الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شخصية البطل صراع الذات والموضوع في رواية -صراع الثعابين- لأحمد الجنديل

حيدر جمعة العابدي

2018 / 3 / 14
الادب والفن



شخصية البطل صراع الذات والموضوع في رواية "صراع الثعابين" لأحمد الجنديل.
من المؤكد أن النص الأدبي له روابط وثيقة بالبنية الاجتماعية، لكن الحديث عن نوعية هذه الروابط والعلاقات يستلزم منا الانتباه الشديد من إقامة تماثل صارم بين النص ومحيطه الاجتماعي بشكل ينسخ الواقع المباشر بما هو كائن ،وإنما ينبغي معاينة هذه الروابط والعلاقات في نموها وتطورها الموضوعي والفني – أي النظر لها وفق ديالكتيك تطورها ونموها تبعا لمعطيات النص التكوينية، وهو ما سيكون أطار بحثنا عن تحولات الشخصية في رواية إمبراطورية الثعابين للمؤلف أحمد الجنديل ،الصادرة عن دار تموز للطباعة والنشر ،2017،بصفحاتها (205) . الرواية ذات بنية أجناسية مركبة، أي تعتمد التداخل الاجناسي ما بين جنسين هما؛ السرد الاعترافي الذي يقوم على جعل الذات بؤرة سردية للمناطق المخفية أو المسكوت عنها في الواقع الذي يمثل الموضوع المراد استبطانه نقديا وفضح واتهام ما يختبئ خلفه من عناوين الفضيلة والتدين وشعارات الزهد والفساد الأخلاقي واستغلال للسلطة ، وبين جنس السرد السير ذاتي الذي يعتمد مضامين وتحولات الذات من الداخل ،القلق ،وردود الأفعال اتجاه الحياة وما يحدث للبطل بشكل تفصيلي بغض النظر عن صيرورة هذا الواقع الخارجي القيمي والأخلاقي أو السعي لتغيير الواقع من حوله .
شخصية البطل :
الرواية بمجملها تدور حول شخصية بطل(ساجدة) قررت وبشجاعة خلع رداء عفتها لفضح كل أشكال الدعارة المقنعة بأقنعة الدين والأخلاق والسياسية.
عند التقرب من ملامح شخصية البطلة (ساجدة خليبص شرهان البركان ) للتعرف على توتراتها وانفعالاتها، ورغباتها بالحياة، نجدها شخصية طرية وذكية، وناضجة تتفتح للحياة ،لكنها تحتاج إلى طريقة مغايرة ومختلفة عن السائد لتنمو وفق لحظات أساسية أنموذجية تتطلبها نوعية الحياة من حولها على الرغم من طبيعة وظيفتها التي تتطلب نزع رداء العفة ، لذا تمر بأدوار طبيعية , ولادة ،طفولة ،دراسة ، زواج ،قيادة ، وهو تطور إنساني طبيعي إذا ما تجاهلنا الجانب القيمي والأخلاقي الذي يقيد الشخصية، بل ويميت وجهة نظرها اتجاه واقعها ،وهو ما أجاد في نحته الجنديل في صورة ساجدة كرمز يتشظى دلاليا ليصل إلى عمق مضمراتنا النفسية والاجتماعية والثقافية (إلى ساجدة البركان ، زارتني في الحلم ، نفضت ثيابها بين يدي ، وهاجرت عارية نحو الشمس)ص5 .
تطور الأحداث:
الرواية بمجملها بدءًا من (ص10) إلى نهايتها تقوم على الاعتراف كثيمة رئيسية تتطور من خلاله أحداث الرواية التي تبدأ بالرغبة ،واللذة وتنتهي بالطمع ،والصراع حول السلطة (معلقة أنا بين صنارة الرغبة في الاعتراف ،وبين مصيدة الخوف من الفضيحة ،وبين الاختباء وراء العيب المغشوش داخل المستنقع) . جاءت صياغة معمارية هذه الأحداث وفق نمطية الصراع المصاحب للتداعيات والتناقضات النفسية والسلوكية للشخصيات لكشف أزماتها الداخلية القابعة في قاع اللاوعي، وهو ما أنعكس بشكل دقيق وواضح على صورة البطلة بأبعادها الثلاثة ،(الوظيفة) الفنية، و(السيكولوجية) أقنعة الشخصية ، و(الثقافية) التواصلية والتداولية. حيث تنمو هذه الأبعاد وتتضح ألوانها مع اتساع مساحة الاعتراف وما تصاحبه من أحداث وكما يلي :
أولا – صورة البطل ( الفنية) تنشطر هذه الصورة فنيا إلى نصفين؛ الشخصية الظاهرة ساجدة البركاني الفتاة الاجتماعية التقليدية التي تنشط وتتفوق في دراستها ،وتخاف على عفتها وتخاف على سمعة أسرتها ، والشخصية المضمرة ساجدة التي تمارس البغاء في السر وتستغل أنوثتها للوصول وكسب المال وهو ما جعل منها شخصية كاريزمية تتمتع بمزايا رمزية وواقعية قادرة على تفسير وفضح طبيعة ثعالب السلطة وحراس الفضيلة، لذا تسرد اعترافاتها لتثأر لعفتها المباحة وتفضح واقعًا ظلت ترزح تحت سطوة الفساد والاستغلال الديني والقيمي فيه المسكوت عنه وهي صورة تتشكل وفق حركة زمن الأحداث داخل الرواية، أي الذهاب للماضي بكل إحداثه القذرة "كذب، خيانة ، استغلال ،صفقات مشبوهة" ومن ثم العودة للحاضر الراهن رغبة في إعلان البراءة منه عن طريق خطاب الاعتراف الذي يوجه أصابع الاتهام المباشر وغير المباشر لنوعية الواقع المعيش .
ثانيا- صورة البطل (السيكولوجية) صراع الأقنعة "رولا، همسات، فيان ،سوزان" وهي شخصية ساجدة المركبة نفسيا من عقد اجتماعية ونفسية ضاغطة، وهو ما يفجر بداخلها الرغبة في ممارسة لعبة الأقنعة للاحتيال على الواقع بالمتمردة والإباحية والمادية الجامحة والتي تعتمد فيه على منطق سائد يعتمد المال مقابل اللذة، لتحقيق الخلاص الذاتي عبر انفصام وقطيعة مع الماضي، لذا تمارس الدعارة سرا في بيوت المسؤولين المتنفذين اقتصاديا وسياسيا (جنان ،طارق ، سليم ، سميع السامون) .من أجل المال والسلطة (الوجه القبيح والكاذب الذي يرفع شعار الأخلاق والعفة لتمرير أمراضه النفسية) .
ثالثا – صورة البطل (الثقافية) التواصلية والتداولية كخطاب مرسل لكشف حقيقة ما تود قوله وإيصاله الشخصية إلى حيز التلقي العام الذي تنتهي عندها الأحداث لتبدأ من جديد دكتورة ساجدة سيدة الأعمال والسياسية صاحبة الحسب والنسب والجذور التاريخية المعروفة والمرموقة ،وهي صورة تتشكل على أساس منطق ثقافي اجتماعي يخضع لاشتراطات الواقع الثقافي السائد الذي يعتمد على منطق المال مقابل السلطة والاستحواذ، وهي صورة نجدها مرتبطة بشكل جذري بموروثاتنا الثقافية والاجتماعية تتناسل عبر الماضي لتنضج في الحاضر وتتحكم بزمام المستقبل عبر هوية مختلفة تتشكل بإطارات متعددة "دين، عشيرة ،قومية ، طائفة، عرق ،عائلة" لترسم لنا شكل علاقتنا بوطن فقد عذريته ونقاءه بفضل طمع وجشع أبنائه .
فنية السرد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان بولندي يحتج وحيدا أمام السفارة الإسرائيلية في وارسو


.. أحمد بدير وإدوارد يؤديان واجب العزاء في زوج الفنانة بدرية طل




.. برغم إصابة قدامها الفنانة وفاء عامر تقدم واجب العزاء في زوج


.. الفنان السوري باسل خياط: فخور كوني سورياً.. وحتى الآن لا أصد




.. الفنان السوري باسل خياط لـ-العربية-: تعرضت لمحاولات كثيرة من