الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فئران قارضة للحياة !

جلال نعيم

2006 / 3 / 10
الادب والفن


لست " فأراً قارضاً للكتب " مثل رفيق زوربا او سيده ، ولكن القراءة " عندي " حالها كحال الكتابة : تأتي مثل سيل هادر ، ثم لا يتبقى منه غير قطرات لا تبلّل – ولا حتى - ورقة "كلينكس" ! ليعود ثانية ، فيما بعد ، في موسم لا تحزر متى سيأتي ..

العراق والولايات المتحدة !

في العراق ، حيث نشأت ، كان القرّاء يختارون واحداً من ثلاثة : الأدب / الدين اوالسياسة .. أما الصحافة ، التي يفترض أن يكون فيها ، على الأقل ، شيء من كل شيء ، فقد كانت اربع او خمس صحف يوميّة تشبه صحيفة واحدة بعدة طبعات .. ومجلة واحدة !
أميركا أكثر اتساعاً ، طبعاً ، وأعنف إختلافاً : فتضاف للمحاور الثلاثة ، التي تنقلب حسب الاولوية الى : السياسة / الدين / الأدب .. سيل من الاهتمامات بالصحة ، الطبخ ، الرشاقة ، البزنس ، النجارة والتجارة .. وغيرها ، وغالباً ما تحتل كتب المشاهير والفنانين وما يكتب عنهم الصفوف الاولى من المبيعات !
ولا يكتسب الأدب نفس تلك الأهمية المركزية عندنا ، رغم ان قراءه بالملايين أيضاً ، بحكم عدد السكان ( 300 مليون نسمة ) والقدرة الشرائية العالية لعامة الناس ، لذا غالبا ماتكون هناك ميزانية ما لشراء الكتب ، خاصة تلك المتوفرة في مختلف الاسواق الغير متخصصة ببيع الكتب ، أما كتب الاطفال والقصص المصورة فتعتبر ضرورة تأتي مع كل طفل جديد ..
لهذا أصبحت الكتب "صناعة" ، حالها حال السيارات او السينما او ألأسلحة ..!
وأما الصحف فكثيراً ما يصعب حملها لشدة ثقلها وإمتلاءها بالاعلانات والملحقات !
ولعل أفضل تعليق عن المجلات جاء على لسان أحد "الكوميديين" حين قال : " كل ثلاثة ، في أميركا ، يشتركون بهواية محددة ، تصدر لهم مجلة .. مجلة خاصة لمحبي المشي مثلاً "مجلة المشائين" ، والتي يمكن ان تجد موضوع الغلاف فيها : كيف تمشي ؟ .. تقدم خطوة ثم أخرى ..ثم بعدهما خطوة وهكذا ..!


مازلت طفلاً..
سألتني إمرأة أميركية مرة :
" منذ متى وانت تعيش هنا ؟"
" أربع سنوات .."
ضحكت : " أووه .. مازلت طفلاً (baby) في الولايات المتحدة !"
هكذا اصبح لي عمرا اميركياً ، ورحت أعد أعوامه ، متوازياً مع "عمري" العراقي .. وما دمت كذلك ، فقد بدأت اتهجى عمري الجديد في مكتبات مسقط رأسي الثاني : هنا .. الآن لدي حصيلة لا بأس بها من القراءات : غرام بأشعار تشارلس بوكوفسكي .. واشتراك اسبوعي مع "النيويوركر" ، وشهري مع مجلة "شعر" التي تصدر من شيكاغو .. وبضع عشرات من صفحات الانترنت بات من الصعب العيش من دونها .. !

"عصر القراءة "
لا أعتقد بأن "القراءة" يمكن ان تعترف بقوانين البيولوجيا : أن تولد ، تكبر ، ثم تشيخ وتموت .. على العكس ، فها هي مصادرها تتنوع ، وفروعها تتشعّب ، بما يغني احياناً ، أو ما يسمن في أحيان أخرى حدّ الترهل ، ولربما هي الآن بحاجة الى "دايت" أو عمليات "التخسيس" !

"جريدة لكل إنسان "
لا لكي يقرأها .. وانما ليكتبها ويعمل بنفسه على تحريرها .. وهذا هو الأسم الحركي لمنظمة "البلوغرز" (صفحات كتابة الآراء والملاحظات واليوميات على شاشة ألأنترنت ) ، والتي فاقت ال60 مليونا لحد ألان ، ولا شك بان مَن يكتب لابد ان يقرأ ايضاً .. او يطل على جيرانه في الشبكة على الأقل ..
إنها صحافة الأفراد والبيوت تغزوا كومبيوتراتنا .. ايها ألإخوة .. ولن يقنعنا أحد مقاومتها باسم : مقارعة العولمة !

".. وادٍ آخر"
هذا في وادي (العالم) ، أما في وادينا الآخر (العربي) ، فاننا ما زلنا في مرحلة التطور المتراكب والمزدوج ، حيث تحاول العصور الغابرة ، والأنماط المتقولبة ، التعايش مع إستخدام التكنولوجيا كمنجز لايحتاج كبير جهد الى استخدامه .. وفي الوقت نفسه نعاني من مراهقة إستهلاكيّة ، مراهقة فكريّة ودينية وعقائدية .. هذه المراهقة التي لا تناظرها غير شيخوخة أنظمتنا وحكامنا الذين منحوا أنفسهم صكوك الحكم على رؤوسنا وحياتنا .. والى الأبد ..! الا أن للتطور بوصلة لن تخطئها الخطوات أبداً .. هذا ما لا أشك فيه .. أبداً ايضاً ؟!


" وأخيراً .. خسارة !!!"
يوم انتهيت من قراءة رواية "ماركيز" (مائة عام من العزلة) ، أول مرة ، هتفت في داخلي : خسارة .. ان يوجد انسان ، يحيا ويموت من دون ان يقرأ هذه الرواية .. متعة خارقة ، سامية وعميقة ، ولا يمكن تعويضها ..
ثم رحت أعدّ الكتب / الخسارة أن لا نحيا فيها او معها فلم تصل العشرين ، وقد كانت فرحتي عظيمة ، يوم أمس ، إذ أضفت لها رواية جديدة : "صورة يوسف" للكاتب العراقي "نجم والي" .. هكذا .. وجدت لها مكاناً بكلّ محبّة ، وبلا أدنى شعور بال..خسارة !


جلال نعيم
لوس أنجلس / كاليفورنيا
1/29/2006
* مساهمة في استفتاء مجاة "المسار" العمانية حول "انقراض القراءة" في العالم العربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا


.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور




.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان


.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل




.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين