيده وأدت الغرض المطلوب. جاء حديث الصنم في الأجتماع المذكور وبصوته الرديء...بأن لو كانت أرضي الدجيل منبسطة وخالية من البساتين والاشجار لما أستطاع أحد ان يضرب موكب الرئيس. هذا هو اعتراف ثاني بصوته، في هذه الجريمة، بعد اعترافه الأول بالصوت والصورة في الدجيل في يوم الحادث. لكن بهذا الأعتراف يؤكد ان تجريف اراضي الدجيل جاء على حيثيات محاولة إغتياله وليس كما ادعى بأنها مصادرة قانونية مستندة لقرارات مجلس قيادة الثورة وتم تعويض المالكين.

كما أصيب المتهمون الثلاثة علي دايح وعبد الله كاظم وأبنه مزهر، بالهلع والتخاذل وسعوا بمحاولات حثيثة للتبرء من تقاريرهم الحزبية الخطية التي رفعوها الى أجهزتهم الحزبية والامنية. جاء حديثهم متطابقاً ويحمل نفس التبريرات الكاذبة، إذ شككوا بخط الرسالة ونكروا توقيعهم ونفوا وجودهم في يوم الواقعة ونكروا صلتهم بسعدون شاكر وبقية الأجهزة الأمنية.
برر المجرم على دايح بأنه طالب دراسات عليا وانه يذهب صباحاً الى الجامعة ويعود الساعة السادسة مساءاً. ونحن نعرف جميعاً ان هؤلاء الجهلة قد هيمنوا على المراكز الأكاديمية والعلمية بدون ادنى مواصفات علمية وبالتالي لم ينتظموا كما يجب في الحضور والدراسة. ثم أتسم حديثة بالمناجاة الأنسانية حين أكد بأن اغلب المعدومين هم طلبته وكيف يجوز للمعلم أن يعدم طلبته. ماهذه الأنسانية المفرطة التي يتحلى بها هؤلاء القتلة؟

اما الهرِم عبد الله كاظم فبالأضافة الى نفية للتقرير وصلته غير التنظيمية بالمتهم سعدون، كذلك نفى وجوده في يوم الحادثة كونه كان في مهمة حزبية في الموصل. إذ كان مسؤول عن تدريب الجيش الشعبي من الفترة 1| 3 ـ 1| 12 | 1982 ولم يعد إلا في الأجازات الأسبوعية. لكن الاعتراف سقط منه سهواً حين قال انه كان في يوم الحادث متواجداً في الدجيل في أخر أيام أجازته اسبوعية. وبذلك يكون قد أثبت وجوده في مكان وزمان الحادث.

لكن سخرية القدر تفضح جهل المجرم مزهر عبد الله حين أهان نفسه من خلال هذا التقرير بأنه كان طالباً، فاشلاً، ولم يكمل الصف السادس الابتدائي ولا يجيد هذه اللغة المتقنة والمثقفة التي جاءت في التقرير. وهذا الأعتراف يعكس بحد ذاته كم كانت دولة الصنم قرقوشية وهشة لتنصب رجالاً اشباه اميين في مناصب دولة مهمة. ولن نستغرب من هذا صحة أدعاءه بهذا المجال فقط. فالأدلة والشواهد كثيرة وأبرزها تبوء عامل الثلج المجرم عزة الدوري لأرفع مركز في دولة الصنم كذلك أستأزر العريف علي كيماوي في عدة وزارات عسكرية ومدنية والقائمة تتسع لعشرات من قيادات الصنم السابقة. لكن هذا التبرير غير مقنع. فالكل يعرف بأن لكل من هؤلاء الجهلة زمرة مختصة، مثقفة، لكتابة التقارير الحزبية والخطابية وأولهم الصنم نفسه. فالمجرم مزهر عبد الله يلتم حوله زمر مثقفة تكتب له ما طاب من الكلمات المنمقة في هذا التقرير الذي سيصل الى رب نعمتهم، لذلك يجب ان يكون هذا التقرير على درجة عالية من اللباقة الادبية والصياغة النحوية لانه سيخاطب صنمهم الاوحد، هبل. خاف المجرم مزهر أن ينكر وجوده في يوم الحادث لانه مسؤول عن بدالة الدجيل للأتصالات ومن غير المعقول أن يلغي عمل بدالة التلفون في يوم زيارة صنمهم الاوحد وكذلك من غير المنطق أن يقفلها أو ينقلها الى مكان ثان لذلك لم ينفِ وجوده.

كما جاء أعتراف سعدون شاكر، وزير الداخلية السابق، ليفتح مجالاً جديداً لأعترافات لاحقه للموقوفين ال 55 وغيرهم مما قد يسبب انهيارات حزبية ورفاقية وفضائح ليس لها اول ولا أخر، وقد تهين جبروت الطاغية. وخصوصا بعد ان طالب المدعي العام بتحويله من شاهد الى متهم ليدينه ويدخله دائرة الموت السريعة.

كل هذه الأسباب وغيرها دفعت بالصنم لأن يصلب طوله من جديد ويضخ شحنات من المعنويات المكسورة أمام أقزامه السبعة. كان لابد له أن يرفع من حماسهم المنهار ويشد عزمهم المتراخي لغاية أنتهاء الجلسات المقررة لهذه القضية، وإلا فإن اي أنهيار لأي قزم من اقزامه السبعة سيؤدي الى انهيارات جديدة قد تخلل موقعه. لذلك كانت خطابات الصنم وأخيه تتحدث بلغة الجماعة ولغة رفاقية وأحترامهم في المخاطبة لصنمهم الأوحد في محاولة لشحذ الشجاعة وضبط النفس. وهنا طلب الصنم من القاضي ان يسجل كل الجريمة بإسمه في محاولة لسد كل الحجج التي تدين الاخرين ولإسدال الستار على الجريمة. وهذا مخالف لكل حديثه السابق. فقد شاهدناه في الجلسات السابقة، مستميتاً في نفى التهم الموجهة اليه بل وتواقح لحد الصراخ والمراوغة لأثبات براءته من الجريمة وأنه كان انسانياً، متسامحاً، خاصة عندما أطلق سراح المعدومين الاثنين وشملهم بمكرمته الكاذبة. لكن اليوم عاد وغير تكتيكه بالكامل بناءاً على الأدلة الدامغة بالصورة والصوت وبتوقيع اليد.

أعتقدَ الصنم بعد هذه الادلة بأن أعترافه هذا، قد يسدل الستار عن الجريمة، وسيعفي البقية من المسؤولية الجنائية لكنه اخطأ هذه المرة أيضا. فهو أعترف انه أصدر الأوامر الى مؤسساته القمعية وبذلك يكون قد ثبت الجريمة اولاً لكن للجريمة جانب أخر هو تنفيذ تلك القرارات. إذ تم تنفيذ هذه الجرائم على يد أجهزة المخابرات ووزارة الداخلية والجيش الشعبي وأدارة سجن ابو غريب ومديرية أمن الدجيل والمثنى وبذلك يكون الصنم قد أدخلهم كلهم في دائرة الاتهام المباشر للجريمة وقدم خدمة مجانية للمدعي العام بأن يتخذ من أعترافه منفذاً قانونيا لشمول البقية بالجريمة وأهمهم الجزار برزان الذي أدين بتصفية 46 من الموقوفين تحت التعذيب. وبهدا يكون الصنم فقد اقفل على رفاقه المنافذ القانونية لتبرئتهم من الجريمة.
بهذا الأعتراف يكون الصنم قد لف حبل المشنقة حول نفسه وحول رقاب رفاقه، الأصنام السبعة، ايضا ليختصر الطريق والوقت أمام المحكمة والمدعي العام. وبذلك ينطق علية المثل الشعبي الدارج...جيت ده تكحلها عميتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال